الخميس 5 كانون الأول (ديسمبر) 2013

نجم أيقونة الغضب

الخميس 5 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par أمجد عرار

يحار المرء في توصيف الراحل أحمد فؤاد نجم في ما إذا كان شاعراً سياسياً أو سياسياً شاعراً . لكنّه إذ أمضى من حياته قرابة عشرين عاماً في السجون، يكون سياسياً بامتياز . كانت حياته حافلة بالأحداث السياسية وعاشها بالعرض والطول في حب مصر والأمة العربية، ولم تنخفض لديه جذوة التحريض على الثورة . فهو الذي حمل لقب الفاجومي، أي الصريح العنيد الذي لا يجامل ولا يوارب، قبل أن يكتب الشعر شارك في التظاهرات ضد المستعمرين البريطانيين، وهو الذي وصفه أحد رؤساء مصر ب “الشاعر البذيء” وأصدر قراراً بمنعه ورفيقه الراحل الشيخ إمام من دخول الجامعات والمعاهد المصرية، وكان رئيس آخر قال إن “نجم وإمام مش هيشوفوا الشارع طول ما أنا عايش” .
حياة نجم الحقيقية كشاعر سياسي أو سياسي شاعر، بدأت إثر هزيمة يونيو/ حزيران ،1967 حيث انتشرت قصائده بصوت الشيخ إمام، وملأت فضاء مصر والعرب نبضاً محتجاً على الهزيمة، عبر أسلوب بعيد عن نرجسية غيرهما وبحس اجتماعي عميق وثيق الصلة بالدعوة للحرية والعدالة الاجتماعية، وحقن التحليل لهزيمة ال 67 ببعد طبقي، ما يحث على بديل جماهيري أشد صلابة في إدارة المعركة مع أعداء الأمة .
قبل ثورة 25 يناير ،2011 لم يخل حديث مصور أو إذاعي لنجم من تنبؤ بقرب الثورة في مصر، وفي إحدى المرات استعرض صور الفساد المستشري ثم ختم الاستعراض بجملة “لكن ده مؤقت لأن الثورة قادمة” . كانت المليونيات في شوارع مصر ترفع شعار إسقاط النظام، ولم تبرز أي يافطات تحمل مضموناً قومياً، لكن نجم حين أطل من على إحدى الفضائيات، وطلبت منه توجيه كلمة حول خطابه إلى الفلسطينيين قال “متخفوش إحنا مش ناسيينكم . . إحنا جايين جايين” . كان مفعماً بالأمل بأن شباب مصر الذي كان يصفه دائماً ب “الورد اللي فتح في جناين مصر”، سيعيد هذا البلد الكبير إلى موقعه القيادي، وسيحرره من قيود اتفاقيات الذل مع الصهاينة . وكانت أولى كلماته بعد تنحي مبارك “فينك يا إمام . . حد يمشي ويسيب الحكاية دي؟” .
في إبريل/ نيسان الماضي سئل عن سبب انتخابه للرئيس السابق محمد مرسي، فقال إنه جرب أن يصدق وعد مرسي حين قال “دم الشهداء في رقبتي”، ثم توقّع أن يخرج المصريون في ثورة ثانية لإسقاط حكم الإخوان، لأنهم تنكّروا لوعودهم وعملوا للجماعة وليس لمصر .
منذ بداياته وضع أحمد فؤاد نجم لقضية فلسطين مكانتها التي تستحق وترددت أغنياتها بحنجرة الشيخ إمام، معبئة جماهير الأمة بمركزية هذه القضية وجوهريتها، فسلّط الضوء على أبرز ملامحها شهداء ومعارك وساحات، ومثلما أضاء في بداياته السياسية على تجربة الفدائيين الفلسطينيين في الأغوار الأردنية ب “تكرم عين الشعب الزين في عمان وفي القطرين”، فإنه توجه أخيراً إلى العاصمة الأردنية عمّان للمشاركة في مهرجان أقيم بمناسبة الذكرى السنوية السادسة والستين لتقسيم فلسطين، وعاد من المهرجان قبل يومين من توقف قلبه عن الخفقان، لتكون فلسطين آخر نشاط قام به، مثلما كان أطفال الحجارة آخر ما غنى الشيخ إمام، ومثلما كان دائماً يأمل ألا يموت قبل أن يرى مصر تلبس ثوب الفرح، فإن نجم خاطب الفلسطينيين “والسكة مهما طالت وباتت بعيدة . . مد الخطاوي هو اللي يسعف معاكم”



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2177302

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2177302 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40