الأربعاء 24 نيسان (أبريل) 2013

صواريخ إيلات و(قبة الأوهام) الحديدية

الأربعاء 24 نيسان (أبريل) 2013 par مأمون الحسيني

أعاد السجال السياسي والأمني والإعلامي، ما بين مصر و”إسرائيل”، والمتعلق بالمكان الذي انطلقت منه القذيفتان الصاروخيتان اللتان سقطتا في مدينة إيلات الواقعة على خليج العقبة، قبل أيام، تسليط الضوء على منسوب الابتزاز المتصاعد الذي تمارسه “تل أبيب” على القيادة المصرية الجديدة التي تفعل ما بوسعها لدرء تهمة “التقصير” في معالجة الوضع الأمني على الحدود بين الجانبين عن نفسها، كما فتح (السجال) صفحة إضافية في كتاب منظومة “القبة الحديدية” التي نشرت إحدى بطارياتها في إيلات بعد ورود تحذيرات مصرية بإمكانية تعرض المدينة للقصف، ومدى فعالية وجدوى هذه المنظومة التي أنفقت عليها وزارة الدفاع الأمريكية، وفق وكالة “فرانس برس”، 204 ملايين دولار في 2011 و70 مليوناً في ،2012 إضافة إلى تخصيص 220 مليون دولار للسنة المالية ،2014 و167 مليون دولار في العام 2015 .

في الجانب الأول، وخلف غبار الإصرار “الإسرائيلي” على أن مطلقي الصواريخ على إيلات ينتمون إلى خلية “إرهابية” خرجت من غزة للعمل انطلاقاً من سيناء، وتأكيد المصادر العسكرية المصرية أن جماعة “شورى المجاهدين” الموجودة في غزة هي من أطلق هذه الصواريخ، ثمة من يعتقد بأن “إسرائيل” هي من خططت، أو ربما نفذت عملية الإطلاق . وحيثيات هذا الاتهام لا تتعلق فقط بالقضايا الفنية أو الميدانية، من نمط عدم إطلاق بطارية “القبة الحديدية” صواريخ اعتراضية، رغم اكتشافها الصواريخ، وإطلاق صفارات الإنذار في المدينة، أو سقوط هذه الصواريخ في منطقة خالية، ناهيك عن وجود كم وافر من الرادارات “الإسرائيلية” على طول الحدود المصرية التي استكمل بناء الجدار الإلكتروني فيها بطول 240 كم، والقادرة على كشف عمق سيناء، وتحديد أية تحركات في الجانب الآخر، وإنما تتصل (الحيثيات) كذلك بحاجة “تل أبيب” إلى إعادة إنتاج صورة الدولة المحاطة بالأعداء و”الإرهابيين”، وسعيها إلى التمدد عسكرياً في سيناء وإقامة منطقة عازلة ذات أهداف سياسية مستقبلية هناك تحت ذريعة فقدان الدولة المصرية سيطرتها على المنطقة التي تتحول إلى مسرح لتهديد “دول الجوار” .

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل حقيقة أن “إسرائيل” تواجه مصاعب أمنية جمّة، ليس فقط على الحدود مع سيناء، وإنما في مختلف الجبهات . ولا ينبع ذلك فقط من الضعف الاستخباراتي الذي تدّعيه الأجهزة فقط، وإنما، وبالأساس، من غياب القدرة على ترسيخ ردع فعَال تحت ظلال الظروف المستجدة التي تلف المنطقة برمتها . ولعل هذا أحد الأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية إلى إبرام صفقة الأسلحة الضخمة مع “تل أبيب” التي تضم، وفق ما أفادت صحيفة “معاريف” العبرية، طائرات تزويد طائرات بالوقود جواً، وصواريخ قادرة على تدمير منظومات الدفاع الجوي، ومنظومات رادار يمكن تركيبها على بعض الطائرات “الإسرائيلية”، إضافة إلى طائرات V-Os y 22 القادرة على الطيران بشكل عمودي التي ستكون الدولة العبرية الدولة الوحيدة خارج الولايات المتحدة التي تملكها .

في الجانب الآخر المتصل بالقبة الحديدية، ورغم ارتباط عدم تشغيل بطاريتها التي نصبت في إيلات مؤخراً، بالشكوك المتزايدة حيال علاقة “إسرائيل” بإطلاق الصاروخين على المدينة السياحية التي سبق أن تعرضت لست هجمات صاروخية في السنوات الثلاث الأخيرة، فإن أسئلة كثيرة عاودت الإطلال برأسها حول حقيقة فعالية وجدوى هذه المنظومة التي تتضمن كل بطارية منها راداراً لكشف الطائرات وتعقّبها، ومنظومة تحكم في الإطلاق، وثلاث قاذفات مزودة كل منها ب 20 صاروخاً اعتراضياً، ما يتيح إسقاط صواريخ يبلغ مداها من 4 إلى 70 كيلو متراً لدى إطلاقها . ولعل الأشد إلحاحاً في هذه الأسئلة هي تلك التي وضعت إشارات استفهام حول ادعاء الجيش “الإسرائيلي” أن نسبة النجاح في اعتراض الصواريخ المنطلقة من غزة، خلال العدوان الأخير على القطاع العام الماضي، بلغت 84 في المئة، لا سيما بعد تأكيد ثلاثة علماء من الولايات المتحدة، أن لا صحة البتة لادّعاء الجيش، وتقدير البروفيسور اليهودي الأمريكي ثيودور بوستول أن نجاح المنظومة “الإسرائيلية”، خلال العدوان، يتراوح بين خمسة وعشرة في المئة لا أكثر .

ويبدو أن الكفاءة المتدنية لبطاريات هذه المنظومة التي أشاع الجيش وأجهزة الاستخبارات “الإسرائيلية” حولها الأساطير، لم تكن هي السبب الوحيد وراء إحجام كوريا الجنوبية التي تحتاج بشدة إلى منظومات دفاع صاروخية هذه الأيام، عن شراء هذه البضاعة بعد عرضها من قبل تل أبيب مرات عدة، وبعد رفض الأخيرة مقايضة بطاريات القبة بمنظومة أسلحة وطائرات تدريب كورية جنوبية . ذلك أن أسباباً أخرى لا تقل أهمية تقف وراء هذا الإحجام، لعل أهمها الثمن الباهظ للمنظومة “الإسرائيلية” التي تسهم الإدارة الأمريكية في تمويلها . إذ، وبخلاف منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ بعيدة المدى الأخرى التي تعادل في تكلفتها المنظومة المهاجمة، تنفرد “القبة الحديدية” بتكلفة خاصة واستثنائية، حيث تبلغ تكلفة كل بطارية منها نحو 50 مليون دولار، فيما تبلغ تكلفة كل صاروخ تطلقه المقاومة ما بين 50 إلى 80 ألف دولار .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2165546

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165546 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010