السبت 3 آب (أغسطس) 2013

مواجهة المفاوضات والتفريط ... لا خيار سوى الانتفاضة والمقاومة

السبت 3 آب (أغسطس) 2013 par نافذ أبو حسنة

أعلنت غالبية الفصائل الفلسطينية معارضتها لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال، وقد أبرزت المواقف الصادرة عن تلك الفصائل، المخاطر التي تنطوي عليها المفاوضات، مستندة إلى التجربة الطويلة على هذا الصعيد، والنتائج التي أسفرت عنها.

موقف الفصائل متوقع وطبيعي، وهو ما دأبت عليه منذ بداية هذا المسار في المشهد الفلسطيني، والذي أخذ طابعاً شديد الوضوح عشية، وفي أعقاب توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وعليه يمكن القول: إنه بموازة مسار المفاوضات كان هناك مسار الاعتراض الفلسطيني عليه، أي أن تجربة طويلة قد تحصلت لقوى الاعتراض الفلسطيني على العبث التفاوضي، وتجلياته المتعددة.

يصف الكثيرون المفاوضات المستأنفة بأنها أوسلو اثنان، ثمة أوجه شبه كثيرة بين المفاوضات السابقة، والمفاوضات الجديدة، سواء على صعيد المقدمات، أم على صعيد الشكل: الإفراج عن أعداد من الأسرى في سجون الاحتلال، الطابع السري لمضامين التفاوض وموضوعاته، والنصوص الغامضة والمفخخة، (تبادل الأراضي، حدود الدولة.. الخ).

أنتجت المفاوضات السرية السابقة في أوسلو نصاً مفخخاً، قسّم التسوية إلى مرحلتين، لم تنته الأولى، ولم يشرع في الثانية، وفي المقابل ارتفعت أعداد الأسرى، وازداد حجم الاستيطان على نحو غير مسبوق، وأقيم الجدار الفاصل، وتقدم الاحتلال أشواطاً بعيدة في تهويد القدس، وأخضعت قضية اللاجئين لمساومات متنوعة، ولا يكاد أحد قادراً على معرفة ما إذا كانت مدرجة كبند في المفاوضات المستأنفة أم لا؟

لا يمكن توقع ما هو أفضل، نتيجة للمفاوضات الجديدة، ولا يزال هناك من يعتقد، استناداً إلى التجربة الطويلة، أن ما هو قادم مجرد جولة من العبث، وتقطيع الوقت، وأن ما تريده الإدارة الأميركية هو الشروع في العملية التفاوضية، دون أفق محدد، ولخدمة أجندتها في مواصلة الحرب على سورية، وفي المقابل هناك من يرى أن الولايات المتحدة تعتبر الوقت ملائماً لإنجاز تسوية على حساب الحقوق الفلسطينية.

تجربة الاعتراض الفلسطينية

في الحالين، فإن الخاسر الأكبر هو فلسطين وقضيتها، وستتكفل الأيام القادمة بكشف حقيقة المراد من جولة المفاوضات، وبعد انتهاء الخطوات التجميلية الهادفة إلى تزيين الكارثة المحيقة بالشعب الفلسطيني، سيبدأ ظهور الاستحقاقات الكبرى، وطبيعة الصفقة التي عادت بالسلطة وحكومة الاحتلال إلى مائدة المفاوضات، وفي واشنطن هذه المرة.

يبقى الكلام عن تجربة الفصائل والقوى الفلسطينية في مواجهة هذه المخاطر، وما يراد تمريره من تنازلات عن الحقوق والثوابت الفلسطينية، مبدئياً أكدت الفصائل رفضها المفاوضات، وكذلك رفضها مقترح رئيس السلطة باستفتاء الشعب الفلسطيني على نتيجة تلك المفاوضات، وقال القيادي في حركة حماس؛ إسماعيل الأشقر، إن “المفاوض الفلسطيني عودنا على الفشل الذريع والنتائج الصفرية لمفاوضاته مع الاحتلال”، مشيراً إلى خضوع السلطة لضغوط أميركية للعودة للتفاوض، ورفضت حركة الجهاد الإسلامي فكرة الاستفتاء، وقال الناطق باسمها؛ داود شهاب، إن الحديث عن الاستفتاء يفتقد لأي قيمة، لأنه إذا كان هناك احترام لرغبة الشعب الفلسطيني، فلماذا يتنكر المفاوضون للإجماع الرافض للمفاوضات.

وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على لسان عضو اللجنة المركزية للجبهة جميل مزهر، أن المفاوضات بالرعاية الأميركية لن تقدم أي جديد للقضية الفلسطينية، معتبراً أنها ربح صافٍ للاحتلال الذي سيستغلها لمواصلة مخططاته.

الموقف الأقوى في رفض المفاوضات سجله بيان صادر عن الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين جاء فيه: “يستعد المتهافتون من جماعة أوسلو للذهاب إلى ما تسمى طاولة المفاوضات، التي لا يمكن أن تسمى إلا بالمصطلح الصحيح، الذي يعني أن هذا التهافت ليس سوى الغطاء الذي على جماعة أوسلو أن توفره للعدو الصهيوني من أجل إنجاح مخططاته في تصفية القضية الفلسطينية، تحت يافطة”الدولة غير العضو في الأمم المتحدة“وتحت غطاء توفره القمم العربية المنحطة ببرامجها ومبادراتها السوداء.. من مبادرة قمة بيروت وصولاً إلى مبادرة الأعراب في جامعة الدول العربية فيما يتعلق بتبادل الأراضي التي شارك فيها المالكي؛ أحد وزراء جماعة أوسلو”.

ما يمكن ملاحظته أن مواقف الفصائل الفلسطينية خلت من الحديث عن استراتيجية المواجهة، لقد وجهت نقداً شديداً للمفاوضات، وبينت مخاطرها، لكنها لم تقل شيئاً عن كيفية مواجهتها أو سبل وطرائق هذه المواجهة.

عند بدء مفاوضات مدريد، دعا تحالف من عشر فصائل فلسطينية إلى إضراب عام في الداخل والشتات، كانت الاستجابة مذهلة، تكرر الأمر عام 1993 عند توقيع اتفاق أوسلو، كان الموقف اللفظي قوياً، لكنه كان مشفوعاً بالحديث عن استمرار المقاومة في مواجهة التفريط والاستسلام، وللحقيقة، فإن ما حفظ القضية الفلسطينية على مدى السنوات العشرين الماضية، لم يكن الموقف اللفظي القوي، بل الاستمرار الفعلي للمقاومة، فهل تعي القوى والفصائل الفلسطينية هذا الأمر جيداً وهي تواجه المفاوضات المستأنفة؟

لقد تغير الكثير من ملامح المشهد الفلسطيني، وفي كل الحالات، تظل الخيارات الفلسطينية محدودة حقاً، ولكنها شديدة الوضوح، ونظرة واحدة إلى التجربة الطويلة، هي أكثر من كافية للوصول إلى الاستنتاج الصحيح والمطلوب.

نحو المواجهة

في بيانه تساءل الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين إلى أين هم ذاهبون؟ وماذا نحن فاعلون؟ ورأى أن الجواب المنطقي هو أن نواصل النضال، وأضاف أن "علينا باسم فلسطين، وشعب فلسطين، ومنافي فلسطين.. وباسم أمتنا العربية التي تتعرض الآن إلى أشرس هجمة أميركية صهيونية رجعية من تونس إلى ليبيا، إلى سورية ومصر واليمن ولبنان، باسم كل هذا، يجب أن نناضل لنسقط، جماعة أوسلو.. وأوهامهم في السلطة والثروة..

حانت الآن ساعة الانتفاضة الثالثة في وجه العدو الصهيوني ومسانديه وركائزه في فلسطين، وعلينا أن نبدأ الآن، لأن شعبنا العظيم الذي يواصل النضال منذ ما يزيد على قرن كامل.. قادر على مواصلته قرناً آخر: حتى تحرير كامل فلسطين".

ربما ليست هناك حاجة لقول المزيد، ستكشف المفاوضات عن نفسها، وستعري المجريات المفاوضين كما حدث في مرات سابقة، وإذا أرادت القوى الوطنية الدخول في مواجهة فعلية مستفيدة من التجربة أيضاً، فلا خيار سوى المقاومة والانتفاضة، ولعل الخطوة التي بدأتها الجبهة الشعبية بإطلاق المظاهرات ضد المفاوضات في رام الله، هي خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، وتنتقل برد الفعل من المستوى اللفظي إلى المستوى الفعلي، رغم العنف الشديد الذي واجهه الشبان من أمن السلطة، لا خيار سوى الانتفاضة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2180672

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2180672 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40