الأربعاء 25 كانون الأول (ديسمبر) 2013

حوارات علّوني

الأربعاء 25 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par د. حياة الحويك عطية

ثمة أسماء تتحول إلى مفاتيح، تجعلها كذلك صدفة تاريخية، خاصة إذا تكررت . تيسير علّوني ، مجرد صحفي بارز ذي خط إسلامي، هجر سوريا بعد معركة الإخوان المسلمين مع حافظ الأسد .
لكن ما جعل علّوني بارزاً هو ارتباط اسمه بالحوار الأول مع أسامة بن لادن . بعدها كانت حرب أفغانستان، وكان تيسير علّوني من يغطي تلك الحرب حتى انهار على رأسه سقف مكتب كابول، فاستدعي، ليدخل وضاح خنفر، المراسل الإسلامي الآخر مع تحالف الشمال إلى العاصمة الأفغانية، وينشىء مكتباً جديداً حديثاً ويقيم علاقات طيبة مع الأمريكيين .
تأتي حرب العراق عام 2003 فيرسل تيسير علّوني إلى بغداد لينهار على رأسه المكتب فيستدعى ويدخل وضاح خنفر من الشمال الكردي، فينشىء مكتباً جديداً حديثاً ويجري أول حوار مع بول بريمر، بعدها يعين خنفر مديراً للجزيرة بعد إقالة محمد جاسم العلي بتهمة التقارب مع صدام حسين .
تيسير علّوني أُرسل ليلقى مصيره في محاكمة إسبانية بتهمة الإرهاب والتخابر مع منظمات إسلامية إرهابية في أكثر من بلد منها الجزائر . فتؤمن له الجزيرة الدعم، وينتهي بحكم حوّل السجن إلى الإقامة الجبرية .
تكمن أهمية هذا الحدث في ظروف إجراء وبث حديث علّوني الشهير مع أسامة بن لادن . فالحديث أجري في 21 أكتوبر/ تشرين الأول عام ،2001 غير أن “الجزيرة” لم تبثه، بل أنكرت وجوده عندما المحت إليه الصحافة، وبعد فترة (في 31 يناير/ كانون الثاني 2002) بثت “سي إن إن” مقاطع منه، مما أثار جدلاً اضطر “الجزيرة” للاعتراف بوجوده وللرد ببيان أصدرته في 1 فبرابر/ شباط ،2002 بأنّ امتناعها عن بثّه كان بسبب الظروف غير المهنيّة التي تمّت فيها المقابلة أو بسبب عدم أهميته . رغم ذلك كان على المحطّة القطريّة أن تنتظر حتّى عام 2004 لتبثّ المُقابلة مساء بعد أن أعلن كولن باول خلال نهار اليوم ذاته أنّ “الجزيرة” ستبُث “هذا المساء” شريطاً جديداً لبن لادن . وكان ذلك عشية انتخابات الرئاسة الأمريكية .
اتهمت “الجزيرة” بأنّها سلّمت الفيديو فور جهوزه ل“سي آي إيه” التي مرّرت مقاطع منه ل“سي إن إن” وانتظرت اللحظة المناسبة لتسمح للجزيرة ببثّه . تتالت أشرطة الفيديو لبن لادن والظواهري لتتوالى معها الاتهامات التي رد عليها وضاح خنفر في مقابلة مع جريدة الرأي الأردنية بتاريخ 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 قائلاً: “لا أعرف كيف تصلُ أشرطة الفيديو للأمريكيّين، إنّهُم موجودون، ونحنُ نستعملُ وسائل معلوماتيّة مفتوحة لكُلّ العالم . . الجزيرة لم تُسلّم أشرطة فيديو لأمريكيّين” .
لن نقول إن التاريخ يعيد نفسه، ولكن لا يمكن ارتضاء السذاجة حد الإيمان بالمصادفات التاريخية في صراع بحجم صراعات الشرق الأوسط، من أفغانستان إلى بيروت مروراً بكل المحطات التي تقرر مصير العالم، ومنه مصير الهيمنة الأمريكية دولياً والهيمنة المتنازع عليها إقليمياً . خاصة ونحن نقف في سراديب “جنيف 2” . وإذ نقول سراديب فلان “مؤتمر جنيف 2” قد بدأ منذ فترة ليست بالوجيزة، وهو مستمر في عمليات عض أصابع تحت الغطاء وترتيبات سرية لن تكون الطاولة إلا الحفل الختامي لفعالياتها . فعاليات لا تخرج عنها مقابلة الجولاني مع تيسير علّوني على “الجزيرة” .
فقطر تريد مكانها بين كراسي المعارضة، إلى جانب السعودية وتركيا . والأمريكيون يريدون رفع منسوب حصتهم وكلهم يتنازعون صفاً واحداً بينما تتربع روسيا وإيران والدولة السورية بأمان وتنسيق على الجهة الأخرى من الطاولة . غير أن لافروف لا يكتفي بحصته بل يعمل بشكل حثيث على التسلل إلى تقاسم الجهة الأخرى من الطاولة، ويصرح بأنه على تواصل مع أطراف من المعارضة . إنها ببساطة حسبة صغيرة، نصف محسوم أمره، ونصف آخر يتنازع عليه الجميع، وذاك ما يزيد من حدة الصراع بدءاً من ساحة السلاح والتفجيرات الإرهابية إلى ساحة الإعلام ومنه القنوات الفضائية .
أما ما يحدد حسم أمر الجهة الأخرى فهو الاتفاق أو عدم الاتفاق على مكافحة الإرهاب . فهل يتحقق ما تريده روسيا من جمع النظام السوري بجيشه وأمنه وحلفائه مع أطياف من المعارضة في كتلة تتحالف مع كتلة شرقية وأخرى غربية ضد الإرهاب والتطرف؟ أم ينجح المتطرفون الإسلاميون في الاحتفاظ بدعم بعض الدول الإقليمية وبتواطؤ واشنطن وبعض الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا؟ هل ستسود عقلية التخلص من المنظات الإرهابية بسيف الجيش السوري أم ستتفوق عقلية ترك السوريين والإرهابيين يقتلون ويدمرون بعضهم بعضاً حد القضاء على الطرفين؟ سؤال طرح منذ بداية الأزمة (وطرحناه في هذه الزاوية في الخليج بمقال بعنوان: المصفاة عام 2011) وكان الحديث يومها أنه سينتظر حد إنهاك الطرفين للوصول إلى حل . وها هم قد انهكوا . فهل المطلوب أكثر من الإنهاك؟ التدمير؟ هل المطلوب حال ما بعد حوارات علّوني في كابول وبغداد ولكن من دون تدخل مباشر هذه المرة، طالما أن التدمير الذاتي أقل تكلفة؟ أم أن تقدم الجيش السوري على الأرض سيفرض تداعياً إلى الطاولة وبحثاً عن مقعد عليها بكل الوسائل؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 37 / 2177829

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177829 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40