الأحد 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

الابتزاز التفاوضي الصهيوني القبيح

الأحد 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par د. فايز رشيد

تشير غالبية تقارير الصحف «الإسرائيلية» أن المفاوضات مع الفلسطينيين وصلت إلى الأزمة التي تنذر بالانفجار، فقد ذكرت صحيفة “معاريف”الأربعاء 16 أوكتوبر الحالي أن المفاوضين «الإسرائيليين» طلبوا من نظرائهم الفلسطينيين أن يواصل الجيش «الإسرائيلي» انتشاره في منطقة غور الأردن, واقترحوا أيضاً تسليم هذه المنطقة للفلسطينيين في الوضع النهائي شريطة استئجاره عشرات السنوات. من ناحية أخرى أعلنت حركة “السلام الآن” التي تُصدر بشكل دوري تقارير حول النشاط الاستيطاني« الإسرائيلي» في الضفة الغربية. أن عدد الوحدات السكنية الاستيطانية التي تم الشروع في بنائها بين شهري يناير ويونيو الماضيين وصل إلى 1708 مقارنة مع 995 وحدة خلال نفس الفترة من العام المنصرم. وأشارت الحركة في تقريرها الجديد إلى أن تجميد إعلان المناقصات لبناء المشاريع الاستيطانية ,الذي كان رئيس الوزراء «الإسرائيلي» قد أمر به في أعقاب زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إسرائيل, لم يؤثر على حركة البناء الفعلية في المستوطنات. وأشارت إلى أن 86 %من الوحدات الاستيطانية التي بدأ البناء فيها خلال الأشهر الستة الأولى من العام كان في مناطق لا تتطلب تقديم مناقصات ( محمد بدير، أزمة تنذر بانفجار مفاوضات التسوية،الأخبار 18 أوكتوبر 2013). في السياق نفسه ذكرت صحيفة“هآرتس”(الثلاثاء 17 أكتوبر الحالي) أن مستشار نتنياهو لشؤون الاستيطان جابي كادوش يعمل على بلورة خطة تسمح بالالتفاف على الإلزام القانوني بنشر مناقصات حول بناء الوحدات الاستيطانية في الضفة الغرببة.ونقلت “هآرتس”عن كادوش قوله“إن خطته ستتيح البناء في المستوطنات من دون ضجيج ومن دون ضغوط دولية”.
ما قُلناه إن ينم عن شيء فإنما ينم عن ابتزاز تفاوضي صهيوني شايلوكي قبيح , فبكل صلف تطلب إسرائيل من الفلسطينيين تأجير أراضيهم ولِكَمْ؟لعشرات السنين ! ثم بكل صفاقة يعلن كادوش مستشار نتنياهو لشؤون الاستيطان بأنه سيلتف على الطريقة التي يجري فيها بناء الوحدات السكنية الاستيطانية, بحيث لا تكون هناك مناقصات ,وبالتالي سيتم الاستيطان بدون ضجيج دولي!هذه الحقائق التي تذكرها الصحف والتقارير الإسرائيلية تثير التساؤل تلو التساؤل لماذا لا تعلن السلطة الفلسطينية إيقاف المفاوضات فوراً ؟ وأن لا عودة إليها قبل أن تعلن« إسرائيل»:موافقتها على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم والانسحاب الكامل من كافة المناطق التي احتلتها في حرب عام 1967, وقبولها بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على كل حدودها ومعابرها وأراضيها مثل كافة الدول الأخرى ؟ ولما كان مثل هذه الأمر مستحيلاً فلماذا هي المفاوضات أصلاً؟!. لقد وصلت إلى مرحلة خانقة! وقد أعلن الرئيس عباس وبكل وضوح أن السلطة لن تكون قادرة على دفع رواتب موظفيها عن شهر أكتوبر الحالي. لقد وصلت ديون السلطة إلى مبلغ 5 مليارات دولار. إن غالبية عناصر الأزمة المالية الفلسطينية مرهونة بعاملين, الأول: وجود الاحتلال إضافة إلى تحكمه بغالبية الإيرادات المالية الفلسطينية ولعل من أهمها: الجمارك التي تقوم «إسرائيل» بتحصيلها من العابرين والبضائع الداخلة إلى الضفة الغربية, فهي المتحكمة في صرفها للسلطة الفلسطينية, وفي العديد من الأحيان ونتيجة للوضع السياسي تقوم إسرائيل بتأخير صرف مستحقات هذه السلطة. العامل الثاني: أن السلطة الفلسطينية ووفقاً لاتفاق باريس الاقتصادي جعلت من الاقتصاد الفلسطيني اقتصاداً تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي ومسماراً في عجلته.
منذ اتفاقية أوسلو المشؤومة وحتى اللحظة ومنذ قيام هذه السلطة, فإنها تتعرض لابتزاز إسرائيلي دائم ومتواصل من أجل إبداء التنازلات واحداً بعد آخر, وعلى مدى عشرين عاماً من المفاوضات إسرائيل هي المستفيد الدائم والوحيد من الاتفاقية والمفاوضات.لقد أوهمت العالم بأنها تجنح للتسوية. استعملت المفاوضات غطاء للاستيطان الذي ارتفعت وتائره بعد الاتفاقية. أوقعت «اسرائيل» السلطة في فخ تأجيل القضايا إلى ما اسمته مفاوضات الوضع النهائي, وقد امتدت هذه المفاوضات عقدين زمنين في ظل وضوح إسرائيلي منها, مقابل إبداء تنازلات تدريجية فلسطينية.تخلصت إسرائيل بالفعل من عبء احتلالها المباشر للمناطق المحتلة.من خلال التنسيق الأمني من قبل السلطة مع «إسرائيل» وبإشراف أميركي فإن« إسرائيل» أجبرت السلطة الفلسطينية على أن تكون حارساً أميناً لها. تظل الاستفادة الإسرائيلية الأبرز من الاتفاقية والمفاوضات هي إلغاء كافة البنود المتعلقة بالكفاح المسلح من الميثاق الوطني الفلسطيني, في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في غزة عام 1996 وبحضور الرئيس كلينتون، أيضاً فإن «إسرائيل» استفادت مسألة تحمل معانٍي استراتيجية تتمثل فيما يلي:أن السلطة الفلسطينية وقعت في فخ “الخيار الاستراتيجي الوحيد وهو المفاوضات” وانزلقت إلى المقولات« الإسرائيلية» ـ الأميركية ـ الغربية في اعتبار المقاومة “إرهابا”، فللأسف أصبح الرئيس عباس يردد هذا المصطلح. «إسرائيل» استفادت أيضاً من اعتراف فلسطيني رسمي وعربي رسمي بوجودها وباعتبارها دولة من دول المنطقة؟!.
بالمقابل نتحدى أن يقوم مسؤول فلسطيني بذكر فائدة واحدة استفادها الفلسطينيون من الاتفاقية! ومن مفاوضات العقدين! قد يقول قائل إن دخول الآلاف من المقاتلين الفلسطينيين إلى الأرض الفلسطينية وتشكيل السلطة الفلسطينية يعتبر انجازا كبيرا للشعب الفلسطيني. وفي الرد نقول لقد صرّح رابين عندما سأله نتنياهو في الكنيست (وقد كان في المعارضة)عن إدخال الآلاف من(الإرهابيين) الفلسطينيين إلى قلب «إسرائيل», أجاب رابين يومها“بأننا جمعناهم ليكونوا في مجال مراقبتنا”. بالفعل فإن إسرائيل تستبيح الأراضي الفلسطينية في الوقت والزمن الذي تشاء. تقوم باعتقال واغتيال الناشطين الفلسطينيين وقد استطاعت تسميم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.
نؤكد القول: إنه لو جرى استثمار صحيح وسليم للانتفاضة الفلسطينية الأولى, لتحول قيام الدولة الفلسطينية من إمكانيته النظرية إلى الإمكانية العملية،ولكن للأسف جرى استثمار الانتفاضة في توقيع اتفاقيات أوسلو المشؤومة, وبناء سلطة ليست ذات سيادة أو صلاحيات سوى عن القضايا الإدارية للفلسطينيين. وبقوا هم وسلطتهم تحت الاحتلال. تبقى الاستفادة الأخرى الإسرائيلية من الاتفاقية والمفاوضات تتمثل في شق الساحة الفلسطينية والذي حتى اللحظة ما زلنا نعاني من آثاره.
حرّي القول أن «إسرائيل» تمارس الابتزاز التفاوضي القبيح للفلسطينيين, وعليهم وعلى النظام الرسمي العربي وضع استراتيجية جديدة في مواجهة هذه العدو الصهيوني الشايلوكي بامتياز.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2178417

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178417 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40