الأربعاء 25 أيلول (سبتمبر) 2013

الانتفاضة ضربة الانعاش...

الأربعاء 25 أيلول (سبتمبر) 2013 par أيمن اللبدي

لا يحتاج مراقب المزيد من المعطيات حتى يتوقع انفجارا كبيرا في فلسطين بات يقترب أسرع من كل متوقّع، ولعلَّ المأزق الذي وصلته التفاعلات الداخلية في البلدان العربية التي عصفت بها رياح التغيير الأخيرة خلال السنوات الثلاث الماضية من جهة، والمأزق الذي وجدت فيه نفسها الدول التي خشيت من هذه الرياح فاندفعت لخيارات تصبُّ في تغذية أحدى روافد هذه التفاعلات الداخلية وأحد معسكرات اختلافها، جعل البؤرة تعود للعمل، والبؤرة حقيقة هي فلسطين.

لا يحب كثيرون أن يعترفوا بأن جوهر القضية في كل هذا الاقليم ومعه استتباعا كل هذا الشرق هي القضية الفلسطينية والمسألة الفلسطينية، وهؤلاء باتوا يطربون للحن كاذب مفاده أن هذه القضية لم تعد كذلك وذلك لمجرّد أن معظمهم يحاول إقناع نفسه بأنه طالما هو لم يعد يذكرها كما كان في سابق أيامه وسنينه فهي على هذا النحو من التوصيف من الاخير، أي أنها فقدت الاهتمام وفقدت التركيز عليها وبالتالي لم تعد فاعلة، وفي حقيقية الامر أن هذا الانكار وهذه الطريقة في الاستدلال مضحكة كما اثبتت الايام وآخرها هذا التغيير الذي عصف بهذا الاقليم.

الواقع أن المسألة الفلسطينية هي محور اتزان أو اضطراب هذا الاقليم منذ تشكّلت ملامح الظلم القبيح الواسع فيه باغتصاب وطن مركزي بؤري في هذا الاقليم وتنظيم احلال مجموعات بشرية لا رابط بينها باستثناء افتعال الخرافة مكان اصحاب هذه الارض الذين هجروا الى خارجها عنوة بالعدوان والظلم والقهر، ليس هذا فحسب بل وطوردوا في المنافي التي ارسلوا اليها ووضعوا تحت كل ظروف القهر والحرمان والعدوان على مدار السنوات الماضية ترجمة لطبيعة الكيان الذي رسم في هذه المنطقة في محاولة منه للتوسّع والتمدّد، بيد أن صمود الفلسطيني وصمود شقيقه العربي معه فيما عرف بحزام المواجهة والمقاومة حال دون التمدّد فعاد هذا السرطان لينكمش داخلا وعلى الاقل منذ العام 2000.

اليوم تؤكد رياح التغيير أن المقاومة التي انتصرت منذ بداية القرن وبداية العقد معا قد فرضت تغييرات استراتيجية على هذا الاقليم ولا بد من اخذها في عين الحسبان حتى لا تكون الحسابات الاستراتيجية خاطئة، فالتراجع الذي فرضته المقاومة على محور الامبريالية المندفع في حروبه الاخيرة التي خسرها بالكامل أصبح مع توجّس العدو واكتشافه ان مسألته الوجودية باتت موضع فحص جديد وانها لم تنته كما خيّل اليه،تراجع اساسي وليس موضعي وبهذا المعنى فإن سعار العدو الصهيوني تجاه محاولة تهويد الاقصى بهذا الظرف بالذات هو محاولة لعكس اتجاه الانهيارات الواردة في معنوياته على الاقل، وهي تؤكد انه رغم عمليات القضم والضم والتهجير والتشريد والتي بدت مؤخرا كأجندة متلاحقة من النقب الى المثلث هي محاولات استرداد ثقة معنوية لا اكثر ولا اقل ذلك ان العدو الصهيوني بات يدرك انه سوف يجد نفسه ازاء معادلات جديدة للمقاومة في الاقليم.

في هذا التوقيت بالذات مع هجمة الكيان من جهة وافلاس جماعة الحياة “مفاوضات”، فان المقاومة الفلسطينية تستطيع ايضا بدورها ان تجبر العدو الصهيوني على تحقيق ما هو اكبر من انكماشه الذي موضعه هو بالجدار وبالمستوطنات وذلك بادارة انتفاضة شعبية واسعة ومنظمة وقوية في القدس والضفة المحتلة، ومثل هذه الانتفاضة ان تمت ستحقق ثمار اوسع من ثمارها الفلسطينية فهي ستعيد ضبط مركزية القضية في موقعها الصحيح الذي يلهم ويجمّع على قواسم المستقبل ويقطع مسلسل النزيف والتفتيت والتقسيم الذي يراد لهذا الاقليم ان يسبح فيه مطوّلا على حسابه مذهبيا وطائفيا حتى يعطى للكيان فرصة التقاط أنفاسه التي سقطت بفعل خسائر محوره وحتى يأخذ الكيان فرصته في ترتيب اوضاعه المضطربة وبالذات في مسألته الوجودية المهددة اكثر من اي وقت آخر هذه الايام.

إذن مثلما كلمة السر الحقيقية في مستقبل هذا الاقليم ومستقبل سكانه من حيث التنمية والتقدم والتطور والاستقرار فضلا عن قيم الديموقراطية والحرية والبناء الاجتماعي المرتكز على التناغم والتعاون بين مكوناته قائم ذلك كله على اساس اجتثاث مركبات العدوان والتفجير السرطانية في هذا الكيان الغريب والمزروع اصلا لهدف خلخلة مستقبل هذا الاقليم وجعله رهينة، مثلما ذلك صحيح فإن كلمة السر في اعادة ضبط كل الصوّر الشاذة التي تموضعت مع رياح التغيير التي عصفت ببعض البلدان وجرفت أخرى هو في انتفاضة فلسطينية قوية تعيد تصويب الاتجاهات في الصورة السوريالية لتعود صورة صحيحة وصحية، مثلما فلسطين تحتاج عمقها العربي وامتداداته الاسلامية والمسيحية فإن هذه جميعا تحتاج فلسطين لتضبط دقات قلبها وتنفّسها، وهنا سرُّ هذا الاقليم ومستقبله وصحته أنكر من أنكر ووعي من وعي، فمتى تكون بداية ضربة الانعاش؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2165285

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع مستشار التحرير   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165285 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010