الثلاثاء 17 أيلول (سبتمبر) 2013

ألغام المياه

الثلاثاء 17 أيلول (سبتمبر) 2013 par وليد الزبيدي

إن التحرك اليهودي، كان القصد منه عدم إثارة الموضوعات ذات الطابع المستقبلي، وخاصة الحساسة منها، ولهذا فإن التوجه اليهودي نحو منابع النيل كان القصد منه وضع الركائز التي يستندون إليها مستقبلاً من خلال معرفتهم بأهمية نهر النيل لكل من مصر والسودان، وتواصل الجهد والبحث في المناطق المحيطة بفلسطين والتي لها تأثيراتها المستقبلية، فبينما قدم (لورانس العرب) الكثير من التفاصيل عن العرب والجزيرة العربية. وأثناء بحثه في منطقة الفرات تم استدعاؤه ليشارك في مسح منطقة النقب والمثلث الأرضي في صحراء سيناء حتى خط الحدود المصرية-التركية الممتد من رفح إلى خليج العقبة، وقد سبقه الكابتن (ينوكومب) إلى مسح المنطقة الواقعة بين قناة السويس والحدود المصرية التركية. وكانت تلك الجهود بمثابة الخلاصة النهائية لعمليات المسح المكثفة، التي جرت في المنطقة المحيطة بفلسطين خلال القرن التاسع عشر.
وما يؤكد ما ذهبنا إليه من أن الدراسات وعمليات البحث والتنقيب في المنطقة العربية، كانت بهدف اعداد الدراسات التي يحتاج إليها اليهود في اقامة دولتهم في فلسطين، ما ذهب إليه هرتزل في عام 1903 عندما طرح مشروع تحويل مياه النيل إلى سيناء، وقدم هذه الفكرة إلى الحكومة البريطانية في عهد الملكة فكتوريا واللورد سالسبوري وجوزيف تشمبلورن وأرثر بلفور وإلى الحكومة المصرية في عهد الخديوي عباس الثاني ومصطفى باشا فهمي، وبطرس باشا غالي والمعتمد البريطاني اللورد كرومر.
وكما هو معروف عن هرتزل من استخدام مختلف اساليب الخداع والتضليل فقد زعم أن المشروع الذي يسعى لتحقيقه في تحويل مياه النيل، يركز على الاستفادة من الفائض من المياه، وكان هذا الطرح يبدو في ظاهره بعيداً عن الأطماع المستقبلية والتوسعية.
وعلى صعيد الحاجة الداخلية للمياه وبقصد توفير الأرضية المناسبة لجلب مئات الآلاف من اليهود لتوطينهم في فلسطين، فمنذ وقت مبكر ادركت الصهيونية أهمية موضوع المياه، اذ نجد وايزمان يتحدث بصورة تفصيلية عن حدود دولة إسرائيل أمام مؤتمر السلام عام 1919، الذي اعقب الحرب العالمية الأولى مؤكداً أن حدود الدولة التي تريدها الصهيونية تتضمن منابع نهر الأردن والأجزاء السفلى من نهر الليطاني واليرموك.
ومن الملاحظ أن الفترة التي فصلت بين طروحات ومقترحات ثيودور هرتزل عام 1903 والمطالب الصهيونية التي عرضها وايزمان عام 1919 قد شهدت انتقالة في الطرح الصهيوني، بحيث اصبحت هناك مطالبة صريحة بحدود الدولة الصهيونية إضافة إلى المطالبة بالسيطرة على مصادر المياه ضمن تلك الحدود، ومن هنا فإن الابعاد السياسية اخذت طابعاً جديداً، ودخلت في مرحلة أكثر وضوحاً، فالسيطرة على المياه تعني اخذ حقوق العرب في المياه ضمن تلك المناطق، إضافة إلى أن ذلك الطرح كان يهدف إلى اغراء المزيد من اليهود للتوجه إلى فلسطين، خاصة وأن مطالب وايزمان تلك لم تبق في حدود اروقة المؤتمر، بل إن الصحافة اليهودية في كل مكان روجت لها وناقشتها بصورة تفصيلية.
إن إسرائيل تعمل على استخدام ورقة المياه لأكثر من غرض، ولم تتوقف مشاريعها سواءً التكنولوجية أو السياسية، بل إنها تتواتر، ونظراً لأهمية المياه القصوى للحياة، فإن إسرائيل تعتبر المياه ضرورية لكافة خطواتها، وتدرك مراكز البحث في إسرائيل اهمية المياه بصورة عامة، ولهذا فإن المدى الذي تتحرك فيه لا تقف عند الحدود السياسية التي ركزت جوانبها في كل من تركيا واثيوبيا، لما لهذه المناطق من أهمية كبيرة بالنسبة للمياه السياسية، وفي حدود المنطقة المحيطة بإسرائيل، فإن هاجس السيطرة على المياه يلازم السلوك الإسرائيلي، انطلاقاً من مستقبل المنطقة المائي وعبر عن ذلك العالم العربي الدكتور فاروق الباز بقوله: إن إسرائيل تسرق المياه الجوفية العربية، كما تفعل بمياه الانهار من حوض اسمه (الحماد) وهو حوض تشترك فيه السعودية والأردن وسوريا وفلسطين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 39 / 2165688

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2165688 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010