الجمعة 12 نيسان (أبريل) 2013

الشهيد ميسرة أبو حمدية والشرارة المتوقعة

الجمعة 12 نيسان (أبريل) 2013 par علي بدوان

بالأمس ودع الشعب الفلسطيني الشهيد اللواء ميسرة أبو حمدية، شهيد الصمود في معتقلات وزنازين الإحتلال الصهيوني، وودع من قبله العشرات من شهداء الحركة الأسيرة في فلسطين، كان منهم مؤخراً الأسير فتحي الزقوت من حركة فتح، الذي انضم إلى رفيقه الشهيد عرفات جرادات من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الذي سبقه بأيام في الاستشهاد في معركة الصمود داخل زنازين ومعتقلات الإحتلال “الإسرائيلي” ومازالت حياة عدة عشرات منهم مهددة الآن ومنهم حياة الأسير المقدسي سامر العيساوي.

فالحركة الأسيرة في فلسطين تحوّلت إلى عنوان كبير في الصمود الوطني الفلسطيني، وفي تحدي ومقارعة الإحتلال، وفي هذا الوقت بالذات حيث تَعُمُ اضرابات الجوع ومعارك الأمعاء الخاوية كل المعتقلات الصهيونية داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948.

ميسرة أبو حمدية، واحدٌ من أولئك العمالقة الذين دوّخوا سلطات الإحتلال وجلاديه داخل سجونه خلال عقد ونيف من زمن وجوده في سجون الإحتلال، وواحدٌ من الرجال الأفذاذ الذين حوّلوا المعتقلات والسجون الصهيونية إلى أكاديميات لتخريج الكوادر السياسية والتنظيمية لعموم القوى والفصائل والحركة الوطنية الفلسطينية، وفي اكتساب المئات منهم العلم والمعرفة وتَعَلُم اللغات.

ميسرة ابو حمدية، الذي استُشهِدَ وهو يحمل بسحنته العربية الفلسطينية شموخ جبال الخليل وجبال الجليل في الشمال الفلسطيني، وجبال القدس، وجبال كنعان في نابلس، لم يكن باستشهاده عنواناً لحركة فتح أو لفصيل من الفصائل، بل كان يَحمِلُ على جبهته وهامته عنوان القضية الوطنية التحررية العادلة للشعب العربي الفلسطيني، فَدَفَعَ روحه وحياته بسخاء شديد على طريق فلسطين الحرة.

المسألة لاتتوقف هنا عند استشهاد ابن مدينة (خليل الرحمن) القائد الفتحاوي اللواء ميسره أبو حمدية والذين سبقوه من شهداء الحركة الأسيرة في فلسطين، بل تمتد نحو العنوان العريض المتعلق بوجود نحو ثمانية آلاف فلسطيني وأسير عربي مازالوا حتى الآن في سجون الإحتلال، وقد قضى المئات منهم زهرات شبابهم وأعمارهم منذ ما يقارب من ربع قرن من الزمن ومازالوا حتى اللحظة أسرى وراء القضبان. فلم تشفع لهم عملية التسوية ولا إتفاقيات أوسلو، ولاحتى المناشدات والجهود الدولية في إطلاق سراحهم ورفع يد القمع عنهم. فسلطات الإحتلال تعمل وفق تكتيك (الباب الدوار) فما أن يخرج عددٌ من الأسرى بحكم انتهاء محكوميتهم كما أقرتها المحاكم الصهيونية الجائرة حتى يجري اعتقال أعدادٍ موازية أو أكثر من شباب فلسطين من جديد.

إنه تكتيك (الباب الدوار) الذي أكَلَ من أجساد وأعمار ومستقبل الآلاف المؤلفة من أبناء وشباب وشابات الشعب الفلسطيني وحتى أطفاله وراء القضبان والزنازين، حيث بَلَغت أعداد من تم اعتقالهم أو توقيفهم في سجون الإحتلال منذ العام 1967 نحو تسعمائة ألف مواطن فلسطيني، عدا فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 والذين نالتهم يد العسف والقمع الصهيوني.

تكتيك (الباب الدوار) فضحه الرئيس الراحل ياسر عرفات عندما أعلن بعد إتفاق أوسلو الأول واشتقاقاته أن حرية الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الإحتلال هي فوق كل القضايا والعناوين، فهي توازي قضية الأرض، لأن الأسرى هم ملح الأرض الفلسطينية. وأن عملية التسوية برمتها لا تستقيم ولايمكن لها أن تستمكر نحو خواتيمها دون تحريرهم وإطلاق سراحهم دون شروط.

في هذا السياق، إن استمرار زحف غول الاستيطان الاجلائي التهويدي الصهيوني فوق عموم الأرض الفلسطينية وخاصة في منطقة القدس وداخل أحيائها السكانية العربية المسيحية والإسلامية، وهبات السجون واضرابات الأسرى، وتصاعد عمليات المد الكفاحي الوطني الفلسطيني في مواجهة الإحتلال وسياساته، تمهد الآن لاندلاع شرارات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى القادمة. فالاحتقان يتراكم كل يوم بانتظار إندلاع الشرارة التي ستحرق الأرض تحت أقدام الإحتلال، فالوضع الفلسطيني في الداخل يزداد احتقاناً فوق احتقان كل يوم وكل ساعة، ويعتمل على مرجل من الغليان المتواصل على ضوء الإنسداد الكامل والعملي لأفق عملية التسوية في المنطقة، وخاصة على مسارها الفلسطيني/الإسرائيلي، وعلى ضوء تصاعد عنف الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وسيادة منطق الصلف والغطرسة عند قادة “إسرائيل” وعموم التشكيلات الحزبية والسياسية في الدولة العبرية الصهيونية التي بدا فيها المشهد واضحاً مع نتائج جولة الإنتخابات التشريعية الأخيرة، مع إرتفاع منسوب سياسات اليمين واليمين المتطرف بشقيه القومي العقائدي والتوراتي، خصوصاً وان لاوجود حتى الآن لمؤشرات ملموسة، ولو محدودة، تشي بأن هناك انطلاقة جديدة لدور الأميركي متوازن في مسار عملية التسوية في المنطقة بالرغم من حملات “التطبيل والتزمير” التي رافقت زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة للمنطقة وقد انتهت تلك الزيارة إلى لاشيء في الواقع العملي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 32 / 2165366

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165366 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010