الثلاثاء 4 حزيران (يونيو) 2013

«الأخوان» والرأي الآخر

الثلاثاء 4 حزيران (يونيو) 2013 par أمجد عرار

انسحاب ممثلي جماعة الإخوان المسلمين، ومعهم ممثلو حركة “حماس” من المؤتمر القومي العربي، الذي عقد في القاهرة قبل يومين، ينطوي على تناقض منهجي في تعاطي الإخوان مع الرأي الآخر . البعض رد على موقف الجماعة مستغرباً مشاركتها أصلاً في مؤتمر يحمل عنواناً قومياً لا يدخل في أدبياتها وخطاب قادتها، لكن لا بأس، فمن الممكن اعتبار المشاركة قراراً إيجابياً يعني في أحد أوجهه اعتبار الحركة لنفسها جزءاً من المبنى القومي العربي، باعتباره واقعاً موضوعياً وليس مجرد حركات .

في مناسبات تضم قوى مختلفة فكرياً وسياسياً، وفي لحظة تمتزج الخطورة مع الضبابية وعدم اليقين، من المفروض أن يدرك المشاركون أن خلافات في وجهات النظر ستطفو على السطح، وأن هذه الخلافات في بعض مفاصلها تصل إلى مستوى التضاد . وعندما يلتقي ممثلون للقوى الإسلامية ورموز من التيار الناصري وماركسيون وقوميون، من السذاجة بمكان الاعتقاد بأن أياً من هذه الأطراف سيسمع ما يروق له .

لم يسمع ممثلو الإخوان كلاماً جديداً أو مفاجئاً يستحق الرد عليه بالانسحاب، سيما أن الكلام الذي سمعوه يتعلّق بوقائع لم ينكروها حين حصلت، وبالتحديد تطرّق بعض المتحدّثين إلى الرسالة الشهيرة التي أرسلها الرئيس محمد مرسي لرئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز، فتلك الرسالة التي لا يمكن إلا إدانة إرسالها من حيث المبدأ، تضمنت فوق ذلك عبارات تبجيل بمسؤول صهيوني، يداه ملطختان بدماء العرب . كما أن الحد الأدنى من الالتزام الديني والوطني والقومي يتطلّب ألا يعمد رئيس، يفترض أنه مولود من رحم انتفاضة شعبية عظيمة، إلى مخاطبة مجرم حرب ورئيس كيان يغتصب فلسطين والقدس، ب”الصديق العظيم”، وأن يوقّع الرسالة إليه بعبارة “صديقك الوفي” .

إذاً لم يتجاوز المتحدث باسم حركة “تمرّد” المصرية حدود اللياقة حين قرأ في تلك الرسالة تودّداً ل “إسرائيل”، لأن الواقعة التي لم ينكر أصحابها وقوعها تتحدث بنفسها بلغة التودّد . أما كلام حمدين صباحي عن عجز جماعة الإخوان ومؤسسة الرئاسة عن تلبية احتياجات الشعب المصري والمطالب التي نادت بها ثورة يناير، وعن اعتماد السلطة المصرية على سياسة الاستقواء والإقصاء، فإنه يندرج في إطار وجهة النظر التحليلية والتشخيصية، وهو قابل للرد والنقاش والتفنيد، وكان بإمكان المشاركين في المؤتمر من تيار الإسلام السياسي أن يبقوا وأن يردّوا ويناقشوا، سيما أن القائلين بوجهة النظر هذه ليسوا فئة معزولة عن الشعب، بل إن أحدهم، وهو صباحي، حصل في الانتخابات على أصوات تقارب تلك التي حصل عليها الرئيس مرسي . كما أن ما قيل في المؤتمر يتردّد في الإعلام والشارع ومواقع التواصل الاجتماعي .

بالمحصّلة، كان على جماعة الإخوان أن يكون صدرها واسعاً وهي تسمع الانتقادات لسياساتها، وألا تنسى أنها متّهمة بالتدخّل، على نحو غير مشروع، في شؤون دول أخرى، وأن بعض مناصريها والمفتين والخطباء المحسوبين عليها، يستخدمون خطاباً دينياً تحريضياً غير مسبوق من شأنه حرق الأخضر واليابس في العالم الإسلامي، وهذا نهج خطر يتجاوز بكثير من المراحل والدرجات مواقف انتقادية، تستند إلى وقائع موثّقة، وبعضها تعترف الحركة به وتعطيه تفسيراتها الخاصة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2165944

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165944 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010