الخميس 19 كانون الأول (ديسمبر) 2013

نقاشات على هامش الدستور المصري الجديد

الخميس 19 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par د. خليل العناني

من المفترض أن يتم الاستفتاء على الدستور المصري الجديد يومي الرابع عشر والخامس عشر من يناير. وحتى الآن فإن ثمة انقساما عميقا بين المؤيدين والمعارضين لهذه الوثيقة الدستورية التي يراها البعض لا تختلف كثيرا عن دستور 2012 التي وضعها الإسلاميون إبان وجود الرئيس المعزول محمد مرسي فى السلطة.
وبشكل موضوعي فإن الدستور الجديد أعطى قدرا معقولا من الحقوق لبعض الفئات والجماعات التي كانت مهمشة في السابق مثل الأقباط والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة. بيد أنه أيضا أعطي وضعا مميزا للكثير من مؤسسات الدولة وجعلها شبه مستقلة من أي محاسبة أو مسؤولية كما هي الحال مع المؤسسة العسكرية ومؤسسة القضاء والشرطة. كذلك هناك بعض المواد التي تقبل التأويل والتفسير بأشكال متعددة وهو ما سوف يؤدي إلى مشاكل كثيرة فى المستقبل.
مشكلة الدستور الجديد لا تنبع من مواده أو محتواه وإنما بالأساس من السياق السياسي الذي جرى فيه كتابته. فالانقسام الذي يضرب مصر منذ الثالث من يوليو وحتى الآن كان ولا يزال يمثل العقبة الرئيسية أمام التحرك للأمام. وناهيك عن كون “لجنة الخمسين” التي قامت بكتابة الدستور الجديد هي لجنة معينة من قبل رئيس الجمهورية المؤقت، فإن طريقة كتابة الدستور لم تتسم بالشفافية والمصداقية المطلوبة. وقد تداول نشطاء سياسيون فيديو على شبكات الفيس بوك قبل أيام للدكتور محمد أبو الغار عضو لجنة الخمسين يتحدث فيه عن تغيير عبارة “حكمها مدني” إلى “حكومتها مدنية” التي وردت فى ديباجة الدستور المصري وتشير إلى طبيعة الدولة المصرية. وقد قال أبو الغار إن هذا التغيير تم بشكل غير مشروع ولم تتم استشارة رأي اللجنة فيه. فالنص الأصلي هو أن دولة مصر “حكمها مدني” ولكن تم تغييره كي يصبح “حكومتها مدنية” وهو ما أثار لغط كثير حول كيفية حدوث ذلك ومشروعيته.
تسعى الحكومة الحالية لجذب أكبر عدد من المصوتين والمؤيدين للدستور الجديد تحت شعارات الاستقرار والتنمية ولكنها لا تقدم الكثير من أجل إقناع المواطنين بذلك. فلا تزال الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية على حالها منذ رحيل مرسي وحتى الآن. وبالرغم من رفض كثيرين لعودة مرسي للسلطة مجددا إلا أن سخطهم على الأوضاع الحالية لا يصب في مصلحة الدستور ومن يحاولون تمريره.
لقد قام المصريون بثورة 25 يناير من أجل تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهو ما كان يجب أن تتم ترجمته في دستور ما بعد الثورة ولكن يبدو أن ذلك لا يزال هدفا بعيد المنال.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 65 / 2177679

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

32 من الزوار الآن

2177679 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40