السبت 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

مطلوب عربة مطافئ لكل حزب

بقلم:محمد عثمان عباس*
السبت 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

لا ننكر أن ثورات الربيع العربي كانت بمثابة قرع أجراس الانذار لكافة الأحزاب التي تدور في فلك عالمنا العربي، كما أنها إشارة خطر للأنظمة الاستبدادية الحاكمة الا أن النتائج لم تكن متوقعة أو مقنعة للجماهير، حيث زحفت الأحزاب التقليدية والتاريخية على بعض الثورات خاصة تلك التي اشعلتها جدوة وتيارات الشباب التي كانت تتوق للتغيير إلا أن قدراتها التنظيمية وتجاربها (القاصرة) حالتا دون اكتساح الساحات السياسية، الشيء الذي مكن (العسكر) من اقتحام المعترك السياسي كما في مصر بحجة حماية الأمن القومي والقضاء على الإرهاب واستهداف الوحدة الوطنية وأحداث الصراعات بين أبناء البلد الواحد، ورغماً عن ذلك لازال المشهد مؤلماً بظهور تيارات مناوئة (للعسكر) وللحكم المدني رغماً عن اختيار حكومة مدنية تضم رئيس جمهورية ورئيس وزراء (منصور - والبيلاوي) .أما الشباب الذي أشعل شرارة التغيير بما فيهم (كفاية) فقد أنطفأ بريق حماسهم وأصبح الجميع يتطلع الى وحدة اللحمة الوطنية وإبعاد الصراعات السياسية والجماعات المسلحة.
أما ما حدث في تونس (الغنوش) فأن وعي قيادات حزب النهضة (الإسلامي) مرجعية ومبادئ فوت الفرصة على بقية الأحزاب المعارضة التي بدأت في توسيع دائرة الاختلافات مع الحزب الحاكم واستقطبت الجماهير التي تواصلت مسيرات احتجاجها بل واتجهت الى المقاومة المسلحة واستهداف مقار حزب النهضة (الحاكم) بالاعتداءات وحرق مقتنياته وكانت كلها (ضغوط) لاثنائه عن الحكم منفرداً واتاحة الفرصة لحكومة قومية تضم كافة الأحزاب المنتشرة بالساحة وكانت شروطها (ضاغطة) وقاسية وشرسة تمثلت في الاستجابة لمطلبها بإعلان تنحي الحكومة مما دفع رئيس الوزراء لإعلان تنخية بعد ثلاثة أسابيع لحين تكوين الحكومة القومية تحسباً لحدوث فراغ دستوري بالبلاد، وكانت عظمة الشيخ الغنوش العائد من المنفى بعدم تمسكة بالحكم من احراز حزبه (لغالبية) المقاعد بالجمعية الوطنية ،هنا تجلت حكمة رئيس حزب النهضة الاسلامي الذي لم يتمسك حزبه بالحكم وإنما كان هدفه مراعاة مصلحة وطنه ووحدة شعبه، وهكذا ضرب مثلاً كما فعل المشير سوار الدهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الذي تخلى عن الحكم حسب المدة التي توافقت عليها الأمة (مدة عام واحد) كان هم (الغنوش) وحدة التراب التونسي والاعتداد بالثورة التي قادها الشعب ضد الرئيس الأسبق (بن علي) وبدأت شرارتها من الشارع (يصبي) بائع متجول ضحى بنفسه ضد ظلم ممثلة المحلية التي لحقته باهانته وصفعة ليحترق وينعم شعبه بالحرية.
أما نحن فإن هم احزابنا وقياداتها التمسك بمقاليد الحكم يهمهم فقط الوصول للسلطة يتوحد شملهم بعد صراعات داخل أحزابهم ويشعلون الفتن والخلافات ويبثون الفرقة بينما أحزابهم غارقة في الصراعات حول المناصب القيادية والمكاتب وأمانة الحزب كما تدور صراعات كثيرة حول رئاسة الحزب وزعامته، ونقول لأحزابنا لقد جاءتهم الفرصة السانحة بإعلان مواعيد الانتخابات خلال عام 5102م ونقول لهم وحدوا صفوفكم أولاً وأقضوا على خلافاتكم المتجزرة المزمنة ولتكن أهدافكم جميعاً وحدة السودان وتوحيد الجماهير، وأن لا تقود الصراعات الداخلية مرة أخرى للسطع والعلانية حول زعامة الحزب وأماناته وأن لا تكون أحزابكم خاوية من البرامج والخطط التي تؤكد أنكم تتجهون نحو التطوير والتغيير ،خاصة وأن البلاد تشهد ثورة في كافة مجالات التنمية ولديها مشاريع ضخمة وبنيات أساسية ولم تعد هناك مشكلات في الكهرباء والري وتأمين غذاء المواطنين من الحبوب الغذائية وتوفير المواد البترولية بدلاً عن الصفوف، ولم يهزم الدولة (التموين) والمواد الاستهلاكية على الأحزاب الاستعانة بعربات المطافئ لاخماد الحرائق والصراعات داخلها... والله المستعان كما أرجو أن لا يكون الإنقضاض على الحكم هو هدفكم وذلك لوجود متغيرات لابد من استصحابها معكم ،وهي أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم منذ يونيو 9891م له قواعده وجماهير وحسب آخر خطاب للرئيس البشير أكد أنه يضم 51 مليون عضواً.
ختاماً كفانا (الهرجلة) التي نتابعها وتلك التصريحات التي سودت الصحف والتي تشير الى أن الحزبية الاتحادي الديمقراطي والأمة بين كر وفر في الانضمام لحكومة الوحدة الوطنية... ثم يعلن حزب الأمة انضمامه وفي اليوم الثاني يحدث العكس، ثم يعلن الحزب (المتوالي) انسحابه... وهكذا تستمر لعبة الانضام والانسلاخ، والمواطن الغلبان يشكو من تلك الصراعات التي لا تساعده في (حلة الملاح) ولا في توفير خدمات العلاج والتعليم ولا حتى في زيادة دخله (الشخصي) ولا (القومي)... وربنا غالب.

*كاتب سوداني



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2165884

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165884 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010