السبت 3 آب (أغسطس) 2013

الاحتلال وسلفيت الوادعة

السبت 3 آب (أغسطس) 2013 par أمجد عرار

الفلسطينيون، بحكم التجربة والمعاناة، وجدوا أنفسهم يضعون على قائمة الجرائم ما ليس لشعوب أخرى حاجة بها، وهي جريمة التعامل مع الاحتلال، والتعامل بمعنى الخيانة، خيانة الشعب والوطن والأمة والإنسانية . الاحتلال حين يبدأ استدراج شخص لهذا المستنقع، يقول له: “هذه ليست عمالة . . إنما علاقة بين طرفين، تساعدنا ونساعدك”، ثم ينتهي الأمر به إلى أن يتحوّل إلى أداة طيّعة، ممسحة لا حول لها ولا قوة ولا قدرة على رد أوامر مشغّليه .

قبل بضعة أيام أفاق أهالي مدينة سلفيت الفلسطينية العريقة، على خبر مفجع هزّ كبيرها وصغيرها، وبعد دقائق انتشرت موجاته لتعم فلسطين كلّها . أم شابة لم تتجاوز السابعة والعشرين من عمرها، وطفلاها بعمر الرابعة والخامسة، وجدوا جثثاً هامدة في منزلهم . الخبر قال إن الأم وطفليها لقوا حتفهم إثر تسرّب غاز، لكن ما هي إلا ساعات حتى تبيّن أن الحادث جريمة قتل، والغاز للتمويه .

لم يكن وقع الخبر عادياً في بلدة ريفية وادعة تميّزت عبر التاريخ بالثقافة والمبادرات الإبداعية والتعاون بين أبنائها، هذا التعاون الذي أثمر تطويراً لمدينتهم جعلها مركزية في منطقتها، وهي من أقدم مناطق فلسطين في تعاطي السياسة، وكانت منذ بدايات العمل النضالي المرتبط بالاستعمار وبعده الاحتلال، مقراً لقيادات الحركة الوطنية، وهي من المناطق النادرة التي لم تضربها الفتن العشائرية والحزبية .

بيئة تحمل هذه المواصفات وأكثر منها، لا يمكن أن يتركها الاحتلال بلا عبث أو محاولات تخريب، وقد فشل دائماً في تحويل حوادث فردية إلى اقتتال داخلي، حيث ينجح أبناؤها في محاصرة الحدث ووضعه في نصابه وإنهاء الفتنة في مهدها . لكن الاحتلال لا يكف عن محاولاته جر ضعاف النفوس إلى مستنقعه ليضرب من خلالهم استقرار الشعب الفلسطيني ويدق الأسافين في مبنى وحدته الوطنية . ولأنه ما من شعب يخلو من ضعاف نفوس ومنحرفين، فإن الاحتلال يجد قلة من هؤلاء لتحقيق أهدافه الفتنوية من خلالهم .

هذا الوحش الآدمي في سلفيت كان واحداً ممن نجح الاحتلال في إلباسهم ثوب الخيانة والعار، وإذ قبل على نفسه أرذل الصفات، لم يجد وازعاً من ضمير مباع أو شرف مفقود، يمنعه من قتل زوجة أخيه وطفليها، وهو يحاول سرقة بعض المال من منزلهم .

هؤلاء تدرّبهم مخابرات الاحتلال على كيفية إتقان المهمّة القذرة، ومن ذلك التظاهر بالوطنية والتديّن والإنسانية وحقوق الإنسان وكل الشعارات البراقة التي تخفي تحتها أقبح الصفات . لذلك تجد هذا العميل قد لقّب نفسه “أبو الطيّب”، للإيحاء بالطيبة ولاستعارة فروسية المتنبي . وعلى صفحته في “الفيس بوك” تقرأ أشياء كثيرة، معظمها آيات قرآنية وأحاديث شريفة، ومواعظ وحكم وأدعية، يمكنك أن تقرأ منها “اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي . . وتعلم حاجتي فاعطني سؤالي . . وتعلم ما في نفسي، فاغفر لي ذنوبي” .

ها نحن نكتب عن جريمة مر عليها بضعة أيام، لكن عائلة العميل المجرم، لم تنتظر ساعات، إذ سارعت للتبرؤ منه في بيان على الملأ، وطالبت بإنزال أغلظ العقوبات به وهدر دمه حيث إنه خان وطنه ودينه وباع نفسه للاحتلال والشيطان . ولا شك أن من يبيع النفس لأي أحد يطوّعها للبيع لكل من يدفع .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2178431

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178431 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40