الأحد 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

عنصرية وحقد عوفوديا على العرب!

الأحد 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par د. فايز رشيد

مات عوفوديا يوسف عن عمر يناهز (93) عاماً، وهو الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين (السفارديم) والأب الروحي لحركة (شاس) المتطرفة، الذي انشق عن الحزب المتزمت الأم “أغودات يسرائيل” في عام 1983. وذلك بعد خلاف حاد على خلفية التمييز ضد اليهود المتدينين الشرقيين في الحزب، الذي يهيمن عليه اليهود (الأشكنار) الغربيين. عوفوديا يوسف وُلد في بغداد وهاجر إلى فلسطين مع عائلته أثناء الانتداب البريطاني، وفي عام 1947 سافر إلى القاهرة وتسلم منصب رئيس المحكمة اليهودية فيها، ومن ثم عاد إلى فلسطين المحتلة وبدأ في تبوؤ المناصب الدينية وصولاً إلى مرتبة الحاخام الأكبر.
قال عنه نتنياهو“بأنه تعلم منه الكثير” ونعاه كما الحكومة الإسرائيلية والرئيس الاسرائيلي، الأمر الذي يبين أهميته في الشارع الإسرائيلي! معروف عن هذا الحاخام بأنه الأشد عنصرية وحقداً على الفلسطينيين والعرب. سبق أن وصفهم “بالصراصير والأفاعي”! كان ذلك في خطبة دينية له في عام 2004 مع أن من المفترض في رجالات الدين في الأديان الثلاثة“المناداة بالمساواة والتسامح والإخوة بين الأديان”. لم يقتصر وصف عوفاديا للفلسطينيين والعرب والمسلمين على ما ذكرناه بل أفتى فتوةً يقول فيها:“إن اليهودي الذي يقتل مسلماً فكأنما يقتل ثعباناً أو دودة مضرة، والعرب خطر على البشرية، والتخلص منهم مثل التخلص من الديدان وهو أمر طبيعي أن يحدث”. في عام 2001 دعا إلى إبادة العرب بالصواريخ، قائلا: “يجب أن لا نرأف بهم وأن نقصفهم بالصواريخ كي نبيدهم وذويهم هؤلاء الأشرار والملعونين”. لقد طالب هذا الحاخام اليهود“بأن يبتهلوا إلى الله ويدعوه لإبادة العرب وحزب الله وإيران ومحوهم من على وجه البسيطة وإماتتهم وسحقهم بالكامل”. أما بالنسبة للنساء العربيات والأطفال فقد أفتى يوسف“بجواز قتلهم حتى الصغار منهم”.
هذا غيض من فيض فتاوى هذا الحاخام الذي يعتبر منهلاً يستقي منه العلوم الدينية، كل القادة الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزارء بنيامين نتنياهو، ولذلك نرى من الطبيعي أن تتغلغل العنصرية في إسرائيل، وأن تقول استطلاعات الرأي بأنه في العام 2025 فإن المتدينين سيبلغون نسبة 65% من سكان إسرائيل. بالمناسبة نذكر استطلاعاً للرأي نشرته الصحافة الإسرائيلية (الاثنين 7 أكتوبر الحالي) وقام به معهد داحف الإسرائيلي يقول: بأن 64% (من 852 يهوديًّا جرى استفتاؤهم) يؤيدون“بأن اليهود هم شعب الله المختار”. بالتالي: فإن الحركة الصهيونية استغلت الدين اليهودي لصالح تنمية العنصرية لدى اليهود ضد كل من هم غير يهود.
أما بالنسبة لتأثيرات موت غوفوديا يوسف على الخارطة السياسية الحزبية في إسرائيل، فتتلخص في التالي: الحاخام يوسف هو مركز الثقل الرئيسي لحركة شاس، المليئة بالمتناقضات من داخلها، بالتالي: فإن العديدين من المراقبين يتوقعون انقساماً سريعاً داخل الحركة، وذلك لافتقادها للشخصية الكاريزمية في الحزب التي تستقطب كافة الاتجاهات (المختلفة حول مسائل دينية بشكل رئيسي) والدليل على ذلك ما صرّح به النائب ارييه درعي (من حركة شاس) بعد موت الحاخام، فقد قال لوسائل الإعلام “كان أبونا جميعاً وقائدنا ونحن أيتام الآن وبقينا وحيدين بدونه، من سيقوم بتوجيهنا الآن”. على صعيدٍ آخر اشتهر الحاخام يوسف بأنه“صانع الملوك” فبالرغم من محدودية أعضاء حزبه، لكنه يحصل نتائج مهمة في كل انتخابات تشريعية، في الكنيست الحالية له 11 نائبا. لم يشارك في الائتلاف الحكومي الحالي الذي يسعى إلى تجنيد المتدينين في الجيش، وهذا ما رفضه الحاخام، وهو الذي يجيد التكتيكات السياسية الحزبية إلى الحد الذي يُعتبر فيه “بيضة القبان” في أي ائتلاف حكومي إسرائيلي، بالتالي فإنه وفاته ستترك أثرها على عموم الخارطة الحزبية الإسرائيلية.
بالنسبة للتسوية مع الفلسطينيين والعرب، فالحاخام يوسف وخاصة في سنواته الأخيرة من أشد المتطرفين فهو ينكر أية حقوق للفلسطينيين (وغالباً ما يسميهم عرباً) وهو كان قد عارض إعادة تموضع القوات الإسرائيلية في قطاع غزة في عام 2005. الضفة الغربية بالنسبة إليه هي“يهودا والسامرة” وهو يعتبر فلسطين التاريخية جزءا ًصغيراً من“الوطن اليهودي”الذي يمتد من النيل إلى الفرات، والطريقة الوحيدة التي يمكن التعامل بها مع العرب والمسلمين هي من خلال قتلهم، بالتالي “فلا سلام معهم” وهو يُنكر وجود الشعب الفلسطيني من الأساس.
الغريب أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس استغل اجتماعاً تطبيعيًّا عقده في رام الله مع وفد من الكنيست الإسرائيلي (يبلغ 13 عضواً من مختلف الأحزاب الإسرائيلية) ليطلب من قيادة الوفد إبلاغ “تعازيه الحارة” إلى الحكومة الإسرائيلية وإلى عائلة الحاخام، ذلك بالرغم من كل تصريحاته العنصرية. لنتصور للحظة صورة معاكسة تعزية من الرئيس الإسرائيلي أو من رئيس الوزراء بشيخ فلسطيني أو عربي أو باكستاني (على سبيل المثال وليس الحصر) مسلم سبق له أن أفتى ووصف اليهود بنفس طريقة عوفوديا يوسف!!. لذا فإن التعزية رغم الجانب الإنساني فيها، فإنها ثقيلة على التحمل وبخاصة في شخص مثل الحاخام عوفوديا يوسف!! وفتاويه وأوصافه العنصرية ضد العرب والمسلمين.
من جانب آخر ما الذي تغّير في الموقف الإسرائيلي ليقوم الرئيس عباس بعقد اجتماعات تطبيعية مع أعضاء من الكنيست؟ بالعكس، فإسرائيل ازدادت تطرفاً وتعنتاً في رفض الحقوق الفلسطينية والعربية، وزادت من شروطها في تصريح لنتنياهو للإذاعة الإسرائيلية قال فيه:“يستحيل تحقيق السلام مع الفلسطينيين طالما رفضوا الاعتراف بحق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة قومية سيادة”! بالطبع ليست هذه المرة الأولى لنتنياهو يذكر فيه هذا الاشتراط، فلقد سبق له وأن صرح به مراراً وذكره في خطابه أثناء انعقاد الدورة الأخيرة (68) للأمم المتحدة في نيويورك.
يبقى القول:هذه هي إسرائيل وهؤلاء هم قادتها وعوفوديا يوسف نموذج حي من حاخاماتها!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165285

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165285 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010