الأحد 22 كانون الأول (ديسمبر) 2013

مصر والاستفتاء على المستقبل

الأحد 22 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par هاشم عبد العزيز

“الشعب قال كلمة مدوية في 30 يونيو، وأقول لكم لا عودة للوراء فخارطة مستقبل هذا الوطن الأبي ومصر المستقبل مستقلة القرار ماضية في استحقاقاتها من خلال دولة حريصة على نفاذ القانون واستعادة هيبتها وتلبية احتياجات شعبها الذي ضحى كثيراً من أجلها وآن الأوان لأن تتحقق له طموحاته وتطلعاته” .
بهذا التأكيد خاطب الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور أبناء الشعب المصري وهو يعلن قراره دعوة الناخبين للاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعدته لجنة الخمسين وحدد في قراره يومي 14 و 15 من يناير المقبل لإجراء هذه العملية .
بهذا الإعلان أطلق الرئيس منصور الخطوة الأساس لإنجاز مهام المرحلة الانتقالية والمتمثلة بالاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في مدتها الزمنية لانتقال مصر إلى وضع مستقر ومستمر لمواصلة مسيرة التحولات التاريخية .
منذ لحظة الإعلان عن دعوة الناخبين للاستفتاء بدأت ليس في مصر وحدها بل في المنطقة العربية وعواصم عالمية التداولات والتناولات الإعلامية، وهي تتمحور حتى الآن حول طبيعة الدستور المعد للاستفتاء والمواقف الرفضية لجماعات الإخوان المسلمين وما بينهما ضمان إجراء الاستفتاء بنزاهة وشفافية وأن تصير هذه القضايا المصرية الداخلية على هذا القدر من الاهتمام؛ فالأمر يعود إلى مكانة مصر العربية وإلى أهميتها الاستراتيجية في شأن ما يهم عالمنا بأسره من جهة، ومن جهة ثانية إلى القدر العالي من الثقة التي تمضي به الإدارة الانتقالية بإنجاز مهامها بمثابرة ومسؤولية .
في النظرة إلى التداولات حول طبيعة الدستور المعد للاستفتاء هناك قراءات عديدة ومن الطبيعي أن تكون هناك خلافات واختلافات، بيد أن الجميع يلتقي على حقيقة هي أن هذا الدستور هو الأول والأفضل في تاريخ مصر الحديث الذي يؤسس لدولة مدنية تقوم على مبادئ العدل والمساواة بين كافة المواطنين وتجرم التمييز، وقد جاء على إثر إحداث تعديلات جذرية لمشروع الدستور السابق واستحدث من بين مواده ال 247 مادة، 42 مادة، وهناك على سبيل المثال 18 مادة تتركز حول الحقوق السياسية والاقتصادية والحريات والعدالة الاجتماعية وما يتصل بإعادة القوة الناعمة التي جعلت لمصر نفوذاً ومكانة مرموقة .
وما في شأن ما ستكون عليه عملية الاستفتاء فإذا كانت المشاركة تتوقف على دور الفعاليات المختلفة سياسية وجماهيرية وثقافيه ومهنية، فإن قبول الجهات الرسمية، بحسب إعلان رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى، مشاركة مراقبين محليين ودوليين على إجراء عملية الاستفتاء لا يقطع ما يقال “الشك باليقين”، وحسب، بل يقدم برهاناً على أن قضية الدستور هي قضية مصر بحاضرها ومستقبلها باعتباره العقد الذي يوازن بين الحقوق والواجبات للأفراد والفئات والجماعات والمنظمات والهيئات والأجهزة والسلطات وكافة الأنشطة وفي شتى المجالات .
السؤال: أمام مسيرة القافلة بهذا الاتجاه ما الذي يمثله موقف الإخوان الرافض لعملية التغيرات والتطور؟
بداية لا بد من القول، إن من حق كل مواطن وتيار سياسي التعبير عن خياره بحرية، وهذا ينطبق على مجريات الاستفتاء المفتوحة على المشاركة أو المقاطعة، بيد أن الإخوان في مصر كما يبدو إذا ما استمروا بذات الموقف الذي يرفض ويشكك بكل شيء تشهده مصر منذ ثورة 30 يونيو سيكونون في موسم سقوط جديد إذا لم يتعاملوا مع قضية الدستور كقضية مصرية، الذي لم يفصل على مقاس السلطة القائمة وإنما صيغ مستوعباً مصر بأوضاعها القائمة وآفاقها الواعدة .
إشكالية إخوان مصر لا تتمثل بانحباسهم في مربع صراعهم السياسي الانتحاري فقط، بل وتصادمهم مع الحقائق ومن ذلك : هم يدعون التمسك بالشرعية، وللشرعية ركيزتان الانتخابات بنتائجها من قبل الناخبين، والبرامج والوعود بتنفيذها من قبل المنتخبين؛ فهل صدق الإخوان بأقوالهم وهل وفوا ورئيسهم بوعودهم؟
لقد ضرب الإخوان بشعاراتهم وأقوالهم ووعودهم وتعهداتهم عرض الحائط في فترة قياسية، هاجروا الناخبين والمواطنين وانسلخت قياداتهم عن قواعدها وشكل مبدأ الولاءات على حساب الكفاءات هوة السقوط التي حدثت بغضب قرابة 35 مليون مواطن، وهم يدافعون عن الدستور الذي جرى طبخه على نزعتهم التي عبر عنها الإعلان الدستوري “الفرعوني” حسب وصف الدكتور كمال الهلباوي، أحد قادة الإخوان السابقين الذي قال عن هذه الجماعة في مصر إن “العقل يغيب في الفتن وتقل الحكمة وأرى أن ينصرف شباب الجماعة عن القيادة الحالية التي تسببت في مهالك كثيرة وعنف وفوضى وحديث عقيم وكراهية واستعلاء” .
وفي خطاب إعلان قراره الدعوة للاستفتاء على الدستور قال الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور: “لا أريد أن أنهي هذه الكلمة من دون أن أتحدث إلى أولئك الذين كانت لهم آراء ومواقف مختلفة خلال الفترة الماضية إنني أدعوهم للتحلي بالشجاعة والتخلي عن العناد والمكابرة التي نعلم جميعاً كم هي كلفتها على أمن الوطن ومصالح الناس أدعوهم للحاق بالركب الوطني والتوقف عن السعي وراء سراب وأوهام” .
هنا القضية، هل يراجع الإخوان حساباتهم الخاطئة ويشاركون في استفتاء مصر على المستقبل؟ أم سيظلون في دور حصان طروادة وفي انشداد داخل كهوف الماضي السحيقة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165642

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165642 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010