الأحد 4 تموز (يوليو) 2010
وصف بأنه صانع الساسة والسياسات في إدارة بوش..

جاك ابراموف «ملك اللوبي الصهيوني» من السجن إلى بيع البيتزا

الأحد 4 تموز (يوليو) 2010

واشنطن - أحمد محسن

كان جاك ابراموف هو احد سدنة معبد اللوبيات الامريكية مجتمعة إن لم يكن رئيس هؤلاء السدنة جميعاً. ولم يشبه صعود ابراموف في عالم «صنع الساسة والسياسات» إلا برنارد مادوف في عالم صنع المليارات. وكما سقط مادوف من موقعه ككاهن الكهنة في عالم المال فان ابراموف سقطع ايضاً من عليائه في واشنطن. إلا ان ذلك لم يكن وجه المقارنة الوحيد بين الاثنين، فقد جمعهما ايضاً ضخ ملايين الدولارات للمستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة. فقد كان الاخلاص لـ«ارض الميعاد» قاسماً مشتركاً بين اثنين من اكبر المحتالين الذين عرفتهم الولايات المتحدة في تاريخها بأكمله.

وفيما لم يغادر مادوف السجن بعد ولا يعرف متى سيغادره فان ابراموف غادر زنزانته بعد ان قضى فيها ثلاث سنوات ونصف السنة يفكر في كيفية سقوطه رغم انه كان يوزع مقاعد الكونجرس من مكتبه في واشنطن وكان يدخل البيت الابيض ليلتقى بمسؤولي ادارة جورج بوش الابن دون موعد سابق وحينما يعن له ان يذهب. فقد كان الجميع يعرفون انه «صانع الملوك» الذي يحرك قطع الشطرنج كما يشاء دون ان يرى احد يديه.

كان ابراموف يدير مكتباً «قانونياً» يعمل في مجال «تمثيل الشركات والمصالح» لدى ساسة واشنطن. إلا انه اعاد اكتشاف العجلة. وتقول تلك العجلة ان افضل سياسي من زاوية نظر شركة معينة هو ذلك السياسي الذي تضعه هذه الشركة ذاتها في منصبه من الأصل ثم تأمره بان يفعل ما تريد باعتباره «سلعة» من انتاجها. وكانت المشكلات جميعاً تظهر بحكم تعدد الجهات التي تريد ان يمثلها عضو بالكونجرس مثلاً عن دائرة معينة.

ففي تلك الدائرة تتعدد الشركات والجماعات. شركات الطباق مثلاً تريد الترويج لانتاجها وشركات التأمين الصحي تريد منع توزيع ذلك الانتاج حتى لا تدفع لمن يموتون مبكراً بسبب التدخين. كيف يمكن حل هذا النوع من تضارب المصالح؟. العجلة القديمة كانت تقضي بدخول ممثلين عن تلك المصالح المتضاربة الى الحلبة في مباراة مصارعة حرة انتخابية ومن يفز فقد نال هو - او بالأحرى نالت الشركة التي يحمل بطاقتها - ميدالية النصر وعلى الجميع التسليم بروح رياضية بتلك النتيجة. وفي ذلك الصراع المحتدم كانت النتيجة في بعض الحالات هي هزيمة ممثلي الشركات وفوز ممثلين عن الناس حقاً يرون ان الشركات لا حق لها في شراء الساسة ويطالبون بحقوق البسطاء التي تهدر في لعبة الكبار الذين صرع بعضهم بعضاً.

ولكن ابراموف وضع معادلة بسيطة مفادها ان بامكان الشركات الكبرى ان توحد جهودها عند نقطة معينة مقبولة منها جميعاً لتتفق على مرشج واحد يواجه خطر «المارقين» أي من يمثلون اطرافاً اخرى غير الكبار. وكانت «العجلة الجديدة» مناسبة للشركات في مواقع كثيرة تتصادم فيها مصالحها. وتحول مكتب جاك ابراموف الى مكتب للزواج بين الكبار عبر عقود توضح حدود المواجهة كأن تطالب شركات التأمين الصحي بمنع اعلانات التدخين في التلفزيون مثلاً وان تترك اعلانات الاسبوعيات كما هي، صيغة ما، المهم ان تضع المصالح المتضاربة في بوتقة واحدة همها الأساسي هو زيادة هامش الربح في هدوء ودون مباريات للمصارعة الحرة تهدد بفوز «المارقين».

وسرعان ما لقيت العجلة الجديدة هوى الكبار فاقبلوا جماعات ووحداناً على مكتب ابراموف الذي كان يتقاضى اتعاباً بالدقيقة الواحدة من الوقت الذي يقضيه المخترع مع ممثليهم. وشعر الجميع في واشنطن ان الرجل بات القوة المحركة لكثير من الأمور ففتحت امامه الأبواب. ولكن الطير ارتفع وكما طار وقع. فقد تداخلت عمليات الرشوة للمسؤولين او عرضها مع عمليات التهرب من الضرائب. وخلال سنوات تألقه كان ابراموف يتصرف لاسيما في سنواته الأخير كنجم لامع في سماء واشنطن برعونة واستخفاف فقد نقل عنه مثلاً انه قال انه يوزع مسؤولي الادارة بين جيوبه ولكن الجيوب امتلأت ولم يعد هناك جيب خاو.

إلا ان الرجل ظل مخلصاً لقضية واحدة هي الحصول على اعفاءات ضريبية بقرارات من الساسة والمسؤولين لمنظمات «خيرية» يهودية كانت تضخ ملايين الدولارات لمنظمات المستوطنين. وكانت تلك المنظمات تتلقى حصة من «تبرعات» ابراموف السخية وتبرعات سخية اخرى من مادوف وامثاله حيث كانت تنقل جميعاً لتشريد اطفال وعائلات عربية وهدم منازلها بوحشية تطرب قلوب الكهنة ممن دفعوا ثمن التذكرة كاملاً لمشاهدة المأساة وهي تتتابع فصولاً امام اعين الساسة الذين صنعوهم دون ان يحرك احد ساكناً.

الى ان سقط ابراموف بواسطة بعض الشرفاء من الامريكيين ممن رأوا ان الأمر تجاوز كل حد مقبول. وحوكم الرجل وتسرب عما دار معه قبل المحاكمة انه لو فتح فمه بكلمة واحدة عن حقيقة ما كان يحدث لوضعت وزارة العدل كل خبراتها القانونية لضمان ان يقضي بقية حياته خلف القضبان اما لو اغلق فمه فانه سيخرج بعد فترة وجيزة. وقبل ابراموف الذي يعرف ان كل شئ ممكن وان انتقام وزارة العدل يمكن ان يضعه حقاً خلف القضبان الى ما بقي من عمره بالصفقة ولم يفتح فمه.

والآن خرج ابراموف من السجن ليجد واحداً من الكهنة في انتظاره حيث خصص له مكتباً في شبكة لبيع البيتزا في بلتيمور تدعى بيتزا «توف بيتزا» وتقول في اعلاناتها انها شبكة صنع البيتزا «الكوشر» أي التي تطبق التعاليم اليهودية على اطعمتها. وقال صاحب شبكة البيتزا ويدعى رون روزنبلوث ان ابراموف يعمل مقابل عشرة دولارات في الساعة وانه يضع القلنسوة الدينية اليهودية على رأسه دائماً وانه «ليس الوحش الذي قدمته اجهزة الاعلام المتجنية للرأي العام فهو انسان صامت قلما يغادر مكتبه».

وقالت مجلة «بلتيمور جويش تايمز» اليهودية ان ابراموف دأب على اعطاء محاضرات في التوراة لليهود وغير اليهود خلال فترة السجن كما حاضر السجناء في القوانين اليهودية وفي كيفية الصلاة. وقال روزنبلث «اتمنى ان استفيد من تجربة السيد ابراموف في التسويق لبيع المزيد من البيتزا». ولا بأس من بيع البيتزا فهو افضل من طرد شعب من ارضه وتشريد ابنائه من بيوتهم. إلا اذا كان بيع البيتزا جسراً مؤقتاً لجلب الشفقة وابعاد الانظار عن دور مستقبلي للرجل اذا ما عاد احد رجال الادارة السابقة الى البيت الابيض.

-  المصدر : صحيفة «الشرق» القطرية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 862 / 2181837

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2181837 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40