الثلاثاء 28 أيار (مايو) 2013

كسر للجمود أم تطبيع؟

الثلاثاء 28 أيار (مايو) 2013 par أمجد عرار

الرئيس “الإسرائيلي” شمعون بيريز حريص جداً على الوقت، لذلك يدعو إلى عدم إضاعته في البحث عن “السلام” بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين . هذا السلام بنظره يملك “إمكانية حقيقية” بمجرّد أن يتفاوض الجانبان الفلسطيني و”الإسرائيلي” . لكن وزير الشؤون الاستراتيجية في الكيان يوفال شتاينيتس سخر من رئيسه ابن التسعين عاماً وجالب الترسانة النووية من فرنسا أم النور والحريات . شتاينتس ذكّر بيريز بأن يعرف حجمه الحقيقي وصلاحياته الفخرية، فهو ليس الناطق بلسان الحكومة “الإسرائيلية” المخوّلة حصراً باتخاذ القرارات السياسية، والمخولة حصراً بالحديث عن مفاوضات التسوية .

هذا ما قاله شتاينتس بشأن بيريز، لكنه لم يدل بدلوه في شأن مئتين من رجال الأعمال والاقتصاد الفلسطينيين و”الإسرائيليين” الذين وجّهوا نداء عاجلاً لحكومتي الكيان والسلطة من أجل “كسر الجمود” الحالي في المفاوضات . رئيس الكيان ليس مخولاً الحديث عن المفاوضات في منتدى دافوس الذي دعي إليه رسمياً، فكيف برجال أعمال واقتصاديين فلسطينيين و”إسرائيليين” أن يحشروا أنوفهم في عملية تدور في دائرة مفرغة ومن فشل إلى آخر، حتى لو كانوا يلعبون بالمليارات مثلما يلعب السياسيون بالثوابت؟ مائتان سمّوا أنفسهم “أعضاء مبادرة كسر الجمود” وعدوا بأنهم سيستخدمون نفوذهم وخبراتهم الجماعية في مجال الأعمال التجارية لإقناع القادة من الجانبين ببدء مفاوضات جادة بهدف التوصّل إلى “اتفاق سلام” . لقد نسي هؤلاء أن المسألة لا علاقة لها بالقناعة، فلقد تفاوض الجانبان علناً بعد مدريد وسراً قبل اتفاقات “أوسلو” التي وقّعوها علناً، ثم تفاوضوا علناً وسراً بعدها ومع شتى أنواع الحكومات، بما فيها حكومات كان شمعون بيريز عضواً فاعلاً في إطارها . القيادتان المتنفذتان مقتنعتان تماماً بالتفاوض، ف “إسرائيل” تريده بلا شروط وغطاء على سياساتها التهويدية والاستيطانية، والقيادة الفلسطينية تردّد ليلاً نهاراً أن المفاوضات خيارها الاستراتيجي . لذلك فات تجارنا ونظراءهم “الإسرائيليين” أن القناعة بالمفاوضات كوسيلة لا علاقة لها بتحقيق النتيجة المسماة “السلام” الذي تؤكد عمليته في كل محطة أنها عبثية وبلا جدوى إلا تخدير الناس وتعليلهم بالآمال الزائفة .

رجال الأعمال، أعضاء المنتدى التطبيعي، لم يفسّروا لنا كيف يمكن توظيف الخبرة التجارية في القضايا السياسية إلا إذا كانت الحقوق الوطنية بضاعة أو سندات في سوق الأسهم، أو أنهم يكملون مبادرة الجامعة العربية التي فتحت مزاد تبادل الأراضي على عقار اسمه فلسطين .

مديرو الشركات الفلسطينية و”الإسرائيلية” قرروا ألا يبقوا صامتين، لذلك صرخوا من منبر “دافوس” كفى . . ونريد سلام الشجعان . ولا ندري إن كان كلام وزير الرفاه “الإسرائيلي” مائير كوهين قد وصلهم حين أدلى به قبل أن يخرج هؤلاء التجار ببيانهم ويقول لهم إن أي اتفاق بين “إسرائيل” والفلسطينيين يجب ألا يشمل القدس التي “يجب أن تبقى موحدة إلى الأبد”، حسب رأيه المنسجم تماماً مع الإجماع في الكيان يميناً ويساراً وفوقاً وتحتاً .

يدرك هؤلاء التجار أن نداءهم صرخة في واد سحيق، لن يسمعها قادة “إسرائيل” الملتزمون حتى النخاع بالأيديولوجيا الصهيونية التي ترفض الوجود الفلسطيني وتعادي كل ما هو عربي، ولن تخرج من ثوبها لمجرد نداء بلا رصيد . وماداموا يعلمون ذلك، فإنه لا هدف لتحركات كهذه سوى التطبيع الفلسطيني والعربي مع الاحتلال .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165364

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165364 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010