الأحد 15 أيلول (سبتمبر) 2013

الفلسطينيون و”فاتورة” الخيارات الضالة

الأحد 15 أيلول (سبتمبر) 2013 par مأمون الحسيني

في حمأة الإعداد للحرب التي يرجح كثيرون أنها باتت خلف الظهر بعد موافقة دمشق على مقترح موسكو القاضي بوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت رقابة دولية، وعشية خضوع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لضغوط وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي التقاه في العاصمة البريطانية لندن، لاستكمال المفاوضات الجارية مع الدولة العبرية، خرج عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات على الفلسطينيين بمرافعة باهتة، متأخرة، عدَد فيها أسباب موافقة القيادة الفلسطينية على استئناف المفاوضات الفلسطينية- “الإسرائيلية” التي أنهت، حتى الآن، ست جولات لم تناقش سوى جوانب إجرائية ومسائل تتعلق بنقاط الخلاف، وبعض المطالب الصهيونية، ولا سيما على صعيد ما يسمى “الأمن الإسرائيلي”، دون التطرق إلى بقية القضايا الجوهرية .

وعلى رغم أن هدف القيادة الفلسطينية الرئيسي من تسليط الضوء على المبررات التسعة التي عدَدها عريقات (التزام الأمريكيين بتحقيق حل الدولتين على حدود 1967 مع تبادل أراض متفق عليه؛ حل كل عناصر الصراع؛ رفض الحلول المؤقتة؛ سقف زمني للمفاوضات . . .) هو تبرئة الذات من تداعيات العقم والعبثية التي وسمت الجولات الست، والمتمثلة أساساً في ارتفاع منسوب عمليات الاستيطان والتهويد، واستكمال عملية تشديد القبضة على منطقة الأغوار التي تعتبرها تل أبيب منطقة أمنية حيوية، وكذلك العمل على إقناع الفلسطينيين بأن هذه القيادة لن تتحمل طويلاً مواصلة التفاوض مع استمرار النشاطات الاستيطانية .

على أن حساب الحقل الذي حاولت القيادة الفلسطينية تسويقه في بازار التيه والإحباط الشعبيين، وفوضى المنطقة التي تقف على فوهة بركان الدمار، جاء مغايراً لحصاد البيدر ومعطياته الصلدة التي لم تعد تحتمل التأويل . إذ، وبخلاف التذرع بالحصول على ضمانات خطية من واشنطن تتعلق بمعظم عناوين الصراع الرئيسة، وعلى رغم تجديد رئيس الدبلوماسية الأمريكية جون كيري التزام بلاده بمواصلة مفاوضات مكثفة لإنهاء الصراع من خلال اتفاق الوضع الدائم، وإطلاعه وفد الجامعة العربية، قبل أيام، في باريس على خطط لتعزيز الاستثمار والنمو الاقتصادي للشعب الفلسطيني، إلا أن سلسلة التصريحات التي أدلى بها مسؤولون فلسطينيون، والتي قدمت تل أبيب احتجاجاً بشأنها للولايات المتحدة، كشفت أن المفاوضات تدور، فعلياً، حول أمن “إسرائيل” الاستراتيجي على غور الأردن، كشرط للبحث في ترسيم الحدود و”المبادلات الأرضية”، وأن الدولة العبرية التي عرضت، في المفاوضات، إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة تعج بمحطات إنذار “إسرائيلية”، مهتمة فقط بالسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، ناهيك عن قيام الوزير كيري نفسه بالضغط على الاتحاد الأوروبي لإرجاء تطبيق العقوبات الأوروبية على المستوطنات الصهيونية، ما سيسهل انضمام “إسرائيل” إلى مشروع “هورايزن 2020” العلمي الأوروبي .

في المقلب الآخر المتعلق بالحرب، لم يخف الأمريكيون سعيهم، إلى تحييد ملف الصراع التاريخي مع الصهاينة البالغ الأهمية والتأثير في الخريطة العربية عن مشهد الأزمات في المنطقة، لا بل إن أحد مسؤولي الخارجية الأمريكية اعتبر، وبمنتهى الاستخفاف بالعرب والفلسطينيين وإمكاناتهم العقلية والقومية والأخلاقية، أن “انشغال العالم بمناطق أخرى في المنطقة قد يساعد المفاوضين الفلسطينيين و”الإسرائيليين” ويمكنهم من العمل بهدوء نسبي، ويتيح لهم حافزاً لمحاولة حل النزاع، وذلك لمنع الاضطرابات” .

ومع ذلك قام الرئيس الفلسطيني بشد الرحال إلى عاصمة الضباب لإعلان الالتزام أمام كيري بمواصلة المفاوضات، رغم علم هذه القيادة ويقينها، استنادا إلى التجربة التاريخية الطويلة، بأن الفلسطينيين هم دائماً أول من يدفع فاتورة الحروب في المنطقة، وهم اليوم على أبواب مرحلة جديدة ربما تكون المعادلة فيها في حال استمرار الوضع على ما هو عليه: الأمن الصهيوني مقابل ترسيم حدود دولة تحت الانتداب الصهيوني- الأمريكي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2165816

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165816 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010