الخميس 12 أيلول (سبتمبر) 2013

ليس لأجل أطفال سوريا

الخميس 12 أيلول (سبتمبر) 2013 par د. أمينة أبو شهاب

لا تستهدف واشنطن رموز الاستبداد العرب أو ضرب أنظمتهم أساساً، وإنما ترمي إلى تسطيح بنى القوة العربية وإنهائها وإنهاء كيانات الدول في المنطقة العربية واحدة بعد الأخرى . استهداف رموز الاستبداد العربي، كما هو الخطاب الغربي، ما هو إلا الكوموفلاج، أو التخفي ضمن غطاء، كما هو في أية عملية [fond rose]عسكرية[/fond rose] لمخطط طويل الأمد لإفراغ مناطق “جيران إسرائيل” من أي شكل من أشكال القوة والتهديد لها . ليس هدف جهود إشعال الحرب طوال أسبوعين مضيا هو تحرك واشنطن للانتقام للموت الجماعي للأطفال السوريين والانتصار لهم والاقتصاص لأعمارهم الغضة وموتهم زهوراً مهدرة المواسم، ولن يكون أبداً أي موت جماعي للمدنيين العرب محركاً لحرب “دولية” . الحرب لو كانت شنت في الوقت الذي شاءه باراك أوباما كانت ستقتل آلافاً مؤلفة أخرى من السوريين وأطفالهم، كما يقول الكاتب والأكاديمي الياباني بيكو إير . ولماذا تغذي واشنطن الحرب الأهلية للاشتعال الدائم و الحرق والتدمير الذاتي لسوريا وفق خطة بتريوس- كلينتون بالتعاون مع الاستخبارات الأمريكية، واليوم هي خطة جون كيري بانتقال الإشراف إلى وزارة الدفاع الأمريكية . هذه الحرب الأهلية المستعرة قتلت مئات الآلاف من السوريين الذين كانوا ضحايا للنظام وللمعارضة الممولة خارجياً .

الجهد الذي كان للإعداد للحرب على سوريا لن يكون إلا أكبر وأبعد من إطاحة نظام بشار الأسد، وحتى توقف نذر الحرب القريبة واستبدالها بإلزام النظام بالتوقيع على تجريد سوريا من السلاح الكيماوي، لن يخرج سوريا من مسار الحرب التي تنتظرها ومن مصير العراق . الحرب لن تأتي . . وقتياً فحسب، وهنا خاب ظن البعض من أن واشنطن ستخوض حرباً من أجل الأطفال السوريين ومذبحتهم الجماعية . السبب في الحماس الغربي الواضح بإلزام النظام السوري نقض اتفاقية “الجنتلمان” غير المكتوبة التي سكت عنها الجميع، وتقضي بالتسلح السوري بالكيماوي في مقابل التسلح الصهيوني بالذري (والكيماوي أيضاً)، هو أن هذا النقض يقرب سوريا من الحرب ويضعها في فخها . التاريخ القريب للعراق وسوريا شاهد على أن سوريا لا توفر على نفسها الحرب بالتوقيع على اتفاقية منع الأسلحة الكيماوية وإلزامها غربياً شروطها، بل تكتب أسباباً لها ودخولاً إجبارياً - معروف على أي حال- لمصير العراق وليبيا . لقد وقع القذافي على الاتفاقية ذاتها وجرد ليبيا من جزء كبير من السلاح الكيماوي عام ،2010 ولكن ذلك لم يوفر على ليبيا التدمير من خلال الحرب الجوية والانحدار بها إلى الوضع الفوضوي والهمجي لما قبل الدولة . السلاح الكيماوي الذي أمدت به أمريكا العراق كان لسنين ممتدة السبب للحملة على العراق تمهيداً للحرب عليه، حتى بعد أن وقع صدام حسين اتفاقية نزع الأسلحة الكيماوية العراقية والتخلي عنها .

نزع الأسلحة هو محفز للحرب ومسهل لها بإضعاف دفاعات البلد كما كان الأمر في العراق، والأهم من ذلك أن الاتفاقيات والشروط التي يتحدث الساسة الغربيون الآن عن تكبيل النظام في سوريا بها تجعل سوريا موضوعاً للحرب من خلال انتهاكها أو شبهة ذلك وبأداة فريق المفتشين الذي يمكنه العودة إلى سوريا خلال أربع وعشرين ساعة من الشك في أي انتهاك .

لقد انتفض باراك أوباما غضباً، وكان معنياً بشكل شخصي بخروج الرمز الاستبدادي السوري بشار الأسد عن “كل الأعراف والتقاليد في العلاقات الدولية” باستخدامه السلاح الكيماوي . يقول أوباما ذلك كأن أمريكا لا تنتهك الأعراف والقوانين الدولية الخاصة بمنع استخدام السلاح النووي . في الداخل الأمريكي يمنع على الجهات الرقابية الدولية التفتيش على السلاح الكيماوي الأمريكي وأخذ عينات منه بقانون أصدره الكونغرس، وأعطى الحق للرئيس في منع التفتيش على المواقع الكيماوية الأمريكية . كما إن أمريكا قامت بحماية ممارسات “إسرائيل” الإجرامية في مجال الحروب الكيماوية وتسلحها النووي أيضاً .

“إسرائيل” هي سيدة سلاح الدمار الشامل في المنطقة، وهي التي تمتلكه خارج القانون الدولي، وتستخدمه ضد العرب كما في غزة، حيث صبت الفوسفور الأبيض . وذلك لا يحرك ساكناً في ضمائر من يقومون بحمايتها .

حقيقة أوباما وقانون نظامه الدولي لا تبرئ بشار ونظامه ومعارضته من قتل السوريين ولا تقلل من حجم الجريمة .

ويبقى أن نجزم مرة أخرى أن أي حرب ليست، ولا يمكن أن تكون لأجل أطفال سوريا .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2180598

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2180598 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40