السبت 11 أيار (مايو) 2013

اللامعقول والحصاد المجهول!

السبت 11 أيار (مايو) 2013

ما عاد الحديث عن عمليات القتل أو التفجير أو التخريب، أو حتى النهب والسرقة والاغتصاب أمراً استثنائياً، في مثل ظروف الحرب الكونية على بلادنا، وهذا الخليط الغريب من كل بلاد العالم وهو يضمّ حثالة البشرية، وأسوأ ممتهني القتل والتخريب لقاء المال، وفي حقيقة الأمر هم بنادق وسواعد للإيجار! إنهم... المرتزقة.
عمليات الخطف لغايات مختلفة منها جني المال، أو للمبادلة بمخطوفين من قبل أطراف أخرى، وربما الخطف لغاية القتل انتقاماً وأخذاً بالثأر، ودوافع كثيرة أخرى صارت اللازمة اليومية، أما أن ينقلب الخطف لإثارة الوقيعة الطائفية – أو الدينية فهو الأخطر على ساحة الأمة التي لا يدخل في ثقافتها هذا الأمر، خصوصاً أن رجلي الدين المخطوفين كانا في مهمة إنسانية – وطنية – اجتماعية بكلّ ما للكلمة من معنى، ومن غير المعقول أن يتمّ الخطف على يد عصابات من غرباء تعيث فساداً على ساحة الوطن بتشجيع ودعم دولي – عربي يتآمر على سورية خدمة لمصالح صهيو – ماسونية مكشوفة.
سياسيون لبنانيون من لون معين تمّت برمجتهم لترداد ادعاءات إعلام مضلل، يقول أحدهم إنّ «النظام في سورية» يستخدم كلّ أنواع الأسلحة جواً وبراً وبحراً ضدّ شعبه..! وإنه يستخدم الكيماوي..! في حين أكدت سيدة إيطالية أنه بعد التحقيقات المكثفة، والاستماع إلى شهادات أطباء ومصابين، وبعد إجراء الاختبارات والتحاليل تبيّن أنّ مجموعات المعارضة هي من استخدم غاز الأعصاب (السارين).
من جهة أخرى تسرّب الصحافة الأميركية وبعض الصهيونية أنّ الكيان الصهيوني هو من قام بذلك لغايات التدخل الخارجي، وقد يكون الصاروخ من طائرة بلا طيار انطلقت من تركيا، لكن هؤلاء المتطفلين على السياسة وفاقدي المصداقية يصرّون على أنّ ادّعاءاتهم المستندة إلى تهيّؤاتهم ومخابرهم مجهولة المصدر أصدق..! ولا يخجلون من الإصرار على ذلك. الأكثر جنوناً قول أحدهم (وهو مجرم قاتل بالأدلة القاطعة) أنه قبل تدخل حزب الله في الصراع لم يتعرّض «شيعي» لضربة كفّ وهو الذي نصّب نفسه ناطقاً حصرياً ومدافعاً عن «أهل السنة»، وهو المرفوض على كلّ الأصعدة الدينية والوطنية من قبل السوريين، وما اعتباره أبناء المذهب الشيعي في لبنان والشام على أنهم أتباع إيران وينفذون الأهداف الإيرانية في المنطقة إلا تعبير صادق عن ارتباطه بالمشروع المناقض، إذ انّ المشروع الإيراني هو المساند والداعم للموقف الوطني المواجه للسياسة الصهيو ـ غربية وأطماعها في المنطقة ومحاولتها إبقاء المنطقة تحت سيطرتها سوقاً مفتوحة لسياساتها العسكرية والاقتصادية والثقافية، ومنع تقدم أي من كياناتها في أي مجال، والشعب السوري الوطني المتمسك بهويته وثقافته وقراره السيادي لا يرى في التوجه الإيراني عيباً أو شتيمة، بل هو الخيار الصحيح النقيض لخيار الخضوع والهوان والإذلال والتبعية الذي ينتهجه كلّ من يقف ضدّ سورية، قيادة وشعباً.
التضليل الإعلامي المكشوف الذي يحاول اختزال القضية بشخص الرئيس الأسد فقط وما عدا ذلك تفاصيل لا قيمة لها، هو الإعلام الغربي المنافق، وصداه الواسع في العالم العربي، فالرئيس السوري ليس شخصية فرد، بل منظومة متكاملة تصل حتى أدنى المراتب الوظيفية والعملية على صعيد الشعب السوري، وهو لا يمثل الرقم الأصغر، بل هو من يمثل المجموع الذي لا يقلّ عن 70% من مجمل هذا الشعب، ومعلوم أنّ هذا الرقم يتفوّق بكثير على النسبة التي وصل بموجبها حكام في أميركا وأوروبا ومن يسمّون أنفسهم عالماً حراً إلى سدة الحكم، علماً بأنّ وسائلهم للوصول في مستواها الإنساني الأفضل هي شراء الأصوات بالمال، وممارسة الضغوط على فئات العمال من قبل أصحاب الشركات الاحتكارية، وليس عن قناعة سياسية، برغم الدعاية الإعلامية الهائلة وتصوير المرشحين وكأنهم من فئة القديسين والرجال الصالحين مع أنّ أغلبهم مرتبط ويخدم جهات تدعمه مالياً، تتمثل في الشركات الاحتكارية الكبرى والمصالح الأبعد بكثير من المصالح الوطنية – الشعبية العامة. هل أصبح مقياس الوطنية في عالمنا العربي محصوراً بمقياس التبعية على سلم الماسونية الطامحة إلى التحكم بالعالم من وراء الستارة الأميركوروبية أو من يسمّون أنفسهم بعائلات المستنيرين وأتباعهم من عربان الخليج، وهل يختلف الأخوة المتأسلمون كثيراً عن الإخوة الماسون..؟
أعود إلى قول المتحذلق اللبناني، وهو الدخيل على عالم السياسة، والدين برغم لحيته، فأؤيد قوله إنّ شيعياً لم يُصب بضربة كفّ.. نعم هذه حقيقة لأنّ الأكفّ لم تكن فارغة، وإنما كانت مشغولة بقبضات السيوف والخناجر، وعمليات الذبح والتقطيع التي طالت كلّ أبناء الطوائف والمذاهب، وحتى السنة أنفسهم.. وهنا تجلت وحدة المصير لأبناء الشعب السوري، وكانت عمليات اعتراض المواطنين المتنقلين بين المدن وسؤالهم عن العسكريين والمجندين والموظفين وأبناء طوائف ومذاهب بعينها، تبرز بشكل فجّ وسفيه فاضح، تناقل أخبارها الجميع، ودفعت بمشاعر الخوف والذعر إلى صفوف عامة الشعب، خصوصاً أنّ الكثير من قادة المجموعات والمفوضين بإطلاق أحكام الإعدام هم من الغرباء، وشملت أحكامهم كلّ من لم يكن معهم أو لم يعجبهم..
اللامعقول هو ما كان يحصل، وما زال في بعض المواقع التي دخلها هؤلاء ولم يصل إليهم بعد حذاء الجيش الوطني، هؤلاء بالذات مَن لا حوار معهم، ولا يستحقون رحمة أو شفاعة، ولا طريقاً أمامهم للخروج إلا جثثاً هامدة إلى مصادر انطلاقهم أو إلى البحر، إذ لا مكان لهم تحت ثرى سورية الطاهر.
لم أتمكن من كنه مشاعر الدخيل على عالم السياسة – اللبناني المتأسلم بعد أن صرّح لتلفزيون «الجديد» بأنّ النظام السوري هو من خطف المطرانين..! وقد جاءه التكذيب سريعاً بصوت رئيس الائتلاف جورج صبرا الذي أقرّ بأن الخطف تمّ على يد مجموعة من غير السوريين، وكان إقراراً صريحاً واعترافاً بتنوع المجموعات، وتعدد القيادات، والأهداف، والارتباطات، وتنوع مصادر العمليات والأوامر، وحاولت استكشاف حمرة الخجل على وجه اللبناني المتأسلم فلم أرَها وعلمت أنّ السبب هو افتقاره إلى الدماء ومشاعر الخجل فقد كان وجهه متحجّراً، وهو الأكيد أنّ كلامه مجرّداً من المنطق وأنه صوت سيده، وربما به صمَم، فهو لا يسمع إلا ما يقول ومثله الكثير في جماعته، التي فاضت بهم مشاعر الفرح و... الشماتة بسوريانا عندما ارتكب العدو الصهيوني عدوانه على بعض المواقع، ربما نصحهم البعض، أو منعهم من الخروج في مسيرة فرح تتقدّمها الطبول وبعض الراقصين في بعض الشوارع المغلقة على فلولهم وعقولهم، ونسوا أنّ هزيمة مشروعهم هي الهزيمة الكبرى لهذا العدو الذي فقد صوابه بعد تأكده من هزيمة أدواته وسقوط مشروعه.. غير معقول جداً هو الادّعاء بأن محور طهران – دمشق – حزب الله – يضم ّالعدو الصهيوني – حسب ادّعاء المتأسلم إياه..!
يمكن لنا أن نتساءل: هل هناك من يصدق مثل هذا الادّعاء؟ في حين يعلن الصهاينة أنّ الخطر يكمن في طهران ودمشق، وأنّ سقوط نظام الأسد – هو في مصلحة الكيان الصهيوني، وهذا تأكيد أنه نظام ممانع ومقاوم، وهذا سبب تحالفه مع طهران.. تحالف الدفاع عن المقاومة وثقافة التحرّر وسيادة القرار بعيداً عن التبعية والخنوع.
وسؤالنا الأخير: من يزرع كل هذا الباطل..؟ تحريض على الفتنة، وتمويل التخريب بعمليات التفجير العشوائي، وتشجيع عمليات القتل على الهوية، ما سيكون حصاده؟ قد يكون بالنسبة له مجهول فقد تحجّر عنده العقل، لكننا كشعب سوري أصيل نعرف نوع الحصاد، وسنبارك له ولجماعته فيه، إنْ.. بقيَ..!

- محمّد ح. الحاج



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2180950

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2180950 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40