الاثنين 16 كانون الأول (ديسمبر) 2013

ثلاث سنوات على ثورة 25 يناير

الاثنين 16 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par الياس سحاب

في مثل هذه الأيام من الشهر المقبل تكون ثورة 25 يناير في العام 2011 قد أتمت عامها الثالث، الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى التعبير عن أحاسيسهم بأننا إذا قارنا بين هذه المدة والحصيلة العامة لنتائجها السياسية، فإن بالإمكان القول إن الثورة تسير سيراً بطيئاً، بل إن البعض يذهب إلى حد القول بأن تسمية ما حدث في 25 يناير بالثورة، يعتبر أما تسرعاً أو مبالغة، بدليل محدودية النتائج السياسية الرئيسية التي أسفرت عنها حتى يومنا هذا .
من هذا الفريق من يذكر - على سبيل المثال - أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، برئاسة المشير حسين طنطاوي هو الذي دفع الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى التخلي عن سلطاته . لكن هذا التفسير يجانب كثيراً حقيقة ما حدث، وهو أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يتحرك من نفسه، بل وجد نفسه أمام طوفان من البشر، نزل إلى الميادين بعشرات الملايين، مطالباً برحيل مبارك . هذا جزء من الحقيقة، أما الجزء الآخر فيقول إنه عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية، الحليفة الكبرى لمبارك - إلى جانب “إسرائيل” - بمطالبة القوات المسلحة المصرية بالوقوف إلى جانب حسني مبارك، في مواجهة التحركات الشعبية كان جواب قيادة القوات المسلحة أن ليس بوسعها أن تفعل ذلك، لأن الذي يواجه حسني مبارك هو جموع الشعب المصري، والقوات المسلحة لا يمكنها أن تتخذ موقفاً معادياً لإرادة ورغبة شعب مصر .
يمكن القول إن الحركة التاريخية نفسها تكررت في أحداث ثورة 30 يونيو ،2013 صحيح أن القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسي هي التي قامت بالخطوة الأخيرة، في عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ثم إعلان خارطة الطريق، بعد إسناد رئاسة الجمهورية (بعد فراغها ممن يملأ موقع الرئيس) إلى رئيس المحكمة الدستورية، كما تنص بذلك كل دساتير مصر السابقة، وليس رغبة القوات المسلحة أو الفريق السيسي، كل ذلك كان يتم تجاوباً مع تحرك شعبي بعشرات الملايين، فاق بأعداده تحرك 25 يناير السابق، وكان حاسماً في إبداء رغبته بالتخلص مبكراً من عهد الإخوان المسلمين في رئاسة الدولة .
وهكذا فإن الحقائق التاريخية القريبة تؤكد أن الذي قرر عزل الرئيس الأسبق مبارك أولاً، ثم الرئيس السابق محمد مرسي ثانياً، كانت جماهير شعب مصر التي خرجت بعشرات الملايين، وإن كانت الخطوة التنفيذية الأخيرة قد قامت بها في الحالتين القوات المسلحة المصرية، لكن التحرك في الحالتين كان تنفيذاً لأوامر ورغبات الشعب المصري، الذي خرج يعبر عن نفسه مباشرة .
طبعاً، لا يمكن الإنكار أنه قد ثارت في وجه 25 يناير، كما في وجه 30 يونيو، مصاعب سياسية جمة، تدفع أحياناً إلى الشعور ببطء الحركة، أو بانعدامها ربما، لكننا مع الذكرى الثالثة لثورة 25يناير، نجد أنفسنا أمام استفتاء قريب على دستور مصر الجديد، الذي جاء رغم كل النواقص والثغرات، أقرب ما يكون إلى التعبير عن الحالة الشعبية العارمة كما ظهرت في 25 يناير ثم في 30 يونيو، وذلك في الطريق إلى استكمال الخطوات التالية لخارطة الطريق، بالانتخابات الرئاسية، ثم البرلمانية .
قد يقول البعض إن هذه الخطوات نفسها كانت قد تمت كما هي في أعقاب ثورة 25 يناير، لكن تطور الأحداث لم يمنع انهيار كل شيء، واستعادة الخطوات من أولها . هذا صحيح، لكن الصحيح أيضاً أن إرادة ملايين المصريين، هي التي فرضت تفاصيل الحركة السياسية، في كل الأحوال، وهذا هو التحول التاريخي الكبير الذي تم منذ ثلاث سنوات، وما زال شعب مصر يستكمل خطواته الصعبة والمعقدة، منذ ذلك الحين .
أما احتمالات مكابدة المصاعب مرة أخرى فهي واردة، لكن الذي لا رجعة فيه إلى الوراء، هو أنه لم يعد بإمكان أي قوة سياسية رجعية في مصر أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، رغم إرادة عشرات ملايين المصريين، كما تم التعبير عنها مرتين على الأقل، في 25 يناير، وفي 30 يونيو، وكما يمكن العودة إلى التعبير عنها إذا اقتضت الظروف .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2181740

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2181740 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 38


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40