السبت 11 أيار (مايو) 2013

الأردن بين “الاكورديون” الأميركي.. والعوامل الأخرى

السبت 11 أيار (مايو) 2013

وسط ارتفاع منسوب القلق في الأردن من أن يتخذ الحراك الشعبي المصمم على التغيير والإطاحة بالفساد والفاسدين، بُعداً أمنياً وعسكرياً، اجتمع ممثلو أكثر من 28 هيئة من مختلف المناطق الأردنية، تشارك بفعالية في الحراك للتشاور في وضع رؤية مستقبلية وسياسية للحراك، بُعيد الحادثة التي أودت بحياة أربعة ناشطين من عشيرة “الحويطات” في جامعة معان، والتي ما تزال في ذروة التفاعل، رغم المظاهر الاحتوائية الخادعة.

الأهم، أن الهيئات المجتمعة “اتفقت على وسائل وأدوات جديدة ستتبع ضمن الفعاليات السلمية”، وبصورة تصاعدية تصعيدية، من المؤكد أنها ستشكل مفاجأة للسلطات التي جندت الكثير من العيون والألسن لكشف ما يعد لها استعداداً للمواجهة المحتملة، رغم تشديد الحراك على السلمية، سيما أن السلطات تتهم بعض الجهات بالعمل على عسكرة التحرك، ما أدى إلى التجام جماعة “الإخوان” والدخول بما يشبه الصفقة مع السلطة التي عملت على استقطاب قيادات “إخوانية” بوساطة أميركية في أعقاب مسيرة منظمة لـ“الإخوان” في إربد أشبه باستعراض عسكري رداً على قمع مسيرة شعبية طالبت بمعاقبة الفاسدين، ووقف استخدام الأمن لوسائل العنف.

في الواقع، ملفات كثيرة تجعل من الأزمة في الأردن تأخذ مناحي تصعيدية تتجاوز حتى الصدام الأمني بالمفهوم التقليدي، بسبب الموقع الجغرافي الحساس للأردن وطبيعة النظام فيه وعلاقة النظام مع الجوار، ويبدو أن الفهم الرتيب للصراع يجعل السلطات في أتون ارتباك دائم، والوقوع في أخطاء ربما في جوهرها خطايا لا تُغتفر.

على المستوى الداخلي، فإن إدارة السلطات للأذن الطرشاء للمطالبين بمحاربة الفساد والوصول إلى وطن عنوانه على الأقل ديمقراطي، يدفع العديد من القوى ناحية التطرف، وهي تراقب كيفية إدارة الظهر للتحرك الشعبي، وبالتوازي مع الالتفاف على المطالب الشعبية المحقة، لا بل إن السلطات تستهدف قوى التغيير الوطني، وتشكل غطاء حديدياً لقوى الفساد والاستبداد، خصوصاً أن تلك القوى هي المسيطرة على النظام وتشاركه التغول على قوت الشعب وثرواته، ولذلك لجأت إلى وسائل العنف الأمني بعدما شعرت أن مكاسبها الحرام مهددة، وذلك في محاولة يائسة لحرف الحراك عن مساره السلمي.

أيضاً على المستوى الداخلي، بدأ المسؤولون السياسيون والرسميون يشعرون بخوف وقلق غير مستوريْن من دخول الأردن دائرة الاضطراب، بعد سقوط القتلى الأربعة في جامعة الحسين في معان، إضافة إلى عشرات الجرحى، وهي القضية التي ما تزال رهن التحقيق، وسط وعود يشك أصحاب الدم بالوصول إلى المرتكبين ومعاقبتهم، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن انفلاتات أمنية متعددة حصلت وتمثلت بمعارك كر وفر بين المواطنين والقوى الأمنية في المنطقة القريبة من الحدود مع السعودية، الأمر الذي يرفع منسوب القلق إلى أعلى مقياس، سيما مع دخول عامل علني، وهو المطالبة عبر بيان بوجود شخصيات سعودية في الوساطة بين عشائر بينها خلاف اعتيادي.

الأخطر، والذي يهدد الكيان الأردني، وهذه المرة من جنوب البلاد في المنطقة الصحراوية، هو رفع ناشطين من قبيلة الحويطات يافطات وبعيد مغادرة وزير الداخلية لمضارب القبيلة كتب عليها “محافضة البادية الشمالية”، ما يُفهم منه أن هناك نوايا لم تعد مستترة بالاستقلال عن محافضة معان ولو إدارياً، الأمر الذي يزيد من عوامل التوتر على المشهد الأردني الذي تحاول السلطات إخفاءه خلف غربال.

أما على المستوى الإقليمي، فإن الملف السوري المشتعل يصيب بشظاياه الكبيرة والصغيرة كل الجوانب الأردنية المشروخة، والتي تعمل بعض الأطراف، لا سيما في المنطقة التي ينتمي إليها أبو مصعب الزرقاوي، بتسعير سعودي، إلى زيادة الشروخ بعناوين مذهبية، خصوصاً بعد الموقف النبيل للعشائر الرافضة لاستخدام الأراضي الأردنية كمنطلق للاعتداء على سورية، وكذلك رفض العشائر وجود قوات أميركية تحت أي مسمى، واعتبار الجنود الأميركيين أهدافاً للقتل.

هذا الأمر جعل “الإخوان” ينخرطون في رفض الوجود الأميركي، حتى لو كان الهدف إسقاط النظام في سورية، وذلك ضمن السياق المعهود في اعتلاء الموجة الشعبية لتغيير مسارها، وكذلك تسريب السلطات ما مفاده أن الأردن لن يسمح بعبور طائرات “إسرائيلية” في أجوائه لقصف أهداف سورية، أو حين يفر من الدفاعات السورية.

لا شك أن الشعب الأردني ينتظر الآن إعلان الرؤية بتفاصيلها، حتى يتضح مسار الحراك المطوَّق بعوامل خمسة على الحدود: الابتزاز السعودي، والضغط “الإسرائيلي”، والعلاقة مع العراق، والوضع السوري والتداعيات، والاكورديون الأميركي بين النظام و“الإخوان”.

- يونس عودة



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2165961

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165961 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010