الاثنين 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

تداعيات عودة ليبرمان وزيراً

الاثنين 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par د. فايز رشيد

مثلما كان متوقعاً، برّأت المحكمة الصهيونية أفيغدور ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” من التهمة الموجهة إليه، وهي “خرق الأمانة والغش والخداع” بالتدخل من أجل تعيين دبلوماسي “إسرائيلي” (في سفارة “إسرائيل” في بيلاروسيا) في منصب سفير، بعد أن بادر ذلك الدبلوماسي لكشف وجود تحقيقات سرية جنائية ضد ليبرمان، هذا مع العلم أن الاتهامات الأبرز لليبرمان لم يتم محاكمته عليها وهي: الكسب غير المشروع، تبييض الأموال وإقامة شركات وهمية . لوائح الاتهام هذه جرى الانتهاء منها صيف العام 2010 وأوصت الشرطة بتقديم لوائح اتهام ضده، لكن وبشكل غريب وعجيب لم يجر توجيه التهم إلى ليبرمان، إذ إن المستشار القضائي للحكومة أجهض الملف وركز على قضية هامشية جداً . هذا يعني أن ما يسمى “بالقضاء”لإسرائيلي“العادل” هو محض وهم، وأن هذا القضاء يأتمر بأمر السياسيين . هذا ما لا نقوله نحن فقط، وإنما أيضاً مصادر “إسرائيلية”، فرئيسة حزب “ميريتس” طالبت بإجراء بحث في شكل تصرف المستشار القضائي للحكومة بصفته المدّعي العام للنيابة على ضوء إجهاض الملفات الجنائية ضد ليبرمان .
من جانبها أكدت المدعية العامة السابقة المحامية آفيها أولف قبل أيام في مقابلة صحفية: “أن كبار المسؤولين في النيابة”الإسرائيلية“تآمروا من أجل إجهاض ملف الفساد ضد ليبرمان، وتقليصه إلى ملف اتهام هش”، واستأنفت في مقابلة أجرتها مع صحيفة هآرتس “أنني أشك في تسريب معلومات كثيرة لليبرمان خلال عملية التحقيقات ضده التي استمرت لسنوات” . إن ذلك تأكيد على دور السياسة “الإسرائيلية” في القضاء . ليبرمان معروف بفاشيته وحقده الكبير على كل ما هو فلسطيني وعربي، وهو من الصقور المتشددين في حكومة الكيان الصهيوني . إنه الحليف الأبرز لنتنياهو كما حزبه لحزب الليكود، وهو من المؤمنين بإجراء “ترانسفير” لأهلنا الفلسطينيين العرب في منطقة 1948 . ليبرمان ضد أي انسحاب صهيوني من الضفة الغربية، وهو ضد إقامة دولة فلسطينية . هذه الصفات يشترك فيها مع كافة الأحزاب المتشددة الأخرى في الحكومة، وعلى رأس هذا الائتلاف يقف نتنياهو الذي يشاركهم نفس وجهة النظر، لكن وبحكم منصبه كرئيس للوزراء يضطر في كثير من الأحيان لإخفاء قبضته الحديدية بقفاز حريري وفقط من أجل الاستهلاك الإعلامي .
مثلما كان متوقعاً أيضاً عاد ليبرمان إلى وزارة الخارجية، هذه الحقيبة احتفظ بها نتنياهو لنفسه، بانتظار تبرئة ليبرمان، وكأنه يعلم مسبقاً أن المحكمة ستقوم بتبرئة حليفه من التهم الموجهة إليه، كيف لا وقد أُسقطت عنه التهم الرئيسية والأساسية . إن تأثيرات عودة ليبرمان إلى مقعده في وزارة الخارجية تتمثل في القضايا التالية: أولاً: ممارسة ابتزاز على رئيس الحكومة نتنياهو، فقد أعلن وزير الأمن الداخلي يتسحاق اهارنوفينش من حزب “إسرائيل بيتنا” أن على الهيئة العليا للحزب عقد اجتماع لها في الفترة القليلة المقبلة، لبحث مستقبل الشراكة مع حزب الليكود ضمن كتلة نيابية واحدة، ووصف هذه الشراكة “بأنها لم تعد جيدة للحزب”، في إشارة واضحة إلى طلب فك هذه الشراكة، ما سيجعل حكومة نتنياهو منذ الآن بأربعة رؤوس(الشركاء الآخرون في الائتلاف) أساسية، الأمر الذي يخلق تناحرات غير واضحة حتى الآن في ائتلاف نتنياهو، الذي أقيم قبل نحو سبعة أشهر .
ثانياً: إن عودة ليبرمان تعني ترجيح كفة الأحزاب الأكثر تطرفاً (إذا ما قسّمنا فرضاً الائتلاف بين متطرفين وأكثر تطرفاً) في الائتلاف الحكومي الحالي، وهذا ما سينعكس على سياسة الحكومة “الإسرائيلية” في مختلف التوجهات السياسية، إن في المزيد من التشدد في المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين، والمضي قدماً في تسريع وتائر الاستيطان، وتهويد القدس ومنطقتها، ورفض إقامة حتى “دويلة فلسطينية” وإن كانت أقرب إلى حكم ذاتي منها إلى دولة بالمعنى الحقيقي للكلمة . ليبرمان صريح في عدوانيته للفلسطينيين والعرب ومن الداعين إلى رفض أي انسحاب “إسرائيلي” من الضفة الغربية (يهودا والسامرة على حد تعبيره) ويطالب الفلسطينيين والعرب بالاعتراف صراحةً وعلانيةً بيهودية دولة “إسرائيل” .
ثالثاً: عودة ليبرمان ستثير نزاعاً على الصلاحيات بينه من جهة وبين تسيبي ليفني وزيرة القضاء مسؤولة ملف المفاوضات مع الفلسطينيين . كذلك مع وزير ما يسمى ب“التهديدات الاستراتيجية” يوفال شتاينتس الذي يتولى ما يسمى ب“الملف الإيراني” . يجدر الذكر في هذا المجال أن “إسرائيل” تقف ضد إبرام أي اتفاق بين إيران من جهة والولايات المتحدة والدول الغربية من جهة أخرى . عودة ليبرمان إلى الوزارة هي قوة إضافية لنتنياهو والوزراء المطالبين بتوجيه ضربة عسكرية إلى المشروع النووي الإيراني، وهذا ما أبرزته معظم الصحف “الإسرائيلية” في تعليقاتها على إعادة تسلم ليبرمان لمنصبه . رابعاً: من المنتظر خلال المرحلة القريبة القادمة أن تشهد الدولة الصهيونية مزيداً من مشاريع القوانين العنصرية ضد أهلنا في المنطقة المحتلة عام ،1948 في اللجنة الوزارية “الإسرائيلية” للتشريع . لوحظ في السنوات الأخيرة ازدياد في عدد مثل هذه القرارات في الحكومة “الإسرائيلية”، الأمر الذي يشي بأن التحولات في الداخل الصهيوني بالمعنى الفعلي سائرة باتجاه المزيد من العنصرية والتطرف .
خامساً: عودة ليبرمان تضع مصاعب جديدة أمام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وأيضاً أمام الإدارة الأمريكية لإنعاش التفاوض بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني . لقد حاول الوزير الأمريكي في جولته الأخيرة في المنطقة إعادة الحياة للمفاوضات الجارية بين الطرفين بعد أن وصلت إلى طريق شبه مسدود . لقد هاجم أقطاب التطرف “الإسرائيلي” كيري لتحذيره من أن فشل المفاوضات قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة .
لقد دعا وزير الحرب موشيه يعلون إلى عدم الاكتراث والخوف من تصريحات كيري “فنحن ندير نزاعاً مفتوحاً وطويلاً مع الفلسطينيين” .أما رئيس الائتلاف النائب ياريف ليفن فقال: “إن حق”إسرائيل“في أن تبني في كل أرجاء أرض”إسرائيل“ليس قابلاً للجدل” . بدورها أوضحت نائبة وزير المواصلات تسبي خوطوبيلي من حزب الليكود الحاكم أن العرب رفضوا كل وجود يهودي في أرض “إسرائيل” . التفكير بأن البناء الاستيطاني أمر مغلوط مسألة خاطئة تماماً . أما رئيس حزب المستوطنين “البيت اليهودي” نفتالي بنيت فقد قال “القدس الموحدة تحت سيادة”إسرائيل“هي ضمانة للسلام ولن تكون سبباً للتهديدات” .
هذه عينة من وزراء الائتلاف الحكومي القائم في الدولة الصهيونية . وهذه نماذج من اعتقادهم وإيمانهم . يبقى القول إن الائتلاف الحالي كان المناسب للفاشي ليبرمان، الذي يعود إلى مكانه الطبيعي .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165693

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165693 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010