الثلاثاء 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

تشويه المفاهيم هدف مرسوم

الثلاثاء 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par كاظم الموسوي

لماذا السعي إلى تشويه المفاهيم المعروفة وتخريب مدلولاتها؟. وما الهدف من التشويه؟. هل هذه ممارسات عفوية أو ضيق أفق أو غباء مشهود؟. أم انها مدروسة ولغايات واضحة مرسومة بدقة، وعمل يراد منه ان يؤثر بكل بساطة في المقصود منه؟. إذا كان هذا بهذا الشكل والأسلوب فهل يمرر بسهولة ويسر إلى من يهمه الأمر ويستهدف عقله وكيانه؟. التشويه كما يبدو مطلوب للمفاهيم بكل الأساليب واستغلال كل وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمقروءة والتواصل الاجتماعي والإصرار عليه لتسفيه الوعي الاجتماعي الإنساني وتزييف الاهتمام البشري وتشتيت الإدراك الحسي بتلك المفاهيم ودلالاتها التي وجدت من أجلها أو في سبيلها. كما ان استخدام وسائل الإعلام الرسمي العربي المتعددة والمتنوعة وشراء شخصيات عرفت يوما من دعاة هذه المفاهيم لا يعني غير ذلك، وانه تكليف لها أو مخطط القيام به والتمويه له، وهذا ما ينبغي الالتفات له والانتباه والتحذير منه.. اذ ان هذه المفاهيم معروفة بمعانيها ومدلولاتها وأي تحريف لها يغير منها أو يفقدها المعاني الدالة عليها أو وصفها الحقيقي. وهو كما يلاحظ بديهيًّا ما تسعى وتعمل عليه هذه الوسائل والقائمون عليها. فلا يمكن ان يكون وضعها في غير محلها بدون قصد مدروس بعناية وجدية كبيرة لتمريره وتحقيق ما تصبو إليه الجهات الساعية وراءه. وتقع المسؤولية بالتالي على كل من يسهم في هذه الوسائل ويستخدمها ضمن مساعيه أو أجندته المنظمة له ولأمثاله، اذ لا يمكن ان يقبل راضيا وموافقا ضمنا ومدعيا القابا كبيرة للتعريف به بعد هذا التشويه، والفذلكة والحذلقة “المثقفاتية” لتغطية هذه الأعمال، فهو هنا متواطئ ومنافق فكريًّا وسياسيًّا ومشترك في كل المسار المشبوه ويزيدها طبعا استخدامه لها كغيره ممن عرفوا باسمها أو تمنطقوا بها في حين من الزمن أو في فترة ما، وصارت اليوم وسيلة أو مدخلا لتلك المخططات الخطيرة. هذا بمعنى آخر سلوك مخز وعار حقيقي، وإلا ماذا يسمى مثل هكذا تصرفات ومساع مبذولة؟. ان قيمة آية وسيلة إعلامية تكمن في أساليبها واستخداماتها وتقديرها للمهنية والموضوعية. ولهذا فإن تشويه هذه المفاهيم لا يمكن إلا ان يكون مخططا له ومطلوبا كما يبدو ليس لها وحسب وإنما لحالات التعبير عنها، وهو ما يتطابق مع وقائع حال مصادرها والجهات الموجهة لها.
توضح تلك الأساليب ان أصحابها يقومون بها ضمن اطارات مقرة وتتخادم مع جهات وقوى الاستعمار الصهيو اميركية التي تخوض صراعاتها وتشن حروبها العدوانية في عالمنا العربي خصوصا، فتمارس ذلك وتعمل في سبيل تحقيق الأهداف منها. أي أنها تحولها إلى جزء من اساليب حربها المفتوحة العدوانية. وتترك لمستخدميها الفعليين ما يمكنهم من التعبير بوسائلهم المتبجحة والضالعة في خدمة اهدافها. حيث إن هذا التشويه، كما سبق الذكر، يشمل الوعي والذاكرة والتأريخ وصفحات النضال والشهداء والأجيال، ولا يعني المفاهيم ووحدها فقط بل ويتضمن ايضا قيمتها الفعلية وآثارها العملية.
بين هذه المفاهيم مفهوم الثورة. الذي يجب أن يجل ويحترم تاريخيًّا وواقعيًّا وعملا وخبرة ودروسا. بينما تضع وسائل الإعلام المذكورة هذا المفهوم عنوانا لحلقات وبرامج تقدمها كل يوم بما لا يتوافق مع دلالاته ومعانيه وصورته وسجلاته، فيكشف الأهداف والمساهمات المطلوبة منها. فهي من جهة لا تؤمن مطلقا، وبحكم موقعها ومموليها، بمعنى هذا المفهوم ولا تقر بدلالاته. كما لا يعبر، كل ما يعرف عن مشاريع وخطط أصحابها ومموليها، عن حرص وصدق له. فما تقدمه وتبشر به وتروج له وبهذه الاشكال والأهداف يجعلها ضالعة ومشاركة فعلية، وما يزيد عليه تفاصيل فيما يخطط بعده وما يلحقه من تطورات أخرى. ومن الجهل اعتبار هذه الوسائل لا تعي ما تقوم به وتسهم فيه. يضاف له وهو أمر معلن وليس سرا ان هذه الوسائل مملوكة لأصحابها الذين لا يعرف عنهم انهم يؤمنون بهذا المفهوم أو بأي معنى له. كما انهم يمنعون استخدامه في بلدانهم ويحرمون شعوبهم من حقهم فيه. بل انهم يتهيبون منه كما يرعبون من اسمه وذكره. فكيف اصبح معزوفة مكررة، وحديثا يوميًّا؟. كيف يمكن فهم ان مصدر ومحرك وممول هذه الوسائل يعترف بالمفهوم ودلالاته؟. وأصبح مسموحا له ان يتم بهذا الأسلوب وبالغايات التي يوضع فيها والتي يمارسها بعض الدعاة الذين يتسابقون في ترسيخ تشويهه وتدمير فكرته وهدفه. ولعل ما يجري من تشويه مقصود يخدم اصحابه ومخططاتهم ولكن، وهذا المهم، لا يعني انه سيتغير في هذه الأساليب والممارسات. فتاريخ المفهوم وبمعناه الإيجابي يظل هو هو.. بل يصبح أكثر تجديدا وإلهاما للشعوب المكافحة ضد التسلط والدكتاتورية والقمع والتخادم مع الاستعمار والقواعد الاستعمارية والأحلاف والنهب والفساد. وهو يعني بكل المعاني تغييرا جذريًّا في كل الصعد والمستويات، وإنهاء مرحلة تاريخية كاملة وإعداد صفحات جديدة لمرحلة تاريخية جديدة. هذا ما عناه المدلول وبناه مفهومه. وكل من تصرف بخلافه لا يعمل إلا لزيادة ابعاد الشعوب عنه وتدمير الانتفاضات الشعبية المكافحة من أجل الحرية والديمقراطية والحكم الرشيد والعدالة والتنمية الشعبية وحرمانها منها.
هذا مفهوم واحد تطرقنا إليه لما استهدف به وقصد من ورائه. يعكس خوف تلك الوسائل وأصحابها ودعاتها المروجين لها والناكرين للتاريخ وعبره، والكاذبين لتاريخهم ودروسه. وهو اذ يعني ما يعني ان هذه الوسائل اذ تستهدف هذا المفهوم بحد ذاته فهي تمارس ذلك مع غيره وربما مع كل ما يعنيه ان يكون. وهي في تشويهها وتخريبها تمارس دورا كبيرا في خدمة اعداء الشعوب ومصالح الأمة والوطن. وبهذا العمل تشارك هذه الوسائل كما اصحابها في الحرب والعدوان، في دور أو ادوار لم تعد مخفية ولن تنطلي على أحد، تمنحها شهادة سوداء لها في التاريخ العربي المعاصر لن تنساها الشعوب وقواها الوطنية والتقدمية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2178730

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2178730 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40