الجمعة 26 نيسان (أبريل) 2013

غزة بين التهديد والتواطؤ

الجمعة 26 نيسان (أبريل) 2013 par عوني صادق

بعد عملية إطلاق الصواريخ على مدينة “أم الرشراش إيلات”، تعهد رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو، بالرد على هذا الاستهداف، موضحاً أن “المجموعة التي أطلقتها جاءت من غزة ونفذت العملية من سيناء” . وكان وزير الحرب في حكومة نتنياهو الجديدة، موشي يعلون، قد هدد بشن عملية عسكرية جديدة ضد القطاع و”الضرب بيد من حديد” إذا استمر إطلاق الصواريخ . في الوقت نفسه، قالت مصادر أمنية لإذاعة الجيش “الإسرائيلي”: إن رد الجيش سيكون عنيفاً في حال التأكد من علاقة غزة بإطلاق الصواريخ، وأن “تل أبيب” لن تواصل سكوتها حول ما يحدث في سيناء حيث يلعب “الفراغ الأمني” دوراً كبيراً في سيطرة “الحركات المتطرفة” على مجمل الأوضاع فيها . وفي وقت لاحق، ذكرت صحيفة (هآرتس- 22/4/2013) أن رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الحرب “الإسرائيلية”، عاموس غلعاد، نقل في محادثة مع مسؤولين في المخابرات المصرية وضباط في الجيش المصري، احتجاج حكومته، معتبراً ذلك خرقاً لاتفاقية “كامب ديفيد” .

من جانبها، نفت “حكومة غزة” مسؤولية جماعة من القطاع عن إطلاق الصواريخ . وقال طاهر النونو، الناطق باسم الحكومة، إن هذه الاتهامات تعد “تحريضاً صهيونياً ضد القطاع”، وطالب مصر “بالتدخل لوقف هذا التحريض”! وقالت حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” إنهما تتوقعان حرباً إسرائيلية جديدة على قطاع غزة . وحذر إسماعيل الأشقر، نائب رئيس كتلة “حماس” في المجلس التشريعي، من وجود “ضوء أخضر أمريكي” لشن حرب جديدة على القطاع . أما موسى أبو مرزوق، فاعتبر تصريحات نتنياهو “انتهازية سياسية ومحاولة للوقيعة بين مصر وغزة” .

لقد كان واضحاً من التصريحات “الإسرائيلية”، إلى جانب أنها انطوت على تهديدات صريحة ضد غزة، انطوت أيضاً على “تحذيرات” ضد مصر يمكن أن توصف بأنها “شديدة اللهجة”، متهمة الجيش المصري بعدم السيطرة على سيناء والتسبب في وجود “فراغ أمني” هو المسؤول عن سيطرة “الحركات المتطرفة” فيها . ويبدو أن التحذير “الإسرائيلي” وصل بسرعة إلى أسماع السلطات المصرية، فسارع المتحدث العسكري للجيش إلى الإعلان عن تشكيل “لجان فنية” لدراسة الاتهامات الموجهة للجيش المصري . ولم تتأخر نتائج “التحريات” التي قامت بها “اللجان الفنية”، فأعلن مصدر عسكري مصري أن التحريات أكدت أن جماعة “شورى المجاهدين” الموجودة في غزة، هي من أطلق الصواريخ من قطاع غزة، ونافياً أن تكون الصواريخ أطلقت من سيناء، ومؤكداً أن الحدود المصرية “آمنة وتحت سيطرة القوات المسلحة”، وأن عناصر هذه الجماعة محترفون ومدربون “ولهم علاقات بكل الحركات المسلحة في فلسطين”! أكثر من ذلك، اعتبر المصدر العسكري المصري أن “هناك من يحاول توريط مصر في هذا الوقت للتأثير في عمليات الأنفاق، ولخلق توتر في العلاقات الدولية بين مصر والدول المجاورة، وإثارة بلبلة وغضب دولي ضد مصر”! ولم يفت المصدر أن يشير إلى أن “القوات المسلحة ستستمر في عمليات غلق الأنفاق، ومطاردة العناصر الإجرامية والبؤر الجهادية حتى تطهير سيناء بالكامل”! (الأيام- رام الله 21/4/2013) .

وكالعادة، ما “تتحرج” من قوله السلطات “الإسرائيلية” الرسمية تتكفل بقوله الصحافة “الإسرائيلية” . فالنفي المصري للمسؤولية عن الصواريخ، وتأكيد سيطرة الجيش المصري على سيناء والحدود، والتعهد بمواصلة عمليات إغلاق الأنفاق، وملاحقة “العناصر والبؤر المتطرفة” . . . كل ذلك لم يقنع ولم يرض السلطات “الإسرائيلية”، فنابت عنها الصحافة في ما تريد أن تقول للسلطات المصرية، أو تنوي فعله في المستقبل .

فمثلا، كتب عمير ربابورت في صحيفة (معاريف- 18/4/2013)، يقول: “من الصعب خلق ردع يؤدي إلى وقف النار من الأراضي المصرية، فليس هناك من يمكن تهديده، و”إسرائيل” تمتنع عن العمل في الأراضي المصرية كي لا تعرض للخطر اتفاق السلام الذي أصبح هشاً بعد سقوط حكم مبارك، (سبق للجهات الأمنية “الإسرائيلية” أن أعلنت أن التنسيق الأمني والعلاقات مع مصر هي أفضل في ظل حكم الإخوان مما كانت عليه في ظل حكم مبارك)؟؟؟ . ويضيف: “ثمة ضغط شديد على القيادة المصرية من جانب الولايات المتحدة لعمل شيء ما، وهي تشعر بأنها ملزمة أكثر بالحفاظ على الهدوء، بسبب الدور الذي منح لها كمسؤولة عن تطبيق وقف النار”- وهل طبق الجيش “الإسرائيلي”، والحكومة “الإسرائيلية”، وقف إطلاق النار الذي ضمنته مصر حتى يذكرها ربابورت به؟! لقد تنصلت الحكومة “الإسرائيلية” من بنود مهمة في الاتفاق، وخروق جيشها بدأت تترى بعد أقل من أسبوع .

وكتب المراسل العسكري لصحيفة (يديعوت- 18/4/2013) أليكس فيكشمان، يقول: “إسرائيل” في شرك . فكيف تحمي مواطنيها من عمليات تخرج من دولة لها معها معاهدة سلام لكنها لا تعلم أو لا تريد أن تمنعها؟”! فيكشمان هنا يتهم السلطات المصرية مرة بالعجز ومرة بالتواطؤ، ومع ذلك يضيف:”الجهات الأمنية في “إسرائيل” في هذا الوقت فرحة جداً بالأداء المصري، لكنها تستطيع أن تقول للمصريين: إذا لم تكونوا قادرين على العمل فسنعمل نحن” !

(حماس) محسوبة اليوم على النظام المصري، وهي، عبر أبو مرزوق والنونو، تستنجد به لوقف التهديدات “الإسرائيلية” . والنظام المصري يتنصل من مسؤوليته، ويضع المسؤولية على كل”الحركات المسلحة في فلسطين”، وليس فقط في القطاع، ويتعهد بمواصلة سياسة هدم الأنفاق وحصار القطاع، وملاحقة من يحاول التحرك منه . وبين تهديدات العدو، وتواطؤ “الإخوان” تحاول غزة أن تعيش!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2177782

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2177782 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40