الأحد 14 نيسان (أبريل) 2013

انهيار البنوك الفلسطينية يطيح السلطة والمعونات عاجزة..!

الأحد 14 نيسان (أبريل) 2013

تعتبر سلطة النقد الفلسطينية نقطة مضيئة نادرة في اقتصاد الأراضي الفلسطينية الذي يعاني تحت وطأة العقوبات ا«لإسرائيلية».فهذه السلطة التي تفرض على البنوك الفلسطينية نظاما متحفظا للإقراض يبقي القروض الرديئة عند أدنى مستوى ممكن ويضمن توافر السيولة.

غير أن كفاءتها تواجه حقيقة صعبة ألا وهي تعرض البنوك لديون بقيمة نحو 2.5 مليار دولار مستحقة على الحكومة وموظفيها وشركائها من القطاع الخاص تمثل أكثر من 20 بالمئة من إجمالي أصول البنوك.

ويقول رئيس سلطة النقد الفلسطينية جهاد الوزير مازحا “غرفتنا مرتبة ومنظمة تماما ولكنها قد تكون على متن السفينة تيتانيك.”

وأبلغ الوزير أن البنوك وصلت إلى أقصى ما تستطيعه من الإقراض للحكومة. وجهاد الوزير هو ابن خليل الوزير الزعيم الفلسطيني البارز الذي اغتاله الإسرائيليون في تونس عام 1988.

والتوقعات الاقتصادية للفلسطينيين في الضفة الغربية محدودة بالقيود الإسرائيلية على التجارة وتعتمد الحكومة الفلسطينية بشدة على المساعدات الخارجية والائتمان المصرفي لتغطية نفقاتها.

وارتفعت الديون العامة المستحقة لبنك فلسطين وبنك القدس وبنوك أخرى تشرف عليها سلطة النقد إلى أكثر من مثليها في نفس الفترة. وبلغ العجز في ميزانية الحكومة 1.3 مليار دولار بما يزيد على 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومما قوض أيضا قدرة الحكومة على دفع نفقاتها الشهرية البالغة 300 مليون دولار حرمانها من رسوم جمركية بقيمة 100 مليون دولار تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية شهريا حيث حجبتها إسرائيل كعقوبة للفلسطينيين بعد حصولهم على اعتراف فعلي من الأمم المتحدة بدولة فلسطينية في نوفمبر تشرين الثاني.

ورغم الصعوبات الاقتصادية أظهرت اختبارات تحمل لبنوك تشرف عليها سلطة النقد أن النظام المصرفي لا يمكن أن ينهار إلا في سيناريو كارثي يشهد إقبالا هائلا على سحب الودائع مصحوبا بتوقف شبه كامل للقطاع الخاص.

وقال صندوق النقد الدولي إن رأس المال الأساسي للنظام المصرفي الفلسطيني - وهو المعيار الرئيسي لقوة البنوك - بلغ 24 بالمئة من إجمالي الأصول العام الماضي وهي نسبة عالية بشكل ملحوظ. وتتراوح نسبة رأس المال الأساسي للبنوك الأوروبية المتعثرة بين سبعة وعشرة بالمئة بينما تبلغ نحو ثمانية بالمئة لدى البنوك الإسرائيلية.

وتقل نسبة القروض المتعثرة في البنوك الفلسطينية عن ثلاثة بالمئة من إجمالي القروض ومازالت نسبة الديون إلى الودائع لديها أفضل بكثير من نظيرتها في الأردن وإسرائيل.

فنظرا لعدم تعامل البنوك الفلسطينية مع المنتجات المالية المعقدة مثل المشتقات وعزلتها عن الأسواق المالية العالمية إلى حد كبير نجحت هذه البنوك في مواجهة الأزمة المالية العالمية عام 2008 دون أن يلحق بها ضرر يذكر.

ويرجع الفضل في حيوية البنوك الفلسطينية أيضا إلى مكتب الائتمان القوي التابع لسلطة النقد الذي يرصد الديون المشكوك فيها وينصح بتجنبها.

والمادة المرفقة توضح قدم هذه الشكوك التي باتت حقيقية

- المساعدات الدولية ومستقبل السلطة الفلسطينية- بقلم
نبيل السهلي

برزت خلال الآونة الأخيرة أسئلة عديدة حول قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على الاستمرار في قيادة شؤون الأراضي الفلسطينية، نظرا لعجزها عن دفع رواتب الموظفين من جهة، والقيام بتنمية حقيقية من جهة أخرى.

وتؤكد دراسات مختلفة أن السياسات الاقتصادية الإسرائيلية أدت إلى سيطرة إسرائيلية كاملة على أهم مقدرات الاقتصاد الفلسطيني، كما أبقت اتفاقات أوسلو وما تلاها من اتفاقات اقتصادية الأبواب مشرعة لربط الاقتصاد الفلسطيني بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي ولمصلحته.

وهو الأمر الذي أوقع السلطة الفلسطينية التي أنشئت عام 1994 في شرك المساعدات الدولية والابتزازات السياسية من قبل الدول المانحة، وجعل أدءئها واستمرارها مرهوناً بتلك المساعدات التي لم يتحسسها المواطن الفلسطيني في الضفة والقطاع بشكل مباشر.

تفكيك الاقتصاد الفلسطيني

منذ اليوم الأول لاحتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة يوم 5 يونيو/حزيران 1967، سعت إسرائيل من خلال عملية مخطط لها مسبقاً إلى تفكيك الاقتصاد الفلسطيني وتهميش قطاعاته الرئيسية مثل الزراعة، بغية ربطه بالاقتصاد الإسرائيلي ولمصلحته في نهاية المطاف.

[(“من أجل تفكيك الاقتصاد الفلسطيني أصدرت المؤسسة الإسرائيلية قوانين تم من خلالها السيطرة على البنوك الفلسطينية وإلحاقها بالبنوك الإسرائيلية”)]

واستطاعت السلطات الإسرائيلية السيطرة بشكل تدريجي على أهم الأراضي الزراعية لصالح الأنشطة الاستيطانية التي لم تتوقف رغم عقد اتفاقات أوسلو في سبتمبر/أيلول 1993. كما صادرت النسبة الكبرى من إجمالي الموارد المائية الفلسطينية المتاحة والمقدرة بنحو 750 مليون متر مكعب.

وقد أدى ذلك إلى تهميش قطاع الزراعة الفلسطيني، مما دفع آلاف العمال العرب في الضفة والقطاع إلى العمل في الاقتصاد الإسرائيلي ووفق شروطه المجحفة، وذلك رغم رفع شعار مقاطعة العمل العبري في السنة الأولى من عمر الاحتلال.

من أجل تفكيك الاقتصاد الفلسطيني أصدرت المؤسسة الإسرائيلية قوانين تم من خلالها السيطرة على البنوك الفلسطينية وإلحاقها بالبنوك الإسرائيلية. وتبعاً للسياسات الاقتصادية الإسرائيلية، تراجع أداء الاقتصاد الفلسطيني في كافة قطاعاته، وخاصة قطاع الزراعة الذي كان يساهم بالنسبة الكبرى في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، وكذلك في استيعاب عدد كبير من قوة العمل الفلسطينية.

ولم تسعف اتفاقات أوسلو الاقتصاد الفلسطيني، بل أبقت على تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي، وأصبح السوق الفلسطيني ثاني سوق بعد الأميركي في إطار العلاقات التجارية الإسرائيلية الدولية، إذ تهيمن إسرائيل على أكثر من 90% من إجمالي التجارة الخارجية الفلسطينية بشقيها الصادرات والواردات.

والثابت أن نسبة الصادرات الإسرائيلية إلى السوق الفلسطيني كانت على الدوام أعلى من نسبة الواردات منه، الأمر الذي جعل العجز التجاري الفلسطيني مع الاقتصاد الإسرائيلي سيد الموقف.

ولهذا لم يكن بمقدور السلطة الفلسطينية تحقيق تنمية تلبي طموحات الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما أدى إلى الاعتماد المتزايد على المساعدات الدولية، وبات وجود السلطة واستمرارها مرهوناً بانسياب المساعدات الدولية إليها.

شرك المساعدات واحتمال انهيار السلطة

أشرنا في السابق إلى أن اتفاقات أوسلو أبقت السيطرة كاملة على الأداء الكلي للاقتصاد الفلسطيني، فثمة نحو عشرين ألف عامل يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي في بداية العام الحالي 2013، مقابل نحو 120 ألفا قبل انطلاقة انتفاضة الأقصى نهاية سبتمبر/أيلول 2000.

تلك المقدمات جعلت المجتمع الفلسطيني عرضة لابتزازات سياسية دائمة من قبل المؤسسة الإسرائيلية التي جعلت من الضرائب المفروضة على العمال العرب من الضفة والقطاع الذين يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي، عنواناً آخر للضغط ومحاولة إخضاع الفلسطينيين سياسياً.

[(“قد تواجه السلطة الفلسطينية خطر الانهيار وانفراط العقد في ظل ربط انسياب المساعدات الدولية بانطلاق المفاوضات مع إسرائيل دون شرط فلسطيني لتجميد الاستيطان الإسرائيلي”)]

وتشير دراسات اقتصادية دولية إلى تراجع أداء الاقتصاد الفلسطيني كنتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال الاقتصادية. وتشير دراسات اقتصادية إلى ظهور أزمات اقتصادية مستعصية، من أهمها البطالة التي بلغت معدلاتها نحو 60% في قطاع غزة، ونحو 30% في الضفة الغربية خلال العام المنصرم 2012، وكان لذلك تداعيات خطيرة على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع, فقد انتشر الفقر المدقع بين نحو 60% من المجتمع الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية.

وقد تواجه السلطة الفلسطينية خطر الانهيار وانفراط العقد في ظل ربط انسياب المساعدات الدولية بانطلاق المفاوضات مع إسرائيل دون شرط فلسطيني لتجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومن بينها القدس.

لكن الثابت أن معادلة ربط المفاوضات مع استمرار وبقاء المستوطنات جاثمة على صدر الفلسطينيين، باتت مرفوضة من الشعب الفلسطيني الذي يطالب بتفكيك معالم الاحتلال الإسرائيلي وبشكل خاص المستوطنات الإسرائيلية، فضلاً عن تفكيك جدار الفصل العنصري الإسرائيلي الذي سيبتلع المزيد من أراضي الضفة الفلسطينية.

المصالحة كمدخل لدرء المخاطر

رغم الحديث المتكرر عن قرب جعل المصالحة الفلسطينية حقيقة ماثلة على الأرض، فإن ثمة عقبات تحول دون ذلك، في المقدمة منها المساعدات الدولية التي أشرنا إليها في أكثر من مكان، حيث لوحت الدول المانحة -وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي- غير مرة بإيقاف ضخ المساعدات المشروطة للسلطة الفلسطينية إذا تمت المصالحة الفلسطينية.

لقد عانى الشعب الفلسطيني منذ صيف عام 2007 من تداعيات الانقسام الحاد بين القوى والفصائل المختلفة. ورغم انعقاد عدة جلسات من أجل إبرام المصالحة في كل من القاهرة والدوحة، وقبل ذلك في مكة المكرمة، فإنها بقيت مجرد شعارات في وسائل الإعلام، ويبدو أن هناك معوقات أساسية تحول دون إتمام المصالحة الحقيقية.

وقد يكون من بين تلك المعوقات محاولة بعض أصحاب المصالح والامتيازات التي تولدت بفعل تداعيات الانقسام، الإبقاء على الجغرافيا السياسية المستحدثة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة. ويرى محللون أنه لو تم تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، فسيفسر ذلك بكونه عملية تكيف أو إدارة أزمة لحالة الانقسام التي امتدت لأكثر من خمس سنوات.

إن مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، ومنها التحدي المتمثل في محاولة إخضاع الشعب الفلسطيني سياسياً عبر شروط الدول المانحة للمساعدات، تتطلب الإسراع بعقد المصالحة وجعلها واقعاً ملموساً في الداخل الفلسطيني والشتات، ولا يتطلب الأمر سوى إرادة سياسية صادقة من قبل كافة القوى والفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركتا فتح وحماس.

[(“مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية ومنها قضية المساعدات، تتطلب الإسراع بعقد المصالحة وجعلها واقعاً ملموساً في الداخل الفلسطيني والشتات”)]

وقد يؤسس ذلك لمطالبات حقيقية تتمثل في تحقيق بدائل عربية رسمية وشعبية لجهة تقديم مساعدات مالية سخية للفلسطينيين، بغية تفويت الفرصة على الدول المانحة التي تسعى لإخضاع الفلسطينيين سياسياً للمطالب والشروط والتوجهات الإسرائيلية للتسوية.

لكن قبل الحديث عن مساعدات عربية محتملة للفلسطينيين كبدائل للمساعدات الدولية، لا بد من تحسين أداء القائمين على المال العام الفلسطيني، والقيام بعملية إصلاح حقيقية في إدارة المال الذي هو للشعب الفلسطيني في المقام الأول وليس لشخوص ومحسوبيات وفصائل بعينها.

فبترتيب البيت الفلسطيني يمكن الحديث عن قوى كامنة بمقدورها مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، ومن أهمها الابتزاز السياسي اليومي الذي يواجهه الفلسطينيون نتيجة الوقوع في شرك المساعدات الدولية المشروطة في الأساس.

وقد يعزز من تلك القدرات الكامنة عند الفلسطينيين قبول فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، فضلاً عن حصول فلسطين على عضوية اليونسكو، فتحقيق المصالحة الفلسطينية سيكون مدخلاً لدبلوماسية هادئة يمكن أن يتبناها الفلسطينيون لنيل العضوية في كافة المنظمات المتفرعة عن المنظمة الأممية من جهة، والسعي للحد من ضغوط وشروط الدول المانحة للفلسطينيين من جهة أخرى.!

الأحداث التي شهدتها الأراضي الفلسطينية على مدار عام تقريبا أثرت في قدرة السلطة الفلسطينية على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وتراجعت بدورها الفرص للحد من أزمة المساعدات الدولية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يعاني سكان المنطقتين من انتشار ظاهرة الفقر المدقع وتراجع الخيارات أمام الأسرة والفرد الفلسطيني على حد سواء.

لماذا بات الاقتصاد الفلسطيني يعتمد إلى حد كبير على المساعدات الدولية، وما هي السبل للحد من الأزمات الاقتصادية الفلسطينية وخاصة تلك المتعلقة بالمساعدات، وما هي إمكانيات البدائل العربية للخروج من تلك الأزمات التي تؤرق الاقتصاد الفلسطيني؟

الاحتلال كمقدمة للإخضاع الاقتصادي

[(“منذ احتلال الضفة والقطاع طبقت السلطات الإسرائيلية سياسات اقتصادية محددة لإخضاع الفلسطينيين اقتصادياً، الأمر الذي أدى إلى سيطرة إسرائيلية شبه كاملة على عناصر الإنتاج في الاقتصاد الفلسطيني”)]

لقد احتل الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية وقطاع غزة في الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، ومنذ ذلك الحين طبقت السلطات الإسرائيلية سياسات اقتصادية محددة لإخضاع الفلسطينيين اقتصادياً، الأمر الذي أدى إلى سيطرة إسرائيلية شبه كاملة على عناصر الإنتاج في الاقتصاد الفلسطيني.

ففي جانب الأرض كعنصر أساسي استطاعت السلطات الإسرائيلية السيطرة على أهم الأراضي الزراعية لصالح الأنشطة الاستيطانية التي لم تتوقف خلال الفترة (1967-2007)، كما قامت تلك السلطات بمصادرة النسبة الكبرى من إجمالي الموارد المائية الفلسطينية المتاحة والمقدرة بنحو 750 مليون متر مكعب سنوياً.

وقد أدى ذلك إلى تهميش قطاع الزراعة الفلسطيني ودفع آلاف العمال العرب في الضفة والقطاع إلى العمل في الاقتصاد الإسرائيلي ووفق شروطه المجحفة، على الرغم من رفع شعار مقاطعة العمل العبري في بداية الاحتلال، وقد عزز هذا التوجه استصدار السلطات الإسرائيلية قانوناً في عام 1968 يسمح للعمال الفلسطينيين بالعمل في قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي المختلفة.

وفي الاتجاه نفسه استصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر بإلحاق البيوتات المالية الفلسطينية بالبنوك الإسرائيلية وتمت عملية تفكيك مبرمجة للاقتصاد الفلسطيني وربطه في عجلة الاقتصاد الإسرائيلي ولصالحه.

وتراجع أداء الاقتصاد الفلسطيني في كافة قطاعاته وخاصة الزراعي الذي كان يساهم قبل الاحتلال بأكثر من 50% سواء في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني وكذلك في استيعاب قوة العمل.

مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية

وبعد توقيع اتفاقات أوسلو في سبتمبر/أيلول من عام 1993 بقيت أهم مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، فبات السوق الفلسطيني ثاني سوق للاقتصاد الإسرائيلي بعد السوق الأميركي، وإسرائيل تتحكم بنحو 96% من إجمالي التجارة الخارجية الفلسطينية بشقيها الصادرات والواردات، والعجز في الميزان التجاري الفلسطيني هو عنوان لعلاقة قسرية مع الاقتصاد الإسرائيلي.

وفي نفس الوقت وعلى الرغم من الإغلاقات الإسرائيلية المتكررة بوجه قوة العمل الفلسطينية، بيد أن ثمة 45 ألف عامل يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي حالياً مقابل 120 ألف عامل قبل الانتفاضة، الأمر الذي يؤكد تحكم إسرائيل بقسم يصل إلى نحو 20% من الدخل القومي الفلسطيني، وبذلك فإن المجتمع الفلسطيني عرضة لابتزازات سياسية دائمة.

[(“أدت السياسات الإسرائيلية إلى تراجع أداء كافة القطاعات الاقتصادية الفلسطينية من جهة، وظهور أزمات اقتصادية واكبت وتواكب تطور الاقتصاد الفلسطيني، وتشتد وطأتها مع ارتفاع وتيرة الحصار والعمليات العسكرية الإسرائيلية )]”
خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن السلطات الإسرائيلية تسيطر على نحو خمسين مليون دولار شهريا من الضرائب المفروضة على العمال العرب من الضفة والقطاع الذين يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي.

لقد أدت السياسات الإسرائيلية المشار إليها إلى تراجع أداء كافة القطاعات الاقتصادية الفلسطينية من جهة، وظهور أزمات اقتصادية واكبت وتواكب تطور الاقتصاد الفلسطيني، وتشتد وطأتها مع ارتفاع وتيرة الحصار الإسرائيلي والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والبنى التحتية للاقتصاد الفلسطيني.

وتشير معطيات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2005 وتقارير البنك الدولي إلى تفاقم أزمة البطالة لتصل معدلاتها إلى نحو 60%، وكذلك انتشار الفقر المدقع بين ثلثي الأسر الفلسطينية في الضفة والقطاع.

ويزداد الوضع الاقتصادي سوءاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن معدل الإعالة مرتفع جداً نتيجة ارتفاع نسبة الأطفال وضعف مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، حيث يعيل كل عامل فلسطيني إضافة لنفسه ثمانية أفراد من خارج قوة العمل.

الاقتصاد الفلسطيني وفخ المساعدات الدولية
وكنتيجة أساسية لتفكيك الاقتصاد الفلسطيني وتهميش قطاعاته بفعل السياسات الإسرائيلية، بات الاقتصاد الفلسطيني -بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها في صيف عام 1994- يعتمد بشكل كبير على المساعدات والمعونات الدولية.

وبالتالي الوقوع في فخ المساعدات الأميركية والأوروبية المشروطة في غالب الأحيان، وفي هذا السياق يذكر أن حجم المساعدات الدولية يصل إلى ثمانمائة مليون دولار سنوياً، وتشير معطيات التقرير الاقتصادي العربي لعام 2005 أن نحو 7% من إجمالي المساعدات الدولية منذ عام 1994 وحتى عام 2000 ساهمت به الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وازدادت مساهمة الدول العربية لتصل إلى 63.5% خلال سنوات الانتفاضة (2000-2005).

واللافت أن المساعدات الأميركية التي لا تتعد ى 10% من إجمالي المساعدات الدولية كانت مشروطة في تمويل مشاريع أميركية تحت مسميات تنشيط الديمقراطية ومشاركة المرأة.

[(
“المساعدات الأوروبية والأميركية لا يتحسسها المواطن الفلسطيني بشكل مباشر، نظراً لأنها لا تدخل قنوات تنموية حقيقية في الاستثمار في إطار الاقتصاد الفلسطيني، هذا فضلاً عن حجم المساعدات الضئيل مقارنة بنسبة المساهمة للدول العربية”)]

أما المساعدات الأوروبية فكانت قنواتها محددة حصراً للاستثمار في مشاريع تحددها الدول الأوروبية، وقد كان قسم منها وهمي من قبل الدول المانحة، وتذهب الدول الأوروبية إلى أبعد من ذلك حيث تقوم بتحديد الموظف الأهم في المشاريع المتفق عليها من مواطنيها وبأعلى الأجور.

وبذلك فإن المساعدات الأوروبية والأميركية لا يتحسسها المواطن الفلسطيني بشكل مباشر، نظراً لأنها لا تدخل قنوات تنموية حقيقية في الاستثمار في إطار الاقتصاد الفلسطيني، هذا فضلاً عن حجم المساعدات الضئيل مقارنة بنسبة المساهمة للدول العربية.

لكن قنوات التمويل الدولي بقيت على الدوام عرضة للضغوط الأميركية على الدول الممولة لانتزاع مزيد من المواقف لصالح الطرف الإسرائيلي الذي يمتنع عن دفع عائدات الضرائب على قوة العمل الفلسطينية في الاقتصاد الإسرائيلي وعلى البضائع المستوردة للفلسطينيين عبر المعابر التي تتحكم بها إسرائيل .

حلول ناجعة للحد من أزمة المساعدات الاقتصادية

في ضوء ما تقدم ما هي إمكانات الحد من الضغوط الدولية على السلطة الوطنية الفلسطينية التي تسارعت خطاها عبر بوابة التمويل الدولي؟ قد يكون من الأجدى اعتماد الخطوات التالية:

أولاً: دفع الدول العربية للمستحقات التي تعهدت بها في القمم العربية الأخيرة لدعم الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع من خلال صندوق الأقصى وصندوق القدس.

ثانياً: يجب أن يكثف الإعلام العربي من خطابه حول أهمية البدائل العربية الشعبية لمساعدات الفلسطينيين عوضاً عن المساعدات الدولية الأميركية والأوروبية المشروطة.

ثالثاً: ضرورة التأكيد عبر دبلوماسية هادئة بأن المساعدات العربية محقة وإنما هي مساعدات للشعب الفلسطيني في المقام الأول للحد من الأزمة ومحاولات تجويعه وإخضاعه من قبل الجيش الإسرائيلي.

رابعاً: نشر الوعي بين الشعوب العربية بأن المساعدات الأميركية للسلطة الوطنية الفلسطينية على وجه الخصوص لم تذهب إلى مشاريع تنموية يتحسس بها المواطن الفلسطيني، بل ذهبت إلى مشاريع تخدم التوجهات الأميركية لمى يسمى نشر الديمقراطية.

كما أن الضرورة تؤكد على إظهار أن حجم المساعدات الأميركية للمناطق الفلسطينية لم يتعد 747 مليون دولار منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو يساوي نحو 25% من إجمالي المساعدات الأميركية لإسرائيل في سنة واحدة فقط، حيث تصل قيمة المساعدات السنوية الأميركية الحكومية لإسرائيل نحو ثلاثة مليارات دولار أميركي منها مليار وثمانمائة مليون على شكل مساعدات عسكرية ومليار دولار على شكل مساعدات اقتصادية.

[(“لا يمكن الحد من مخاطر المساعدات الدولية المشروطة دون إحلال المساعدات العربية المباشرة للسلطة الوطنية الفلسطينية بعيداً عن الإملاءات الأميركية ما أمكن ذلك”)]

خامساً: ضرورة تحسين أداء القائمين على المال العام الفلسطيني والقيام بعملية إصلاح حقيقية في إدارة المال الذي هو للشعب في المقام الاول.

سادساً: العمل على تهيئة الظروف لعودة رؤوس الأموال الفلسطينية المهاجرة والمقدرة بنحو (60) مليار دولار لتوطينها في البلد الأم وفتح استثمارات وطنية فلسطينية من شأنها الحد من أزمات الاقتصاد الفلسطيني وخاصة البطالة المتفاقمة.

والأهم يجب إعطاء بعد عربي للأزمة التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني الأسير، ولا يمكن أن نرى اقتصادا فلسطينيا ينطلق انطلاقة حقيقية بعيداً عن مخاطر التمويل الدولي، دون أن يكون هناك مؤشرات ذات دلالة تؤكد في المستقبل القريب على رفع نسبة التجارة البينية بين الاقتصاد الفلسطيني والاقتصادات العربية عبر رفع الرسوم عن البضائع الفلسطينية وترويجها في الأسواق العربية.

وكذلك لا يمكن الحد من مخاطر المساعدات الدولية المشروطة دون إحلال المساعدات العربية المباشرة للسلطة الوطنية الفلسطينية بعيداً عن الإملاءات الأميركية ما أمكن ذلك، عندئذ يمكن القول إننا سنشهد اقتصادا فلسطينيا سيخطو نحو تنمية مستقلة بعيداً عن الابتزاز الإسرائيلي والأميركي.

ا



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 41 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ملفات  متابعة نشاط الموقع قضايا اقتصادية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010