الاثنين 16 أيلول (سبتمبر) 2013

في ذكرى “أوسلو”

الاثنين 16 أيلول (سبتمبر) 2013 par أمجد عرار

ما زال الفلسطينيون وبعض العرب يجادلون حول اتفاق أوسلو بعد مرور عشرين عاماً على توقيعه وعدد من توابعه الفرعية، وهي كلّها لم يطبّق منها سوى سلطة تملك مهمات أمنية جزئية وصلاحيات خدماتية . في ما عدا ذلك، الاحتلال موجود بلحمه وشحمه وعظمه، باعتداءاته قتلاً واعتقالاً وهدماً للمنازل، باستيطانه الممتد على مدار الساعة والممزّق لبقايا أرض فلسطينية، بتهويده للقدس ومقدّساتها الإسلامية والمسيحية .

عشرون عاماً والجدل هو ذاته رغم الحقائق والوقائع وخيبات الأمل والخسائر التي اتضح أنها بالجملة . السبب هو غياب المعيارية ومرجعية المحاكمة في النظر إلى كل ما يتعلّق بالمسيرة الفلسطينية، فمن كانت مرجعيته حركة أو حزباً أو قائداً أو جهازاً، يتبنى ما تقول له هذه المرجعيات وما تفعل باعتباره هو الخط الوطني الصحيح . ومن اتخذ من الحق الفلسطيني والثوابت الوطنية والحقوق التاريخية ومقررات الإجماع الوطني الفلسطيني، مرجعيته من دون أي اعتبار حزبي أو مصلحي آخر، بإمكانه أن يتتبّع المنحنى التنازلي في البرنامج السياسي الفلسطيني . وكم يكون مسار هذا المنحنى صادماً ومهولاً لمن يلقي نظرتين على ما بدأت به القضية وما انتهت إليه .

إذا أردنا احترام الصراحة، فإن هذا الاحترام يفرض علينا الإقرار بأن فلسطين الأرض والوطن والهوية، لم تعد قضية مبدئية بنظر فريق سياسي فلسطيني وعربي يبدأ بطبقات منتفعة يمثّلها النظام الرسمي والمفاوضون، ويمر بحفنة كتّاب ومحلّلين وإعلاميين ومتحزّبين ذوي مصالح، وينتهي بمطبّلين مزمّرين من التابعية المصفّقة وذوي الثقة العمياء . كثيرون من هؤلاء منطقهم يشبه موقف مؤيدي احتلال العراق مدفوعين بالرغبة في تحقيق الديمقراطية، وعندما تبيّن أن كل الأهداف باستثناء تدمير العراق باتت نوعاً من الوهم والسراب، لكنّهم لم يراجعوا ولم يتراجعوا ولم يعتذروا .

عندما تتغلّب الاعتبارات القطيعية والغيبية، لن يعود مستهجناً تصفيق بعض الناس لناهبيهم ومستغليهم وسائقيهم إلى حيث الوهم للشعب والمنافع للثلة التي تقود وتضلل . وبهذا المعنى لا يوضع كل المؤيّدين في سلّة واحدة، ولا يكون المعارضون كذلك في سلّة واحدة، بل تظهر مساحة تجمع أناساً من الطرفين يظلّلها الانقياد الأعمى . وبين هذا وذاك تتعثّر قضية فلسطين وتجد “إسرائيل” فرصتها السانحة لاستكمال المشروع الصهيوني القائم على القضم التدريجي للأرض والتمدّد على المساحة المنصوص عليها صهيونياً ومنتهاها المتمثّل ب “دولة من النيل إلى الفرات”، وهي منطقة باتت تعيش مخاضاً مرتبطاً بهذا المنتهى .

في معادلة ما تبقى من صراع مع المخطط الصهيوني، لم يعد للعامل العربي الرسمي أي وجود إلا بالمعنى السلبي، أي أن صراح الحقوق مع مغتصبيها بات حكراً على المؤمنين بها بلا سند أو داعم أو عامل قومي، فيما العامل الدولي حكر على حماة “إسرائيل” . ولهذا وجدنا وزير خارجية الولايات المتحدة انشغل عشية ذكرى اتفاق أوسلو باستئناف المفاوضات بين الجانبين “الإسرائيلي” والفلسطيني، وهي في ظل موازين القوى القائمة تشبه التفاوض بين مستلق على الأرض وجالس على صدره . وفي كل الظروف والأحوال، تستفيد “إسرائيل” من الوقت أفضل استفادة، في حين أن بقايا الفلسطينيين والعرب يشغّلون العداد لرصد الانتهاكات “الإسرائيلية” في القدس، وتكرر وسائل إعلامهم أخباراً نمطية من نوع “المستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة”، والحقيقة أنهم يقتحمونه من جهة الانقسام الفلسطيني والتواطؤ العربي والفتاوى المشبوهة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2178541

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178541 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40