الثلاثاء 10 أيلول (سبتمبر) 2013

حصاد الطريق الأوسلوي

الثلاثاء 10 أيلول (سبتمبر) 2013 par مأمون كيوان

مر عقدان من الزمن على تاريخ 13 سبتمبر/أيلول 1993 الذي شكّل محطة نوعية في مسار الصراع العربي-الصهيوني في مستواه الفلسطيني-”الإسرائيلي” . حيث تم التوصل إلى اتفاق مبادىء فلسطيني- “إسرائيلي” لحل الصراع على أساس الاعتراف المتبادل، تلته رزمة اتفاقات وبروتوكولات تضع ملامح معالجة قضايا الحل النهائي المتمثلة في القضايا التالية: الأمن والحدود والمياه والقدس والمستوطنات وقضية اللاجئين .

وشكّل شهر سبتمبر/أيلول في ذاكرة الفلسطينيين رمزاً للتشاؤم أو شهراً أسود في تاريخ ويوميات الفلسطينيين لجهة الإخفاقات السياسية والمجازر والاغتيالات الصهيونية . ففي 29-9-1922 وضع مشروع صك وصاية على فلسطين موضع التنفيذ؛ وفي الشهر نفسه من العام 1939 فشل مؤتمر لندن (المائدة المستديرة) في إقناع العرب بتقسيم فلسطين .

وفي 3 سبتمبر/أيلول 1947 جعلت الأمم المتحدة من نفسها لجنة خاصة لبحث مشروعين: مشروع الأكثرية في الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي ب: 1- تقسيم فلسطين إلى دولتين يربط بينهما اتحاد اقتصادي .

2- تكون الدولة العربية على مساحة 88 .42% من المساحة لأرض فلسطين ويسكنها 725 ألف عربي و10 آلاف يهودي .

3- تكون الدولة اليهودية على مساحة 74 .56%،وسكانها 498 ألف يهودي و497 ألف عربي .

4- يوضع للقدس كيان مستقل خاضع لنظام دولي خاص، تتولى الأمم المتحدة إدارته عبر مجلس وصاية وتضم 105 آلاف عربي و100 ألف يهودي . ومشروع الأقلية الذي قدمته إيران والهند ويوغسلافيا، وتضمّن إقامة دولة اتحادية عاصمتها القدس، تضم حكومتين مستقلتين استقلالاً داخلياً .

وفي يوم 23 -9-1948 تم إعلان حكومة عموم فلسطين في مدينة غزة برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي وفي 23-9-1952 أصدر مجلس جامعة الدول العربية قراراً يقضي بتوقف أعمال حكومة عموم فلسطين؛ و في 17-9-1970 انفجرت أحداث سبتمبر/أيلول أي الصراع الدامي بين الجيش الأردني وقوات المقاومة الفلسطينية، وذلك إثر إعلان الأحكام العرفية وتشكيل حكومة عسكرية مؤقتة في الأردن . وفي الشهر نفسه من العام نفسه فقد الفلسطينيون زعيماً قومياً لطالما اعتبروه محرراً ورمزاً محتملاً لهم ولعموم العرب، أي أنهم فقدوا جمال عبد الناصر .

وفي 17-9-1970 تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و”إسرائيل” من جانب كل من الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء “الإسرائيلي” مناحيم بيغن والرئيس الأمريكي جيمي كارتر . وفي 16-9-1982 كانت مذابح صبرا وشاتيلا، وفي 13-9-1993 وقعت “إسرائيل” ومنظمة التحرير الفلسطينية إعلان المبادئ (اتفاقية أوسلو) في احتفال مهيب أقيم في حديقة البيت الأبيض . الذي شكل للفلسطينيين نصراً وهمياً وهزيمة ماحقة حقيقية، لكونه تضمن تنازلاً تاريخياً عن وطن تاريخي وإقراراً بشرعية وجود “إسرائيل”، بديلاً لفلسطين التاريخية في الحدود الانتدابية، لقاء سراب دولة أو دويلة تشبه الجبن السويسري مملوءة بثقوب كانتونات ومستوطنات أو تشبه أرخبيلاً من الجزر الفلسطينية في بحر من المستوطنات “الإسرائيلية” .

وأدى اتفاق “أوسلو” وما تلاه من اتفاقات جزئية ومكملة إلى بروز إشكاليات جديدة على صعيد الفكر السياسي الفلسطيني تتعلق بأهدافه وبنيته، وأيضاً على صعيد الأشكال السياسية-التنظيمية المعبرة عنه، وخصوصاً م .ت .ف ومؤسساتها كأطر منتجة لأولويات هذا الفكر، تجلت الإشكاليات في ما يلي:

1- نشوء تناقض حقيقي بين قانونية التزام م .ت .ف والسلطة الوطنية بالاتفاقات التي توصلت إليها مع الحكومة “الإسرائيلية” وبين شرعية استمرار المنظمة كمؤسسة وكإطار وطني، ملتزمة مع شعبها بقيادة النضال الوطني حتى العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة .

2- صعوبة التوفيق بين متطلبات نهوض السلطة الوطنية بمهمة بناء مؤسساتها المدنية والعسكرية، وبمهماتها الزمنية والاقتصادية في غزة وأريحا، وبقية مناطق الضفة الغربية وبين متطلبات الحفاظ على مؤسسات م .ت .ف وعلى دورها كإطار وطني قيادي لكل الشعب يضم قوى متعددة متعارضة ومتناقضة في مواقفها من القضايا الجوهرية .

3- صعوبة تنظيم الصلة وانتظام آلية العلاقة العملية الضرورية بين السلطة الفلسطينية الموجودة في قطاع غزة أريحا وبين مؤسسات م .ت .ف .

وفي 24-9-1996 اندلعت انتفاضة النفق إثر افتتاح سلطات الاحتلال الصهيوني نفقاً تحت منطقة الحرم القدسي عشية (عيد الغفران اليهودي)، ويمتد النفق 400 متر تحت المجمع العربي الإسلامي مجاوراً لأساسات المسجد الأقصى . وكانت في 28-9-2000 زيارة أرييل شارون للحرم القدسي الشريف التي تسببت في اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة .

وبنظرة واقعية للواقع الموضوعي لجغرافية الدولة العتيدة المرتقبة المفرغة من ثرواتها وفي مقدمها المياه، والمنقوصة السيادة والتواصل الإقليمي بفعل المستوطنات والحواجز والجدار العازل، والمعوزة اقتصادياً، يبدو أن الحصول على عضوية كاملة أو ناقصة للدولة الأوسلوية المنشأ لن يشكّل إلا استنساخاً كاريكاتورياً لمشاريع كيانية قديمة . فضلاً عن أن هدف السلطة الفلسطينية من الاعتراف الدولي بالدولة هو إحياء العملية التفاوضية التي لا يمانع نتنياهو في استمرارها لعقود قادمة من الزمن .

ووفق هذا المسار لعملية سياسية تمحورت حول حل ساذج لصراع معقد ومفتوح، يبدو جلياً أن أزمة العمل الوطني الفلسطيني ستتفاقم ولا يلوح في الأفق حلول سبتمبر/أيلول فلسطيني جديد بلا نكسات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2176685

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2176685 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40