الخميس 5 كانون الأول (ديسمبر) 2013

الجاري في بلدان “الربيع العربي” ما اسمه في كتب التاريخ؟

الخميس 5 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par د. محمد جابر الأنصاري

لا أميل إلى العنف، وأختلف بشدة مع القائمين به والداعين إليه . ولكن العنف عندما يفرض نفسه على مجتمعاتنا العربية ذات الثقل فلا بد من الاعتراف به .
لقد أدركت الوظيفة التاريخية لما يحدث في البلدان التي اصطلح على تسميتها دول الربيع العربي .
فالوظيفة التاريخية لكل ما يحدث هناك هو صراع الدولة المدنية والدولة الدينية .
ففي مصر، أكثر دولنا عمقاً وتقدماً، تكشفت الأوضاع عن توتر وعنف من قبل الموالين للإخوان يسفر عن قتلى . وفي تونس، أكثر دولنا تقدماً اجتماعياً، ما زال الصراع قائماً بين المعارضة وحزب النهضة الديني الحاكم . وفي ليبيا، يبدو الصراع واضحاً بين الاتجاهين . وفي سوريا، وفيما نتابع كل يوم، يبدو الصراع أوضح من أن نشرحه او نوضحه .
وفي اليمن، يتخذ الصراع أشكالاً مختلفة، لكنه لا يخرج عن كونه صراعاً بين الاتجاهين . هذه دول “الربيع العربي” .
وفي غير دول ذلك الربيع هناك صراع لا ينكر بين الاتجاهين، إذاً ثمة تجاذب بين اتجاه دولة مدنية واتجاه دولة دينية يؤمن بها أصحابها إيماناً عميقاً . هذان الاتجاهان ظلا مكتومين،
وكان الوجود الأوروبي في البلاد العربية وسياسته يرجح كفة الاتجاه الأول .
لا بد من المرور بما مر به الآخرون . في تاريخ الإنسانية ثمة الوجود الديني ثم جاء تاريخياً الوجود المدني . طبيعي أن يتصارع الوجودان .
وهذا التصارع يتخذ في كل مجتمع الشكل التاريخي الذي نشأ معه . إن الإشكال الأكبر هو أن نصف المجتمع تربى على طريقة معينة بينما تربى النصف الآخر على طريقة مناقضة له . ولا يمكن أن “يتعايش” الفريقان .
هذا هو جوهر الإشكال . لا يمكن اختراقه أو تجاوزه . لا بد من صراع حتى يحسم طرف ما طريقته وما يريده في 9-9-2010 كتبت بالحرف الواحد: “لا يسير قطار التاريخ بالسلاسة والنعومة التي يريدها المثاليون والإنسانيون والطوبائيون ابتداءً من أفلاطون . في تاريخ كل أمة ثمة عنف ما، بما في ذلك تاريخ العرب والمسلمين” . يمكن، لحسن الحظ، الاستفادة الكاملة من دروس التاريخ العاقلة، أما “غير العاقلة”، التي مردها إلى الغرائز العمياء، وكذلك المصالح المتناقضة فليعالجها من يقدر على معالجتها، والتراث الإنساني في التحضير وعلم النفس وعلم السياسة . . . إلخ حافل بمثل هذه المحاولات النبيلة، (إن وجدت) وهي إن ارتبطت بالإنصاف والعدل، و“العدل أساس الملك” مجدية بلا منازع، والمقاربات السائدة، كما بين دول أوروبا (المتحدة) أصبحت أقرب اليوم إلى المقاربات العقلانية . ولكن قبل الحربين العالميتين في نهاية القرن التاسع عشر، ساد في أوروبا شعور وانطباع “متفائل” واهم بأن الإنسانية (الأوروبية بالطبع) قد بلغت سن الرشد العقلي المتجاوز للضعف، ثم جاءت الحربان العالميتان، ويكشف الانسان الأوروبي العقلاني “المتقدم” عن وحش كاسر أخذ يدمر ما بناه هو وأسلافه في أوروبا والعالم من مدن ومكتبات وجسور .
وأصبحت الصورة السائدة في أوروبا، وفي آسيا كذلك، صورة الخنادق المتقاتلة وجنودها الجوعى المدفوع بهم إلى ساحات القتال . وأسهم الطيران “الحديث” في تدمير المدن الآهلة بالسكان على رؤوس المدنيين، سواء في لندن في بدايات الحرب الثانية أو في (دريسدن) الألمانية في نهايتها . تلك هي الصورة الحقيقية للبشرية، فهل يمكن تجنب العنف في التاريخ؟
الجاري في العالم العربي يسمونه في كتب التاريخ “الحرب الأهلية” بين العلمانية والدينية . -



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 64 / 2180837

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2180837 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40