الخميس 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

مفاوضات بائسة.. وأخطار محدقة

بقلم:بشارة مرهج *
الخميس 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

على الرغم من المواقف “الإسرائيلية” التي تنفي وصول المفاوضات مع السلطة الفلسطينية إلى طريق مسدود، إلا أن المعطيات تشير بوضوح إلى أن هذه العملية ليست جدية ولا يمكن أن تسفر - بسبب تعنت المفاوض “الإسرائيلي” نفسه - عن نتائج إيجابية لصالح الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال وظلم ذوي القربى، لا بل تؤكد هذه المعطيات أن المفاوضات ليست سوى طبخة بحص تتكرر كلما احتاجت واشنطن إلى تحييد الملف الفلسطيني عن تطورات المنطقة العربية الملتهبة، وكلما احتاجت إلى طمأنة أنصارها باستمرار العملية السياسية، بما يساعدهم على التنصل من مسؤولياتهم وإلقائها على الفلسطينيين المحاصرين من كل صوب.

ولو كانت الإدارة الأميركية تسعى فعلاً لمفاوضات فعلية بين الطرفين لاجتهدت قليلاً في وضع جدول أعمال للاجتماعات، وتحديد المرجعيات القانونية لها، لكن هذه الإدارة اعتبرت منذ البداية أن المهم هو جلوس الطرفين إلى الطاولة وفتح حوار مباشر بينهما بعيداً عن الإعلام والرأي العام، وما إن بدأت المفاوضات حتى توارت واشنطن بناء لرغبة “إسرائيل”، وحتى لا تتحمل مسؤولية الفشل المرتقب لهذه المفاوضات.

منذ اليوم الأول رفضت تل أبيب تجميد الاستيطان، حسب ما تعهدت واشنطن، وعمدت إلى زيادة وتيرته عمودياً وأفقياً، لاسيما في القدس، إلى ذلك استمرت عمليات الدهم والاعتقال والاغتيال للمواطنين الفلسطينيين، وتتالت الغارات المبرمجة على الأقصى المبارك بموازاة تعبئة برلمانية ودينية محمومة تدعي ملكيته وحق التصرف فيه.

وفي الوقت الذي كانت تتوالى تصريحات قادة “إسرائيل” مشككة بالمفاوضات، كانت عمليات التهجير ناشطة في القدس والنقب والأغوار، حيث وجدت عائلات فلسطينية عديدة نفسها في العراء تتدثر بأخبار بائسة عن المفاوضات فيتحول بردها إلى صقيع.

والواضح من التجربة الحالية كما السابقة، أن “الإسرائيلي” لا يُقبل على المفاوضات إلا إذا كانت لمصلحته سلفاً، كما حدث في أوسلو، أو مراعاة لواشنطن التي تستخدم هذه المفاوضات لتأمين مصالحها في منطقة تريدها دائماً تحت سيطرتها.

إبان مؤتمر مدريد الشهير قال شامير: “لقد أدخلنا الفلسطينيين في الدوامة”، وها نحن اليوم بعد ربع قرن نشعر بثقل الدوامة وتداعياتها، أما نتنياهو فيقول تعليقاً على طبخة البحص، إن على الفلسطينيين ألا يحلموا بشيء قبل تخليهم عن حق العودة، واعترافهم بيهودية دولة “إسرائيل”، وتسليمهم بالقدس عاصمة أبدية موحدة لـ“إسرائيل”، بكلمة أخرى تقول تل أبيب للفلسطينيين: “تريدون مفاوضات؟ أهلا وسهلاً، لكن المفاوضات أمر ومطالبكم أمر آخر، فإذا أذعنتم لمواقفنا فسنرى ما يمكن عمله، أما إذا أصريتم على الطريقة القديمة، فلا بأس من استمرار المفاوضات، ولكن إلى أجل غير مسمى”.

واليوم، بعد أن تقلص هامش المناورة إلى أدنى مستوياته، وبعد أن انكشفت اللعبة على حقيقتها، صار من مصلحة الفريق الفلسطيني المفاوض، ومعه الفريق العربي المؤيد، مراجعة مواقفه التي لم تُجدِ نفعاً، وإعادة النظر بالنهج الذي أخفق في إحراز أي مكسب للقضية، في وقت أخذت فيه الأقدام الهمجية تتقدم خطوة إثر خطوة في حملتها المرسومة لاحتلال المسجد الأقصى المبارك، وتقويضه من الأساس.

* كاتب عربي



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2165323

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165323 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010