الخميس 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

على هامش الفرحة بالأسرى

الخميس 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par أمجد عرار

بعد صمت الوهج الفلسطيني المشروع فرحاً بتحرر ستة وعشرين أسيراً، ثمة مساحة لقراءة المشهد وملاحظة بعض مترافقاته على هامش الفرح، لكي نفهم أكثر حدود الفرح وآفاق النضال لمواصلة طريق، لا مبالغة في القول إنه لم يحقّق الحد الأدنى مما هو أهم قبل المهم في مسيرة النضال الفلسطينية . أولى الملاحظات توقيت إخراج الاحتلال للأسرى المحررين، حيث وصلوا إلى رام الله وغزة بعد قرابة ساعتين من انتصاف الليل، وهذا ليس أمراً إجرائياً أو عفوياً، بل يقصد الاحتلال منه تقليص احتفالات الفلسطينيين بالمحررين إلى أدنى حد ممكن، مع تقصّده أن يكون الليل عامل تقليص لمشهد الاحتفال في شاشات البث التلفزيوني .

من نافل القول إن أي فرحة أو حتى ابتسامة فلسطينية، لا تكون إلا أمراً مكروهاً بنظر الصهاينة، وإذا كان قادتهم قد وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع هذا الثمن لقاء استئناف السلطة لمفاوضات يريدونها، فإنهم لا يريدون للمستوطنين الأشد تطرّفاً رؤية احتفالات الفلسطينيين، حتى لا تزداد ضغوط الأجنحة الأكثر يمينية على حكومة الكيان .

ثانية الملاحظات، أن قوات الاحتلال اعتقلت، خلال الثماني والأربعين ساعة السابقة للحظة إطلاق الأسرى، خمسة وعشرين فلسطينياً في حين كان الأسرى الستة والعشرون يهمّون بمغادرة السجون . هذه رسالة متجددة من جانب الاحتلال الذي يريد أن يذكّر الفلسطينيين شعباً وقيادة وآلافاً من الأسرى الذين ما زالوا خلف القضبان، أنه ما زال ممسكاً بورقة الاعتقالات، بمعنى أن الإفراج عن بعض الأسرى شيء، وإقفال ملف الأسرى والأسر شيء آخر .

ثالثة الملاحظات أن الاحتلال أعلن بالتزامن مع إطلاق سراح هذه الدفعة من الأسرى، عن ألف وخمسمئة وحدة استيطانية جديدة، وهو بهذا يريد القول إن هذه مجرد خطوة هامشية لا ينبغي أن تغري القيادة الفلسطينية أو تشيع الأوهام لدى الشعب الفلسطيني وتدفعه لرفع سقف توقّعاته لتلامس سقف أية قضية أخرى بما فيها الاستيطان .

رابعة الملاحظات كان مصدرها كلام محمود عباس في خطابه خلال استقبال الأسرى، حيث قال إن السلطة لن توقّع أي اتفاق طالما بقي في السجن أسير فلسطيني واحد، وللرد على موضوع الاستيطان قال إن الاستيطان غير شرعي، ما يعني أنه لا اتفاق مع بقاء الاستيطان . هذا التزام يفرض على الفلسطينيين وضعه نصب أعينهم، ووضعه بالاعتبار في محاكمة الأداء السياسي للقيادة، التي ينبغي عليها أن تتذكّر دائماً أن أي اتفاق سياسي ينزل عن سقف الحرية والاستقلال وإزالة الاستيطان وحرية كل الأسرى وعودة اللاجئين، لن يكون مرفوضاً من جانب الفلسطينيين فحسب، بل إنه سيكون من الواجب مواجهته وإسقاطه .

من المفروغ منه أن كل فلسطيني وعربي، وكل إنسان في العالم لم تلوّثه جراثيم العولمة، يشعر بالفرح لرؤية أسرى أمضوا قرابة ثلاثة عقود في سجون أسوأ احتلال في التاريخ، يتنسّمون نسيم الحرية، ويعودون إلى أحضان أسرهم وأهلهم وأبناء شعبهم . ومن دون شك، أيضاً، أن كل أسير يتحرر من قبور يسميها الإعلام سجوناً، هو مكسب وإنجاز ومبعث فرح . لكن هذا ليس لب القضية، فإذا تحرر كل الأسرى وبقيت فلسطين أسيرة، فإننا ببساطة، سنعود إلى نقطة البداية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165480

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165480 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010