تركيا في مسلسل الشرق الأوسط

تتراكم الاحداث في منطقة الشرق الأوسط، مثل مسلسل طويل في كل من حلقاته موضوع مزدحم بالاحداث ينتهي بعقدة في نهاية الحلقة لتبدأ بعدها عقد أخرى في احداث قد لاتنتهي.
وعندما نقول بالمسلسل، فنحن امام جهد شخص او اشخاص. اذ لابد من وجود الفكرة، ثم القصة كاملة من أولها إلى آخرها، وبعدها السيناريو والحوارات. ليأتي في النهاية مخرج قدير يملك تجربة هذه الحرفة المعقدة فيبدأ باخراجها صورا إثر صور، وعندما ينتهي المسلسل تكون قد انتهت تفاصيل القصة بعدد من المفاجآت التي قد لا تخطر على بال.
لكن بعض المسلسلات لاينتهي جزؤها الأول بشكل نهائي بل تترك أحداثا لأجزاء أخرى. صحيح انه اسلوب تجاري، لكنه في النهاية تكوين درامي يخضع لموازين فنية عالية إضافة الى مسؤولية الكاتب والمخرج في تقديم عرض مغر ومؤنس ومثقف في آن معا.
الذين شاهدوا أمس التظاهرات التركية اعتقدوا للوهلة الأولى، أنه تكملة للسيناريو الجاري أحداثه في الشرق الاوسط. ربما نحن امام أولياته، أو أمام مشهد اجباري كما يحدث في الدراما .. هل فعليا ثمة تراكم في المجتمع التركي ضد أردوغان بات يمكن التضحية به .. وهل ثمة سيناريو لمخرج قدير هو ذاته صاحب الباع الطويل المعروف، قرر رحلة في تركيا تبدأ بنص أولي ثم تتصاعد الى الذروة. وهل أن المشكلة في تركيا تلك الحديقة في منطقة التقسيم أم أنها حبلى بأحداث من داخل النص المعتمد.
هل قرر المخرج ادارة الكاميرا باتجاه مشهد جديد يخفف من وطأة ما يحدث في سوريا تحسبا لمؤتمر جنيف الذي يراد له أن يقدم خطوة خارج الفراغ الذي تحياه الأزمة السورية. اما السؤال المركزي فيذهب باتجاه المفاجأة التي ولدتها مظاهرات تركيا أمس، وعما اذا كانت ترتيبا لمشكلة كبرى، ام محاولة تأديب داخلي من أجل تراجع اردوغان عن لعبته تجاه سوريا التي وصلت الى حد خنق الدولة العربية والتدخل في شؤونها بشكل سافر من كل النواحي التي تخطر أو لاتخطر على بال.
اذا كانت تظاهرات تركيا غيمة عارضة ، فليس هنالك سوى شد أذن رئيس الوزراء غير الطيب أردوغان، لكن وقائع المنطقة علمنا ان التظاهرات تبدأ كيلا تنتهي، ولكيلا تنتهي فعليها التصعيد نحو الذروة التي يحتاجها المخرج من أجل احداثه.
لكنه السؤال: هل جاء وقت سقوط من لعبوا بالدم السوري، وتركيا في طليعتهم، فيما الحبل على الجرار، واذا ماخرجت تركيا من اللاعبين به، فهل تنتظم بقية السلسلة، وهل يستطيع ما تبقى من لاعبين بهذا الدم من التواصل اذا انقطع الأصل عن التواصل.
في الحلق غصة مما فعله أردوغان بسوريا وهو الذي يتحمل مسؤولية كبرى في تدميرها وفي قتل شعبها وفي سرقة مصانعها المهمة، وفي ادخال المقاتلين من كل حدب وصوب، وفي ادخال السلاح والمؤن والذخائر والطبابة والمؤن الأخرى، وفي محاولة اشعال الفتن فيها ... الخ .... فلقد قلنا مرة أن هنالك قدسية لسوريا المحمية من الله، وهنالك لعنتها التي ستلاحق كل من أساء لها، واذا لم يحن بعد موعد معاقبة تركيا، فان القادم قد بدأ، او مهما تأخر فهو سيأتي، وسيكون مسلسل الشرق الاوسط قد تواصل، لكنه لم يصل بعد الى اللحظة الفاصلة، هنالك لايزال من أحداث عنيفة، سوف تشتد لنشهد عليها جميعا.