الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

الرؤية الأميركية.. والغطاء العربي

الجمعة 3 أيار (مايو) 2013

تتحدث مصادر فلسطينية عن تحركات تقوم بها الإدارة الأميركية، بشخص وزير الخارجية جون كيري، ترمي إلى تحريك سريع لملف التسوية السياسية بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال، ودفع المفاوضات بين الجانبين بإشراك الحكومتين الأردنية والتركية، لضمان زخم تريده واشنطن للمباحثات التي تريد إطلاقها.

وليس معلوماً على نحو محدد ونهائي، ما إذا كانت الإدارة الأميركية، قد وضعت تصوراً متكاملاً، أو خطة للمفاوضات تتضمن النتيجة التي يتوجب الوصول إليها، أم أنها تبحث فقط عن إطلاق العملية التفاوضية، وترك الطرفين ليخوضا في تعقيدات التفاوض، مع ضمان من واشنطن بتوظيف الضغط من قبلها وقبل حلفائها على الطرف الفلسطيني، لإبقائه على الطاولة، حتى وإن لم يتحقق شيء ملموس مع مرور الوقت، وحتى إن استمر الاستيطان والتهويد على حاله، أو بوتيرة أعلى مما هو قائم حالياً.

المصادر نفسها تشير إلى أن مدار الحركة الأميركية (بالتعاون مع الأردن وتركيا)، تركز في الأسابيع القليلة الماضية، على جلب السلطة الفلسطينية إلى التفاوض، دون أي تعهد من حكومة الاحتلال، بوقف أو تجميد الاستيطان، وهذا يعني أن التفاوض سيبدأ بالتوازي مع استمرار الاستيطان والتهويد، في الوقت الذي تدغدغ فيه واشنطن مشاعر المفاوضين الفلسطينيين، بإعلان التمسك بحل الدولتين، وبأن المآل المتوقع للمفاوضات هو قيام دولة فلسطينية.

الرشى الأميركية

الحديث عن “دولة فلسطينية” ليس الرشوة الوحيدة التي تقدمها واشنطن من أجل إطلاق المفاوضات، فهناك أيضاً الرشى الاقتصادية، والسعي إلى إكمال أوهام سلام فياض، عن البناء تحت الاحتلال، وقد نقلت وسائل إعلامية عن دبلوماسي غربي إشارته إلى أن وزير الخارجية الأميركي؛ جون كيري، يعكف على بحث فرص جذب استثمارات غربية كبرى للضفة الغربية، إلا أنه من غير الواضح حتى الآن، ما إذا كان قد نجح في مسعاه أو متى سيتم الإعلان عن رزمة المشاريع، التي كان من المتوقع الإعلان عنها قبل أيام.

ووفق المصدر، فإن “كيري يتحدث عن 3 مسارات متلازمة، هي الاقتصاد والأمن والسياسة، وهو بدأ اجتماعات مع رجال أعمال كبار بالولايات المتحدة لحث فرص الاستثمار في الضفة الغربية بالتعاون مع مؤسسات أميركية”.

وكان وزير الخارجية الأميركي قد اجتمع مع مبعوث اللجنة الرباعية؛ توني بلير، وبحث معه موضوع الاستثمارات في الضفة الغربية، وجرى الإعلان بعد الاجتماع، ومن قبل مصادر اللجنة الرباعية، عن أن اللجنة تعمل منذ فترة مع أعضاء الرباعية على تقوية الاقتصاد والمؤسسات الفلسطينية، وتقول المصادر نفسها إن “الرباعية تعتقد أن تنمية الاقتصاد الفلسطيني بشكل أفضل يتيح للمفاوضات السياسية أن تنجح”، وكان كيري أعلن سابقاً أن المسار الاقتصادي لا يشكل بديلاً للمسار السياسي، وإنما يعززه ويساعده على التقدم، وعند النظر إلى المسارات الثلاثة الجاري الحديث عنها، يمكن ملاحظة أولويات الاقتصاد والأمن، على السياسة. بكلمات أخرى، ستكون التقديمات الاقتصادية الموعودة، مرتبطة بتواصل “التنسيق الأمني” وفق وضعه القائم، وربما يتم إدخال تعديلات إضافية عليه، ويتم تداول أحاديث عن أن الولايات المتحدة، طلبت من حكومة الاحتلال الاستمرار في تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، وتسهيل حركة الفلسطينيين عبر الحواجز، وتقديم بعض الرشى الشكلية التي تعزز الوهم بأن شيئاً ما قد بدأ يتغير، من قبيل إطلاق سراح عدد من الأسرى، وتقليل عدد الحواجز التي تقطع أوصال الضفة.

تنظر الولايات المتحدة إلى “العملية السياسية” بوصفها نشاطاً طويلاً، ليس من الضروري أن يأتي بنتائج سريعة، وهي تعتبر أن “تحسين” حياة الفلسطينيين، يمنع تحركهم نحو انتفاضة ثالثة، ويتيح للمفاوضات الوقت اللازم لإنتاج “المسخ” القابل لتسميته دولة فلسطينية، ولذلك، فإنها تتحدث عن دولة فلسطينية، دون تحديد ملامح ومعالم هذه الدولة.

الموقف العربي

بات معروفاً أن واشنطن تعتبر الوقت ملائماً للتحرك، وهي ترى في الحالة العربية الراهنة، أجواء مثالية مناسبة تمكنها من تمرير الرؤية التي تريدها، ولا يبدي غالبية العرب، موقفاً مناهضاً، أو حتى مطالباً بتصحيح الرؤية الأميركية، ومن المنتظر أن يتوجه وفد وزاري عربي جرى تشكيله في القمة الأخيرة التي انعقدت في الدوحة إلى الولايات المتحدة، لعرض ما يسمى الموقف العربي، والذي يقال إنه سيكون “داعماً للموقف الفلسطيني”، ويضم الوفد وزراء خارجية اللجنة المنبثقة عن القمة العربية، والتي تتشكل من: مصر وقطر (رئيسا المجلس الوزاري والقمة) والسعودية والمغرب والأردن وفلسطين، برئاسة رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري وبمشاركة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.

وبحسب مصادر إعلامية ودبلوماسية عربية، فإن عناصر الموقف التي سيعرضها الوفد على المسؤولين الأميركيين، تتركز على مبادرة السلام العربية والوفاء باستحقاق الدولتين الذي تعهدت به واشنطن منذ إدارة بوش ولم تتنصل منه، بجانب ما تنطوي عليه أفكار وتحركات وزير الخارجية الأميركي بشأن هذه القضية والدخول الفوري بمفاوضات للحل النهائي دون انتظار لما تسمى “إجراءات لبناء الثقة بين الجانبين”.

وتتضمن هذه الرؤية أيضاً أهمية الدخول في مفاوضات الحل النهائي وتسوية كل القضايا المعلقة، والتي تشمل القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه، وإطلاق سراح المعتقلين والأسرى، والتأكيد على ضرورة تجاوز أي حديث حول ضرورة وجود مرحلة انتقالية أو مرحلة لبناء الثقة.

ولفتت المصادر إلى أن الموقف العربي سيؤكد أيضاً على أنه ليس من المقبول إجراء أي مفاوضات في ظل استمرار السياسات “الإسرائيلية” الراهنة من تآكل للأراضي الفلسطينية ومداهمات واعتقالات ومعاملات سيئة وقتل للأسرى وغيرها.

لا تخرج هذه الرؤية قليلاً أو كثيراً عن التصور الأميركي، وبتخطي العبارات العمومية عن وقف التآكل في الأراضي الفلسطينية، بدلاً من المطالبة الصريحة والواضحة بوقف الاستيطان والتهويد، فإن الموقف العربي يمثل “تصديقاً” كاملاً على الرؤية الأميركية، ودعماً لها، كما يشكل غطاء لموقف السلطة الفلسطينية، وهذا هو المطلوب من العرب بوفدهم الوزاري لا أكثر، موقف يدعم واشنطن، ويضغط على الفلسطينيين، ويقدم لدولة الاحتلال ما تريده.

- عبد الرحمن ناصر



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2177344

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2177344 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40