الأحد 14 تموز (يوليو) 2013

عبوة الضاحية: أين دور التحريض؟

بقلم:عماد مرمل
الأحد 14 تموز (يوليو) 2013

«حزب الله» يتجنب تكرار خطأ «14 آذار»
بطبيعة الحال، لم يُفاجأ «حزب الله» بعبوة بئر العبد، ولذلك بدا جاهزا من اللحظة الاولى للتعامل مع كل مفاعيلها وتداعياتها. كان الحزب يتحسب لمثل هذا الاختبار منذ وقت طويل، وبالتالي فهو وضع في حسابه كل الاحتمالات، من أخطرها الى أقلها سوءاً.
يدرك الحزب أن ساحة المواجهة ولائحة الأعداء اتسعتا مع تدخله العسكري في سوريا، وان عمقه الحيوي في لبنان بات مستهدفا من جهات عدة، تختلف في منابعها الايديولوجية وحساباتها السياسية، لكنها تلتقي على معاداته بعدما جمعتها «مصيبة» تضخم دور الحزب، الى الحد الذي جعله عنصرا حاسما في أي مواجهة، كما حصل في القصير على سبيل المثال.
انطلاقا من هذه المقاربة، تؤكد مصادر قيادية في الحزب أنه يربط انفجار الضاحية بمروحة فرضيات تمتد من العامل الاسرائيلي الى العامل التكفيري وما بينهما، وإن تكن بعض المعطيات قد تعطي أسبقية لفرضية على اخرى.
وتشير المصادر الى ان «حزب الله» حريص على أن يكون منسجما مع نفسه وخطابه في هذا المجال، وهو كما كان يرفض ان تتسرع «قوى 14 آذار» في توجيه اتهامات سياسية مسبقة بعد الاغتيالات والتفجيرات التي استهدفت بعض شخصياتها في السابق، ودعاها الى عدم إهمال أي فرضية، فإنه اليوم يتجنب بدوره الانزلاق الى توجيه اتهام قاطع الى جهة بعينها، قبل أن يمسك التحقيق بخيوط متينة، من شأنها أن تساعد في بلورة صورة الجهة المنفذة للاعتداء، من دون أن يعني ذلك أن الحزب لا يملك في دوائره الداخلية رسما أوليا لأبعاد ما جرى في بئر العبد، بناء على تقديراته ومعطياته الخاصة.
لكن هذا الحذر في توجيه الاتهام المباشر والعلني، لا يمنع مصادر الحزب من الجزم بأن الخطاب المشحون، الذي استعملته أطراف داخلية وإقليمية طيلة الأشهر الماضية ضد «حزب الله»، أنتج بيئة مهيأة لإفراز أو احتضان حالات متطرفة ترى في الحزب وحاضنته الشعبية العدو الرقم واحداً، ما أوجد نوعاً من الاستسهال لفكرة استخدام العنف وإيجاد مظلة لمرتكبيه.
وتلفت مصادر الحزب الانتباه الى أن واحداً من أكثر المظاهر تعبيرا عن هذه الموجة العبثية يتمثل في مبادرة البعض بعد تفجير الضاحية الى إطلاق النار أو توزيع الحلوى ابتهاجا، ما يؤشر الى المدى الخطير الذي بلغته التعبئة المذهبية و«شيطنة» الآخر.
وإذا كان هناك من يعتبر - وفق المصادر - أن مثل هذه المظاهر النافرة هي رد على ممارسات مماثلة حصلت بعد سقوط القصير، فإن المقارنة لا تستقيم بتاتا، لان المعركة في القصير كانت تُخاض مع مسلحين حصرا، وبمجرد انتهائها جرى التعامل بإنسانية وأخلاقية مع الجرحى الذين كانوا يقاتلون الحزب والجيش السوري، أما ما حصل في الضاحية فهو تفجير غادر استهدف منطقة سكنية، ولا يمكن بأي حال الاحتفاء به.
وترى المصادر القيادية في الحزب انه إذا كان فريق «14 آذار» يعتبر أن المواقف التي اتخذها بعض معارضي الرئيس الشهيد رفيق الحريري عشية اغتياله، شكلت تحريضا على الاغتيال، فماذا يقول هذا الفريق عن الحملات المنظمة التي تُشن على الحزب وبيئته لتشويه صورتهما؟ وهل يعترف، عملا بمنطقه تحديدا، بأن الإمعان في السلوك التحريضي، من قبل رجال سياسة ودين، أدى الى التأسيس لمناخ يستسهل التفجير والقتل ويجد المبررات الكافية لهما؟
وتعتبر المصادر أن الحملة السياسية على الجيش جعلت الاعتداء على ضباطه وجنوده مجرد وجهة نظر، تماما كما أن الحملة على «حزب الله» شجعت على استهداف الضاحية، وحتى لو كان المنفذون غير لبنانيين فإن هؤلاء وجدوا بطبيعة الحال في الاحتقان المذهبي بيئة حاضنة لهم، وربما مساعدة لهم.
وتتساءل مصادر الحزب عن الحكمة في قول أحد أبرز قياديي «تيار المستقبل» بأن مطالب أحمد الأسير تعبر عن تطلعات نصف الشعب اللبناني، بحيث أوحى بأن الخلاف مع الأسير هو فقط حول الأسلوب وليس المضمون الذي يثير الفتنة والفوضى، منبهة الى أن مثل هذا الكلام يمنح شرعية للحالات النافرة ويعزز تنامي الاتجاهات المنغلقة التي تجد في العنف المذهبي وسيلة لمخاطبة الآخر.
وتنبه المصادر الى خطورة التمادي في العبث الأمني، لافتة الانتباه الى أن من يظن أن بالإمكان حصر تداعياته هو مخطئ، إذ ان ما يحصل في الضاحية أو بيروت أو صيدا أو طرابلس أو الهرمل يؤثر على لبنان كله، ولا أحد يضمن عدم انتقال العدوى من منطقة الى أخرى في ظل النقص في المناعة الوطنية المكتسبة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2177370

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2177370 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40