الخميس 5 كانون الأول (ديسمبر) 2013

تهنئات عباس والتصفيق العربي...أليس مهزلة؟

الخميس 5 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par د. فايز رشيد

دأب الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تهنئة القادة الإسرائيليين و(الشعب) الإسرائيلي بمناسبات مختلفة، وبخاصة في الأعياد اليهودية. في هذا العام الحالي تحديداً هنّأ عباس نتنياهو بالأعياد اليهودية.عزّى بوفاة الحاخام عوفوديا يوسف. وأخيراً قام بتهنئة إسحق هيرتزوغ بمناسبة فوزه برئاسة حزب العمل. تهنئات عباس ليست بروتوكولية، كما تقضي قواعد الأخير بين الدول، فليست فلسطين وإسرائيل دولتين صديقتين مثل باقي دول العالم حتى يتم تطبيق قواعد البروتوكول بينهما؟! نذّكر الرئيس الفلسطيني بأن إسرائيل محتلة لكافة الأراضي الفلسطينية، وتغتصب إرادة الشعب الفلسطيني، وهي التي قامت ولا تزال تقوم بمجازر ضده وتصادر أراضيه للاستيطان، إلى آخر كل ما تقوم به إسرائيل من موبقات. نذّكر الرئيس عباس بأن الفلسطينيين هم المعتدى عليهم والمصادرة حقوقهم. إسرائيل هي الجلاد والفلسطينيون هم الضحية فكيف يقوم المسؤول الأول للشعب الضحية بتهنئة الجلاد في عيده؟ أليست مسخرة هذه التهنئات؟. من ناحية ثانية ووفقا لصحيفة “يديعوت أحرونوت” فقد صفّق تسعة وعشرون مسؤولا عربيا لبيريز حين خاطبهم بالفيديو، أليس ذلك مهزلة ؟ ألا يدرك هؤلاء المسؤولون بأن بيريز هو من أوائل الجلادين الصهاينة الذي اقترف المجازر ضد الفلسطينيين والعرب؟! ألا يدركون أن اسرائيل بقادتها وعلى رأسهم بيريز هم خطر على الفلسطينيين كما هم على العرب ؟!
وبعودة إلى تهنئات عباس وحادثة التصفيق العربي، ليعلم الرئيس الفلسطيني والمسؤولون العرب أن نتنياهو هو الذي ينكر حقوق الشعب الفلسطيني، وهو الذي اقترف مجازر عديدة ضدهم ولا يزال. هو ينكر وجود الشعب الفلسطيني من الأساس فكيف تتم تهنئته؟ الحاخام عوفوديا يوسف هو الذي يطالب بقتل الفلسطينيين والعرب والمسلمين فهم بالنسبة إليه ليسوا أكثر من“صراصير وأفاع”، وهو العنصري الذي ينادي بقتل حتى الأطفال الفلسطينيين. أما حزب العمل (وما أدراك ما حزب العمل) فحدّث ولا حرج عن تاريخه الحافل: باقتراف المجازر الصهيونية قبيل وبعد إنشاء إسرائيل، فهل تجوز تهنئة هؤلاء؟ أيعتقد أبو مازن أن مثل هذه التهنئات تقوم بتليين التشدد الإسرائيلي تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية؟ إن أحد اشتراطات نتنياهو على السلطة الفلسطينية ومن أجل أن يوقع تسوية إسرائيلية معها: الاعتراف“بيهودية دولة إسرائيل” بما يعني إلغاء الحقوق الوطنية الفلسطينية جملة وتفصيلاً، وإلغاء التاريخ العربي لفلسطين، والاعتراف بالأضاليل الصهيونية حول الحق التاريخي لليهود في فلسطين، بكل ما يعينه ذلك من أساطير ومقولات صهيونية. كما يعني الاعتراف بتهويد القدس، وإمكانية إجراء ترانسفير لفلسطينيي منطقة 1948. كما يعني إلغاء حق العودة، وينفي أيضاً إمكانية قيام دولة فلسطينية. لقد تخلى أبو مازن عن صفد (بلده) وعن كافة الأراضي المحتلة عام 1948، فهل قامت إسرائيل بتغيير تعنتها ورفضها للحقوق الوطنية الفلسطينية؟ إسرائيل تمارس العنصرية تجاه أهلنا فيها، ووفقاً لقانون برايفر صادرت معظم أراضي صحراء النقب، وقامت بهدم 40 قرية وبلدة فلسطينية وستهّجر 80 ألفاً من فلسطينيي النقب! حتى لو اعترفت إسرائيل (جدلاً) بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، واعترفت بحق العودة وتقرير المصير للفلسطينيين فلا يجوز تهنئة قادتها بالمناسبات! نظراً لعنصريتها الممارسة والتي تزداد تجذراً ضد جزء من فلسطينيي شعبنا وهم أهلنا في مناطق 1948. ومع تقدم الزمن والتطورات الحضارية والثقافية والعلمية التي تجتاح العالم, لم تزدد إسرائيل إلا عنصرية. الدليل هي القوانين العنصرية التي أقرّتها الكنيست الإسرائيلي سابقاً وأيضاً في السنوات الأخيرة.
أما بيريز فليس أفضل حالا من نتنياهو، فقد اقترف الموبقات ضد الفلسطينيين والعرب وهو الذي قال عن مجزرة قانا“بأنها من اخطاء الحرب وضحاياها” تصوروا “فقط مجرد خطأ في الاهداف” ؟!
ممنوع على الفلسطينيين استذكار يوم النكبة، ويجوز لوزير الداخلية سحب الجنسية من أي عربي في منطقة 48، ويجب أن يدرس الطلبة العرب التاريخ الإسرائيلي وفقاً للرواية الصهيونية له. ممنوع على الفلسطينيين دراسة تاريخهم وحضارة شعبهم وأمتهم! المساجد تتحول في الزمن الإسرائيلي إلى اسطبلات وإلى نواد ليلية. هناك ما يزيد على الثلاثين قانوناً عنصريًّا إسرائيليًّا سنّتها الكنيست الإسرائيلي تمايز بين العرب واليهود بشكل واضح, والمقالة الصحفية لا تتسع لتعدادها حتى باختصار. هناك ما ينوف عن 18 قانوناً تمييزيًّا بشكل غير واضح بين العرب واليهود بل يجري فهمها من خلال ما تحتويه من مضامين.
رغم اتفاقية أوسلو واتفاقيتي كمب ديفيد ووادي عربة، إسرائيل تقوم باستيطانها على قدمٍ وساق. كل الذي حصل أنها ازدادت تعنتاً في رفض الحقوق الفلسطينية والعربية. رغم أوسلو قام شارون باجتياح الضفة الغربية وقام بمحاصرة الرئيس الراحل عرفات ثلاث سنوات، وفي النهاية قامت إسرائيل بتسميمه، وتوفي مسموماً كما أظهرت تقارير الخبراء السويسريين فهل تتم تهنئة قادة هذه الدولة التي ذبحت الفلسطينيين والعرب؟ أنسى محمود عباس ما يقوله عنه الفاشي ليبرمان؟. من قبل قام الرئيس السادات صاغراً بزيارة الكنيست الصهيوني وألقى خطاباً فيه، وفيما بعد تم توقيع اتفاقية كمب ديفيد بين مصر وإسرائيل فهل صفيت النوايا الإسرائيلية تجاه مصر والمصريين، كذلك بالنسبة للأردن والأردنيين؟. اسرائيل دفنت الجنود المصريين أحياء في صحراء سيناء عام 1967. الإسرائيليون ينادون بأن يكون الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين!
لقد هدّد ليبرمان بقصف السد العالي. أغرقت إسرائيل مصر بالمخدرات وقامت بتصدير آفة دودة القطن إلى الزراعة المصرية، ولعبت إسرائيل دوراً في تحويل مياه نهر النيل، حتى تقل حصة مصر من هذه المياه، ومن أجل إفشال الهدف الذي تم من أجله بناء السد العالي.
رغم اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل هل منعت هذه الاتفاقية محاولة اغتيال خالد مشعل في قلب العاصمة الأردنية؟ لقد حدد شيمون بيريز أهداف إسرائيل مما يسمى بـ(السلام) مع العرب! إسرائيل تريد الأموال العربية ومزاوجتها مع العقلية اليهودية (تصوروا هذه المقولة الشديدة العنصرية!؟) إسرائيل تريد العالم العربي أسواقاً لبضائعها ومجالاً لترويج سِلعها. أما السلام مع العرب فهو يقوم وفقاً لوجهة النظر الإسرائيلية على مبدأ “سلام مقابل سلام” وليس“السلام مقابل الأرض”. لهذا رفضت إسرائيل ما يسمى بـ“مبادرة السلام العربية”. هي تريد لعلمها أن يرفرف في العواصم العربية دون أن يكلفها ذلك موافقةً على إقامة حتى“دويلة فلسطينية”هي أقرب إلى الحكم الذاتي منها إلى دولةً.
هل نسي الرئيس الفلسطيني والعرب مجازر دير ياسين وكفر قاسم (التي جرى اقترافها في عهد حزب العمل..حزب بيريز!) والطنطورة ومجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل؟ هل نسَي محمود عباس معاناة الشعب الفلسطيني الكبيرة منذ قرن زمني وحتى الآن؟ وهل وهل وهل؟ اللغة التي يجب أن تسود بين الفلسطينيين والعرب من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى هي لغة المقاومة وليست كلمات التهنئة؟! لقد نظمت السلطة الفلسطينية مبادرات عديدة بين برلمانيين إسرائيليين ونظرائهم من الفلسطينيين، وتم ذلك في رام الله، فهل استفادت القضية الفلسطينية شيئاً من هذه المبادرات والاجتماعات التطبيعية؟ إسرائيل تريد من السلطة الفلسطينية ومن كل العرب أن يكونوا حرّاساً للأمن الإسرائيلي. لا يريدون علاقات متكافئة بين دول فحاخاماتهم يروجون بأن الإسرائيليين هم السادة وكل الآخرين ليسوا أكثر من عبيد، ولهذا “فإن الفلسطينيين والعرب يتوجب أن يعملوا عبيداً للإسرائيليين”. هذا ما لا نقوله نحن بل عوفوديا يوسف الحاخام الذي قام الرئيس الفلسطيني بالتعزية في وفاته؟! وبعد ألا تعتبر تهنئات الرئيس الفلسطيني للقادة الإسرائيليين والتصفيق لبيريز مسخرة، مسخرة، مسخرة؟!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178006

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178006 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40