الاثنين 23 كانون الأول (ديسمبر) 2013

“مشروع برافر” والتحريف الإعلامي الأمريكي

رانيا خالق
الاثنين 23 كانون الأول (ديسمبر) 2013

مع اندفاع الحكومة “الإسرائيلية” في تنفيذ حملة تطهير عرقي على نطاق واسع، في إطار ما يعرف باسم “مشروع برافر - بيغن”، تزداد صعوبة تقديم “الدولة اليهودية والديمقراطية” كأي شيء سوى بلية عنصرية . إلا أن هذا لم يوقف وسائل إعلام أمريكية كبرى عن التلاعب اللغوي، في محاولة للتستر على أحدث فظاعة يوشك أوثق حليف لأمريكا أن يرتكبها .
كان من المفترض عند تنفيذ “خطة برافر” التي تم التراجع عنها، تدمير 35 قرية عربية في صحراء النقب لا تعترف بها الحكومة “الإسرائيلية”، وبالتالي تهجير40 ألف مواطن بدوي “إسرائيلي” من أراضيهم المتوارثة عن أجدادهم . وعندئذ ستقوم “إسرائيل” ب “تجميعهم” في مناطق سكنية تشكّل معازل فعلية، حيث سيتحولون، كما شرح الصحفي ماكس بلومنتال، إلى “طبقة عاملة تخدم أساساً السكان اليهود” .
وبموازاة ذلك، سوف يتم بناء أحياء سكنية خاصة باليهود فقط، على أنقاض القرى المدمرة، بهدف مكافحة “التهديد السكاني” الذي يمثله غير اليهود في دولة قائمة على “النقاء العرقي” .
وهذه ببساطة حملة عنصرية للتطهير العرقي ونزع الملكية، غير أن وسائل إعلام أمريكية لا ترى الأمر على هذا النحو . فبعد أشهر من تجنب مجرد الإشارة إلى “مشروع برافر”، خرجت صحيفة “نيويورك تايمز” عن صمتها في السابع من ديسمبر/ كانون الأول، ورددت بإذعان، وكما يتوقع منها، ما تقوله الحكومة “الإسرائيلية”، من دون أن تنقل أقوال ولو فلسطيني واحد . ووصفت الصحافية إيزابيل كيرشنر، مراسلة “نيويورك تايمز” في القدس، مشروع برافر بأنه “خطة حكومية لتنظيم توطين البدو في النقب” .
وتابعت كيرشنر تقول: “تهدف هذه الخطة إلى تسوية خلاف على ملكية أراضٍ بين البدو والسلطات كان قائماً منذ إنشاء دولة”إسرائيل“عام 1948 . وتعرض الخطة آلية لمعالجة المطالبات بالملكية ودفع تعويضات . وتقضي الخطة أيضاً بإجلاء سكان 35 قرية بدوية لا تعترف بها الدولة، وإعادة توطينهم في بلدات قائمة أو جديدة” .
قبل كل شيء فإن تعبير “خلاف على ملكية أراضٍ” يوحي بشيء مثل تنازع أشقاء على أملاك خلّفها قريب متوفي . إلا أن ما تنوي “إسرائيل” فعله هو سرقة أراضٍ .
ثانياً، يوحي استخدام الصحافية تعبير “إجلاء” بأن “نيويورك تايمز” خلطت بين “خطة برافر” وكارثة طبيعية ما، مثل إعصار أو فيضان، بحيث يكون من الضروري القيام بعملية إجلاء قبل وصوله من أجل حماية أرواح بشرية . غير أن “خطة برافر” هي من صنع البشر 100% ويمكن تداركها .
وأخيراً، نود أن نعرف ما إذا كانت “نيويورك تايمز” تجد من الملائم وصف التطهير العرقي الذي قامت به الحكومة الأمريكية وما تلاه من تجميع للسكان الأمريكيين الأصليين في معازل بأنه “إعادة توطين” .
ولكن كيرشنر لم تخبر قراء “نيويورك تايمز” أن “إسرائيل” لم تعترف بهذه القوى إلا لسبب واحد، هو أن سكانها ليسوا يهوداً . ومع أن وجود هؤلاء السكان في المنطقة سابق على إقامة دولة “إسرائيل” في 1948 (وهذا له اسم آخر هو النكبة)، إلا أن الحكومة “الإسرائيلية” تصف هؤلاء السكان الأصليين ب “الدخلاء” . ونتيجة لذلك، يعيشون في ظروف تشبه بصورة لافتة للنظر نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، حيث لا يسمح لهم بربط قراهم بشبكات المياه والكهرباء، ويحرمون من خدمات أساسية مثل التخلص من النفايات ومعالجة مياه الصرف الصحي، ويحظر عليهم بناء منازل، أو مستوصفات أو مدارس، وبطبيعة الحال، لا يمكن لقراء “نيويورك تايمز” أن يتوقعوا الاطلاع من كيرشنر على أي من هذه الوقائع، لأنها، مثلها مثل جميع مراسلي الصحيفة في القدس، تتبع نمط تشويه الحقيقة في ما يتعلق ب “إسرائيل”، وهذا لا يدعو للدهشة، نظراً إلى تضارب في مصالحها .
وصحيفة “لوس أنجلوس تايمز” أيضاً لجأت إلى تشويه مماثل للوقائع، من خلال استخدام تعابير، مثل “نقل السكان إلى مكان جديد”، في تقرير لها حول “مشروع برافر”، ولو أن تقريرها كان أقل إساءة، لأنه على الأقل نقل أقوال فلسطينيين .
غير أن جائزة الإعلام المسيء تذهب إلى وكالة “أسوشيتدبرس”، التي لم تكتف بالامتناع عن الاستشهاد بأقوال ولو فلسطيني واحد، بل كانت تشير تكراراً إلى سكان القرى المستهدفة بمشروع برافر على أنهم “بدو رحّل”، وهذه رواية باطلة، تدعم الصورة النمطية عن أناس “غير متحضرين”، وعرب رحّل ليس لهم عنوان دائم، وبالتالي ليس لهم أحقية في الأرض . ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، لأن معظم قرى البدو في النقب كانت موجودة منذ زمن طويل قبل وجود “إسرائيل” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2178808

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2178808 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40