الجمعة 19 تموز (يوليو) 2013

بقيت لنا البيانات

الجمعة 19 تموز (يوليو) 2013 par عوني صادق

عقد مؤخراً في مبنى “المقاطعة” برام الله، “لقاء” دعت إليه مجموعة “وثيقة جنيف”، لبحث مسألة استئناف المفاوضات المتوقفة بين الحكومة “الإسرائيلية” وسلطة رام الله . حضر “اللقاء” عن الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، وعضوا اللجنة المركزية لحركة (فتح)، نبيل شعث ومحمد المدني . وعن الجانب “الإسرائيلي” حضر خمسون عضواً من حزبي (الليكود) و (شاس) . وبعد الإعلان عن اللقاء، قامت قيامة بعض الفصائل والمنظمات والهيئات الفلسطينية، وكأنما ذلك يحدث لأول مرة، أو كأن كل شيء على ما يرام و”غير مشبوه” البتة في الساحة .

لقد بدت “الصدمة” التي ظهرت على تلك الفصائل والمنظمات مفتعلة، وغير مقنعة، بل وفاقدة للمعنى في ضوء مواقفها السياسية المعلنة وما هو سائد ومسكوت عنه في الساحة الفلسطينية، حيث ينظر إلى “الأسوأ” كأنه أمر طبيعي، وتثار الزوابع أحياناً حول السيئ . وكما هو متوقع، لم ينتج عن “الصدمة” إلا بضع كلمات تشجب وتندد وتستنكر، في بضع بيانات صدرت عن بضع فصائل ومنظمات، اتفقت على أن ما جرى في “المقاطعة” كان “لقاء تطبيعياً مشبوهاً” .

المجد والخلود للشهيد غسان كنفاني الذي حلت ذكرى استشهاده ال (41) هذا الشهر، والذي لا أظنه خطر بباله عندما كتب (ما تبقى لكم)، أن ما تبقى هو البيانات . وأعرف من الأمثال الشعبية الفلسطينية واحداً يعبر بصورة دقيقة عن حالة النفاق التي تعيشها القوى والمنظمات، والفصائل والهيئات والنخب في الساحة الفلسطينية منذ سنوات عديدة . يقول المثل (بتصرّف طفيف): “فوقه عفن، وتحته عفن، ويقول ريحة عفن” . إنه تعبير عن قمة التعامي، والتجاهل، والتواطؤ، والاستسلام أيضاً . صحيح أن هذه اللقاءات يمكن أن تكون شكلاً من أشكال “التطبيع”، ولكن أيهما أخطر، هي أم “التنسيق الأمني” الذي يتم علناً وعلى مدار اليوم بين السلطة في رام الله وبين الأجهزة الأمنية “الإسرائيلية”، والذي لا يتعرض له أحد إلا في المناسبات، ودونما اتخاذ أي إجراء مع “المنسقين”؟

لقد دانت ذلك “اللقاء” كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة حماس، وأيضاً (قيادة الإقليم في حركة فتح)، وكذلك الاتحادات والنقابات والفعاليات الشعبية . ولكن ماذا فعلت تلك الفصائل والاتحادات، أو على الأصح ماذا قالت، لتمنع تكرار مثل هذا اللقاء؟ بالفعل، هي لم تفعل شيئاً بل قالت كلمات مكرورة عشرات المرات، ولم تكن الكلمات إلا من باب رفع العتب وحفظ ماء الوجه، لأنها في واقع الأمر مستعدة لإعلان ترحيبها باللقاء وتشجيعها لتكراره لو رأت أنه يمكن أن يحقق بعض النجاح في ما فشلت في تحقيقة “المفاوضات الرسمية” التي توقفت منذ ،2010 والتي يرفضها بعضهم قولاً، ويوافقون جميعاً عليها فعلاً . ولن يضيرنا أن نتوقف عند بعض ما جاء في البيانات التي نددت باللقاء من باب توضيح المقصود من هذا المقال، علماً أن ذلك “اللقاء” لم يكن ليتم لو لم يكن بدفع وموافقة من رأس السلطة في رام الله، أو، على الأقل، لم يكن ليعقد في مبنى “المقاطعة” . وما نقلته صحيفة (يديعوت أحرونوت) من أقوال نبيل شعث في اللقاء، يظهر بجلاء أنه وياسر عبد ربه ينفذان رغبة للرئيس محمود عباس، لإبقاء قناة اتصال خلفية مع نتنياهو إذا ما تم الإعلان عن فشل مهمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري . لقد نقلت عنه الصحيفة “الإسرائيلية” زعمه أن “هذا هو اللقاء الأول من نوعه منذ زمن بعيد، وأنا لا أعتقد أن الوساطة الأمريكية هي الطريق الوحيد للوصول إلى اتفاق فيما بيننا . . .” .

وفي بيانها، وبعد أن دانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اللقاء واعتبرته يأتي في إطار “التطبيع السياسي”، رأت فيه “عودة إلى المفاوضات الثنائية بشكل مختلف عن الماضي، ومحاولة “إسرائيلية” مقيتة مع مساندين لها من ممثلي الفلسطينيين للالتفاف على الموقف الفلسطيني من مهمة جون كيري . . .” . ألا يعني هذا الكلام أن (الجبهة) ترى موقف السلطة من مهمة جون كيري لا غبار عليه؟ ثم هي تميز بين موقف الرئيس عباس وموقف ياسرعبد ربه، كما تميز بين “مهمة كيري” و”محاولة إسرائيلية” للالتفاف على موقف الرئيس!! هل نستطيع أن نرى (جبهة جورج حبش) في هذا البيان؟

بدورها، اعتبرت حركة حماس في بيان صحفي، أن اللقاء يمثل “تحدياً سافراً لكل مشاعر الشعب الفلسطيني . . . وفريق جنيف المشؤوم . . . وما يقوم به يمثل طعنة في خاصرة القضية الفلسطينية”! حسناً، ما العمل لمواجهة ذلك؟ (حماس) رأت “العمل” في حث الناس على “عزل هذه الفئة العابثة، ووقف مخططاتها وفضح مشاريعها الخطيرة” ب “تعريتها أمام الرأي العام الفلسطيني والعالمي” . ترسانة من الكلمات! وإن كنت أفهم معنى تعرية “الفئة العابثة” أمام الرأي العام الفلسطيني، فإني لا أفهم معنى “تعريتها أمام الرأي العام العالمي” .

أما بيان الاتحادات والنقابات والفعاليات الشعبية، فجاء فيه أنها “إذ تعلن إدانتها الشديدة لهذه الاجتماعات التطبيعية المشبوهة، فإنها تعبر عن غضبها الشديد من حالة الانفلات السائدة في الساحة السياسية الفلسطينية”! وعن الحل، أضاف البيان: “في هذا الصدد، تطالب الاتحادات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بعقد اجتماع عاجل لاتخاذ موقف واضح وصريح . . . وفي حال عدم تحقيق ذلك، فإن على المجلس المركزي تحمل مسؤولياته . . .” .

ولا تعليق . . .!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2177317

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

3 من الزوار الآن

2177317 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40