الثلاثاء 17 كانون الأول (ديسمبر) 2013

من الذي يمتلك الأجواء؟

كيشور مبوباني
الثلاثاء 17 كانون الأول (ديسمبر) 2013

سبب إعلان الصين المفاجئ في 23 نوفمبر عن توسعة “منطقة تحديد الدفاع الجوي” فوق بحر الصين الشرقي الكثير من الذعر في المنطقة. فشروط التحليق بالمنطقة تفرض على الطائرات تحديد أنفسها والبقاء على اتصال مع السلطات الصينية عندما تحلق فوق المنطقة. من جهة ثانية يتوجب على الطائرات الإبلاغ عن خطط الطيران واتباع الارشادات ؛ وحذرت الصين من أن عدم القيام بذلك يمكن أن يستثير “تدابير دفاعية في حالات الطوارئ”.
في اليابان، تم تفسير هذه الخطوة بأنها تعزز مطالب الصين الإقليمية بحقها في جزر سينكاكو المتنازع عليها (تسمى دياويو عند الصينيين)، وهي عبارة عن نتوءات صخرية تدار من قبل اليابان في الطرف الجنوبي من منطقة الدفاع الجوي الجديدة. وحققت قبضة الصين على الأجواء نتيجة غير عادية بتوحيد موقفي اليابان وكوريا الجنوبية.
وجاء الإعلان أيضا قبل أيام فقط من زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن للمنطقة، حيث سيطر الجدل على الزيارة. في البداية ، كان عليه أن يطمئن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ثم يجادل بشكل “مباشر جدا” الرئيس الصيني شي جين بينج ضد فرض هذه المنطقة. ولقد كانت النتيجة هي المواجهة.
من جانبها أخبرت الصين بايدن بأن موقفها كان “مبدئيا”، ورفضت اتهاما بأن تحركها كان متهورا. ولكن الصين بدت ضعيفة أيضا في البداية بأنها لم تفعل شيئا بعد أن حلقت طائرتي بي –52 اميركيتين يوم 26 نوفمبر فوق منطقة الدفاع الجوي ـ وهو تكتيك قلدته اليابان وكوريا الجنوبية، حيث أرسلت كل منهما طائرة عسكرية غير معلنة في المنطقة .
باختصار، هذا لن يصل إلى حد اعتباره أفضل ساعة للصين في الدبلوماسية الدولية. بيد أن الصين، عن غير قصد، قد أسدت للعالم معروفا. حتى يوم هذا الإعلان، كان عدد قليل من الناس سمع عن “مناطق تحديد الدفاع الجوي.” بل أزعم أن عددا أقل كانوا على علم بأن العديد من الدول أنشأت هذه المناطق دون أن تتفق على قواعد تحكم إنشائها.
كانت الولايات المتحدة قد أمرت بإنشاء أول منطقة دفاع جوي فوق أميركا الشمالية في عام 1950، كما أنشأت منطقة أخرى فوق اليابان خلال فترة احتلالها بعد الحرب العالمية الثانية. وورثت اليابان ادعاء ملكية هذا المجال الجوي في عام 1969.
منذ أنشئت هذه المناطق لأول مرة تغير العالم أبعد من الاعتراف بها. في الوضع الحالي، أي خطوة أحادية الجانب من قبل بلد ما له تأثير فوري على جيرانه وعلى العالم ككل .
ربما يكون، في الواقع، من صالح أميركا أن تأخذ زمام المبادرة في صياغة القواعد متعددة الأطراف. في عام 2003 ، طرح الرئيس بيل كلينتون بحكمة سؤالا على الأميركيين عما اذا كان يجب على الولايات المتحدة “أن تحاول خلق عالم له قواعد وشراكات وعادات سلوك نود أن نعيش فيه حين لا نكون القوى العظمى العسكرية والسياسية والاقتصادية في العالم.” وسواء كان كلينتون يفكر في صعود قوة الصين أم لا ، فإن التطورات الاخيرة في بحر الصين الشرقي توحي بالتأكيد بطموح الصين في المنافسة للحصول على وضعية القوة العظمى .
من جانبها، وردا على إعلان الصين عن منطقة جديدة، أشارت وزارة الخارجية الأميركية، إلى أن “حرية التحليق وغيرها من الاستخدامات المشروعة دوليا للبحر والمجال الجوي ضرورية لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن في منطقة المحيط الهادئ .” هذه الاستخدامات المشروعة، والتي تشمل حركة النقل الجوي التجاري، محمية من قبل معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار ـ وهو الاتفاق الذي صدقت عليه 166 من 193 دولة عضو في الأمم المتحدة. للأسف، البلد الرئيسي الوحيد الذي لم يصدق عليه هي الولايات المتحدة. فالكونجرس الاميركي غير مقتنع بأن إنشاء قواعد متعددة الأطراف يصب في مصلحة أميركا، مفضلا الاحتفاظ بحق التصرف من جانب واحد حتى الآن.
وكانت شخصيات أميركية كبيرة تحث الصين منذ فترة طويلة لتكون بمثابة “شريك مسؤول” في النظام العالمي. ولكن أفضل طريقة للولايات المتحدة لنقل مثل هذا التشجيع يكون من خلال الأفعال، وليس الكلمات.
هل نريد حقا أن نعيش في عالم يتخذ فيه كل بلد أميركا والصين مثالا يحتذى فيؤسس المطالبات من جانب واحد بحقه في المجال الجوي الدولي؟ هذا لا يبدو من الحكمة في وقت تضاعفت خلاله الحركة الجوية العالمية كل 15 سنة منذ عام 1980 ، ويتوقع أن تتضاعف مرة أخرى على مدى السنوات الـ 15 المقبلة .
وإدراكا منها للخطر الذي قد يشكله عدم الامتثال على الطائرات المدنية، نصحت إدارة الطيران الفيدرالية شركات الطيران التجارية الأميركية الالتزام بقواعد الصين. ساعد هذا التنازل أيضا الصين على حفظ ماء الوجه، ولكننا نتحرك نحو عالم أكثر خطورة إذا سمحنا لكل بلد بالحق في إنشاء مناطق دفاع جوي مشفوعة بقواعد متميزة ومختلفة. فتعدد القواعد يؤدي إلى ارتباك شركات الطيران المدنية والطيارين. بدلا من ذلك، يجب علينا إنشاء قواعد بسيطة وواضحة متعددة الأطراف تكون ملزمة لجميع الدول .
من جانبهم، قال المسؤولون الاميركيون المرافقون لبايدن أن وضع المنطقة الجديدة الان “بيد الصين.” لكن العالم بحاجة للولايات المتحدة لأن تأخذ زمام المبادرة. والسؤال هو ما إذا كانت أميركا سوف تتخلى عن مطالبتها بحقها في التحرك من جانب واحد للقيام بذلك.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2165816

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165816 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010