الجمعة 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

جماعة الإخوان .. “المحظورة” شعبيا!!

الجمعة 4 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par سامي حامد

بات من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين قد فقدت القدرة على الحشد، وهو ما بدا من خلال مسيرات كل يوم جمعة حيث تخرج أعداد قليلة تقدر بالعشرات في عدة أماكن متفرقة للتنديد بما يطلقون عليه الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي .. كما أن اللافت في تلك المسيرات أنها أصبحت تواجه غضبا شعبيا عارما حيث كثيرا ما تحدث مناوشات واحتكاكات بين الأهالي وأنصار جماعة الإخوان، وهو ما يعني أن الجماعة باتت مكروهة على الصعيد الشعبي، وأن الخلاف لم يعد محصورا بينها وبين السلطة الحاكمة الآن، وإنما امتد لتجد جماعة الإخوان نفسها في النهاية مرفوضة شعبيا، وهذا هو الخطر الأكبر الذي يهددها حيث تغير الشارع المصري كثيرا في نظرته وتعاطفه مع جماعة الإخوان خاصة بعد أن لجأت إلى استخدام العنف من أجل استرداد السلطة!!
لقد تلقت جماعة الإخوان ضربة جديدة موجعة تهدد وجودها في المجتمع المصري بعد صدور حكم القضاء بحل وحظر جميع أنشطتها وأنشطة وتحركات أعضائها والتحفظ على أموالها، حيث جاء حكم محكمة الأمور المستعجلة ليمثل صدمة جديدة لها ولقياداتها القابعة في السجون .. وبموجب هذا الحكم أصبح تنظيم الإخوان ليس له وجود قانوني وأصبح جميع أنشطته غير مشروعة ومخالفة للقانون .. كما أن هذا الحكم يعطي للدولة الحق في منع أي أنشطة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية للإخوان ومنع إقامة المؤتمرات الجماهيرية والندوات، كما يمنع أعضاءها من التظاهر في الشوارع والميادين، كما أن الحكم يجرم رفعهم لأي شعارات أو شارات تدل على وجودهم!!
وفي الواقع يعتبر تنظيم الإخوان في مصر قد انتهى من الوجود ليس بسبب الحكم القضائي الذي صدر ضدهم فقط، بل بسبب فقدانهم الحصانة الشعبية التي كانوا يعتمدون عليها وتزايد الشريحة المجتمعية المعادية لهم وابتعاد الناس عنهم، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي بات يهددهم الآن، إلا أنهم للأسف لا يريدون الاعتراف بالهزيمة فتجدهم يتجاهلون كراهية الشارع لهم، وفي نفس الوقت لا يبالون بالحكم القضائي الصادر بحلهم وحظرهم، وهو ما ظهر جليا في ردود أفعالهم على هذا الحكم، حيث أشارت تقارير إلى أن الرئيس المعزول محمد مرسي علق على هذا الحكم، وهو داخل الاستراحة المحتجز بها بقوله “يعني هي جت على الحظر .. ما إحنا صدر ضدنا قرارات حظر كتير قبل كده .. ثم بنرجع تاني ونعمل اللى إحنا عايزينه .. وإحنا طول عمرنا محظورين .. إيه الجديد”!!
وللحقيقة فإن المتابع لنشأة جماعة الإخوان المسلمين قبل ثمانية عقود يدرك جيدا بأن هذا الحكم القضائي الأخير الصادر بحلها وحظرها ليس هو الحكم الأول الذي تتعرض له حيث صدر ضدها من قبل قرارين بحلها .. الأول في العهد الملكي عام 1948 والثاني في بداية عهد ثورة الـ23 من يوليو عام 1954، إلا أنه في كلتا المرتين لم تختفِ جماعة الإخوان من الحياة السياسية وبرغم صدامها مع العهد الناصري في العام 1954 ثم العام 1965 ومحاكمة وإعدام وحبس العشرات من قياداتها والمئات من أعضائها استمر وجودها إلى أن أفرج الرئيس الراحل أنور السادات عن قياداتهم نكاية في خصومه من الشيوعيين والقوميين إلى أن اغتالته جماعة إسلامية متطرفة .. وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبالرغم من ملاحقتهم أمنيا باعتبارهم جماعة محظورة والاعتقال الدوري لقياداتهم إلا أن النظام لم يمانع في ظهورهم السياسي حيث حصلوا على 20% من مقاعد البرلمان المصري “88 عضوا” في انتخابات العام 2005!!
وتعتبر أحداث الـ25 من يناير العام 2011 نقطة تحول دراماتيكي في حياة جماعة الإخوان تمثل قمة الصعود والهبوط حيث صعدت الجماعة إلى سطح الحياة السياسية في مصر بدعم دولي وضغوط دولية على المجلس العسكري الذي كان يدير المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونجحت الجماعة في حصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان وفاز أحد قياديها الدكتور محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية، ووضعت دستورا يناسبها، إلا أن تلك الانتصارات غير المسبوقة في تاريخ الجماعة وانشغالها بسياسة التمكين للسيطرة على كل مفاصل الدولة أعمتها عن تلبية احتياجات المواطنين المعيشية التي ازدادت صعوبة عما كانت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك ليكتشف قطاع عريض من الشعب بأن جماعة الإخون ليست لديها الرؤى ولا السياسات ولا الكوادر القادرة على حكم مصر حتى جاءت لحظة الهبوط من على قمة الحكم!!
إن نزول ملايين المصريين إلى الشوارع والميادين يوم الـ30 من يونيو للمطالبة بعزل الرئيس محمد مرسي وإسقاط نظام حكم الإخوان كان هذا الحدث بمثابة نهاية الحقبة الإخوانية في مصر، حيث نزل عدد ليس بقليل من الذين انتخبوا “مرسي” يطالبون بإسقاطه إلا أن الجماعة وقياداتها لم يستوعبوا هذا المشهد جيدا، ولم يعترفوا بأن ما حدث ثورة شعبية أو انقلاب شعبي إن جاز التعبير، وأصروا بدعم من قوى خارجية على التعامل مع ما حدث في مصر على أنه انقلاب عسكري واختاروا العنف سبيلا لاسترداد السلطة التي زالت عنهم بعد مرور عام واحد فقط، ولجأوا إلى حرق أقسام الشرطة والكنائس والمباني العامة واستهداف العسكريين في شمال سيناء، وكان هذا هو الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه الجماعة!!
إن ردود أفعال جماعة الإخوان على فقدانها السلطة كانت ردودا “هيستيرية” نتيجة الصدمة التي شلت تفكيرها وجعلتها تتصرف مثل الثور الهائج أو بمعنى أدق الجريح ما أفقدها الكثير من رصيدها في الشارع المصري وانقلب عليها من كانوا يناصرونها ويؤيدونها لدرجة أنه أصبح من يتصدى لمسيرات ومظاهرات الإخوان الأهالي وليس رجال الأمن .. وبدلا من أن تخسر الجماعة الحكم فقط، وتعترف بالفشل وتخوض المعترك السياسي من جديد خسرت نفسها بعد أن اختارت طريق العنف، فصارت جماعة “مكروهة” على الصعيد الشعبي قبل أن تكون “محظورة” على الصعيد القضائي!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 71 / 2165944

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165944 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010