الاثنين 9 كانون الأول (ديسمبر) 2013

يوم الغضب

الاثنين 9 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par هاشم عبد العزيز

يوم الغضب، هذا هو العنوان الذي رفعته الفعاليات الفلسطينية والإنسانية يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لبدء فعاليات تضامنية مع أهالي منطقة النقب، ولإطلاق عملية مناهضة ضد مشروع “برافر” العنصري الصهيوني الذي يسعى الاحتلال الصهيوني من خلاله إلى تدمير قرى أبناء هذه المنطقة الفلسطينية وتهجير أهاليها البالغ عددهم قرابة 40 ألف نسمة، في مواصلة لذات الجريمة التي بدأها هذا الكيان في تهجير الفلسطينيين من أرضهم وبيوتهم وتشريدهم من وطنهم .
كان الغضب في مشهد أقرب إلى الانتفاضة، فالتظاهرة الفلسطينية التي شارك فيها متضامنون وفدوا من بلدان أوروبية عديدة، كان بينهم عدد من “الإسرائيليين” يرفضون جرائم كيانهم ضد الإنسانية، تمكنت من الوصول إلى القرى المستهدفة في النقب وامتدت إلى المدن والمناطق الفلسطينية في الجليل ونابلس ورام الله والقدس وغزة وإلى عواصم ومدن عالمية .
في النقب كانت هناك مواجهة بين قوات الاحتلال المدججة بالأسلحة والمتظاهرين العزل وبعد أن استخدمت هذه القوات القنابل الصوتية والقنابل الغازية التي كانت تزخ أحزاناً من الأمطار الغازية على المتظاهرين أجبرت رغم كل هذا ورغم الاعتقالات العشوائية على الانسحاب لتسجل مسيرة التضامن إلى النقب نجاحها في خطوة كانت لافتة في زخمها وانتظامها واتساعها وامتدادها عبّر من خلالها متضامنون مع قضية الشعب الفلسطيني عن رفضهم لسياسة الاحتلال الصهيوني في شأن سكان النقب باعتباره حلقة في سلسلة طويلة من سياسة التطهير العرقي التي تكرس في الأراضي الفلسطينية لتطهيرها من سكانها الأصليين، وطمس كل ما يدل على وجودهم التاريخي فيها، وهو وجود متواصل الأجيال ومتعاقب الزمن منذ عهود سحيقة وقرون عديدة ترتبط بالإجمال بوجود فلسطين في هذه المنطقة على وجه البسيطة .
مسيرات وتظاهرات يوم الغضب الفلسطيني في شأن قضية أبناء النقب الذين يواجهون حملة اقتلاع من بيوتهم وأرضهم ووطنهم تحتمل القول إنها تؤشر إلى تحوّل فلسطيني باتجاه المقاومة الشعبية للاحتلال بوجوده وسياساته التي تستهدف الشعب الفلسطيني .
السؤال الآن: أمام هذه الأحداث والتطورات الشبابية الشعبية الفلسطينية أين هم العرب بمستوياتهم الرسمية والشعبية من هذا التطور، وإلى متى سيبقى المنقسمون في الداخل الفلسطيني في انعزاليتهم وعزلتهم عن هكذا تطورات وطنية؟
السؤال على هذا النحو تطرحه الحالة الرمادية الناجمة عن الانقسام السياسي الفلسطيني الذي كان قد استبعد ما بات عليه الوضع العربي جراء انفراط سبحة الصراعات السياسية، وهي على أية حال أجهضت عملية التحولات التاريخية .
في الداخل الفلسطيني اصطدم زلزال الغضب الفلسطيني بجمود الانقسام السياسي وهذا هو التفسير الوحيد لغياب مجرد إعلان مشترك للمنقسمين يحيي جماهير انتفاضة الغضب، ويعبّر عن موقف مسؤول تجاه ما يتعرض له أبناء النقب من حملة تنكيل عنصرية وحشية وأن يتمثل المنقسمون أن ما يجري في النقب اليوم سيمتد غداً إلى مناطق فلسطينية أخرى حيث يد الاحتلال مازالت قابضة على كل شيء، وعمل كهذا لا يحتاج إلى فتوى سياسية لأنه بالأساس يستند إلى المواثيق الدولية والمبادئ والقيم والمثل الإنسانية .
أما في العواصم العربية فقد غاب الحدث وقضيته إلا من بعض “النتف” الإعلامية التي مرت مرور الكرام، كما لو أنه من الأحداث الثانوية أو غير ذات أهمية عربية .
لم يكن المطلوب أكثر من أن تطالب الدول العربية الأمم المتحدة بالقيام بمسؤولياتها تجاه ما يتعرض له سكان النقب، وأن تواجه حملة الاحتلال الصهيوني بحملة دبلوماسية وإعلامية، وأن تجد هذه القضية وقضية انتفاضة الغضب الفلسطيني من الأحزاب والمنظمات المدنية مجرد تضامن من خلال القيام بتظاهرات واعتصامات أمام مقرات الأمم المتحدة وسفارات الدول الراعية للكيان الصهيوني بجريمة وجوده الاستعمارية وجرائمه ضد الإنسانية .
لقد بدا الموقف العربي الرسمي وغير الرسمي في شأن ما يجري من قبل الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، كما لو أن الأمر شأن “إسرائيلي”، والأمر ليس تخلياً عن القضية الفلسطينية وحسب، بل هو عنوان التخلص عن مجمل القضايا العربية .
من هذه النقطة الجوهرية يأتي تطاول وزير خارجية “إسرائيل” ليبرمان في فظاعة عنصريته وزيف ادعائه بأن أبناء النقب الفلسطينيين “استولوا على الأراضي اليهودية وعلى الدولة استعادتها” وهذه نتيجة عدم ردع “الحرامية” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165500

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165500 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010