الجمعة 27 كانون الأول (ديسمبر) 2013

هل حظ الدولة الاتحادية أفضل من حظ يمن الوحدة؟

الجمعة 27 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par خيرالله خيرالله

اليمن دولة اتحادية. هناك بحث عن يمن جديد في ضوء المستجدات وما طرأ على أرض الواقع. هذا يعني بكلّ بساطة أنه لا يمكن حكم اليمن من الآن فصاعداً من صنعاء. هذه مرحلة انتهت في اليوم الذي صار الصراع داخل أسوار صنعاء، أي يوم سقطت صيغة “الشيخ والرئيس″ التي كانت في أساس الدولة المركزية التي تدار من العاصمة. بعد إقرار صيغة الدولة الاتحادية، يصح على مشارف السنة 2014 التساؤل: هل يبقى البلد موحّداً؟ هل يدخل حروبا داخلية ليس معروفا كيف تبدأ، أو من أين يمكن أن تبدأ، كما ليس معروفاً كيف يمكن أن ينتهي؟ هل سيكون حظ الدولة الاتحادية أفضل من حظ دولة الوحدة؟
الكثير يتوقف على اليمنيين أنفسهم الذين يعرفون أن عليهم القتال على غير جبهة تفاديا للسقوط في فخّ تفتيت البلد. الوقوع في مثل هذا الفخّ سيكون كارثة على الجميع في غياب القدرة على التعاطي مع الواقع وما يمثّله من مخاطر تطال كلّ يمني، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

ربّما يفترض قبل كلّ شيء البناء على الإيجابيات، مهما كانت قليلة ومهما كانت هناك خلافات في شأن تقويمها. إنّ ذلك يسمح بالمباشرة في معالجة السلبيات. وهذا يكون أولاً عبر تفادي إلقاء عاتق كل المسؤوليات والمشاكل والأزمات على النظام الذي كان قائماً، وكان على رأسه علي عبدالله صالح.

هناك أخطاء كثيرة ارتكبت في مرحلة ما قبل خروج علي عبدالله صالح من السلطة. ولكن ما لا يمكن تجاهله أن هناك نظاماً كان قائماً في ظلّ دولة الوحدة وقبلها، وأنّ هذا النظام لعب دوراً في قيام تعددية حزبية، كما ساهم في وقف المزايدات بين الشمال والجنوب، والوصول إلى تسوية مشكلة الحدود مع المملكة العربية السعودية، وقبل ذلك مع سلطنة عُمان.

لاشك أن إنجازات تحققت، ولاشك أيضاً أنه كانت هناك سلبيات، خصوصاً في ما يخص انتشار الفساد على كلّ المستويات، فضلاً عن كيفية التعاطي مع قضية الجنوب التي تعود اليوم إلى الواجهة وتفرض نفسها بقوّة وبشكل يومي على المشهد اليمني.

لابدّ من محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه تفاديا لمزيد من الكوارث مثل استمرار الحرب، ذات الطابع المذهبي، الدائرة مع الحوثيين الذين يتمددون في كلّ الاتجاهات وصولا إلى صنعاء وحتى تعز. لا مفرّ أيضاً من التعاطي مع النتائج المترتبة على عمل إرهابي طال وزارة الدفاع والمستشفى العسكري وتبنّته “القاعدة”. مثل هذا العمل الإرهابي يشير إلى أن اليمن تحوّل إلى ملاذ آمن للإرهابيين الآتين إليه من كلّ حدب وصوب. أين المجتمع اليمني الذي وقف في الماضي في وجه كلّ أنواع التطرّف وحافظ إلى حدّ كبير على هويته؟

الأهمّ من ذلك كلّه أنّه يمكن الانطلاق من مؤتمر الحوار الوطني الذي كانت له إيجابياته على الرغم من تحوّله إلى مهرجان خطابي وساحة لمزايدات لا طائل منها. أقرّ المؤتمر صيغة الدولة الاتحادية. مثل هذه الصيغة يمكن أن تساعد في إيجاد حلول لمشاكل تعاني منها كلّ المناطق اليمنية. ومع تثبيت صيغة الدولة الاتحادية، لا يعود مهمّا عدد الأقاليم اليمنية. إثنان أو ثلاثة أو خمسة أو ستّة (اتفق أخيرا على ستة أقاليم، أربعة شمالية واثنين جنوبيين).

هناك حلّ عملي طرحه الشيخ محمد علي عبدالله أبو لحوم الذي شارك على نحو فعّال في جلسات الحوار الوطني. هذا الحلّ يقوم على اقتسام السلطة والثروة بين الشمال والجنوب مناصفة طوال المرحلة الانتقالية، التي يمكن أن تستمرّ ثلاث أو أربع سنوات يُتّفق خلالها على صيغة جديدة للحكم، على أن يصبح بعد ذلك تقاسم الثروة والسلطة على أساس ثابت ودائم هو نسبة ستين بالمئة للشمال، وأربعين بالمئة للجنوب.

مثل هذا الاقتسام للسلطة والثروة يرضي الشمال الأكثر سكاناً، كما يرضي الجنوب الذي قد تكون ثرواته الطبيعية أكبر من ثروات الشمال.

من الضروري البحث في أي صيغة خلاّقة تبعد اليمن عن شبح التقسيم، اللهمّ إلا إذا كان هناك من يفكّر في دولة مستقلة في حضرموت، وأخرى عاصمتها عدن، وثالثة عاصمتها تعز، ورابعة في صنعاء ومحيطها، وخامسة في شمال الشمال تحت سلطة الحوثيين الذين يُخشى من أن يكون نفوذهم امتدادا للنفوذ الإيراني، وأن لا يكون من هدف لهم سوى مضايقة المملكة العربية السعودية خدمة لإيران ومشروعها الإقليمي.

مثل هذه الدول اليمنية ستدخل عاجلاً أم آجلاً في صراعات في ما بينها، كما تشرّع الأبواب إلى تحويل كلّ منطقة يمنية إلى محميّة تدار من هذه القوة الخارجية أو تلك.

مرّة أخرى، إن الانفصال ليس حلّا. الانفصال لا يحلّ أي مشكلة من مشاكل البلد التي تراوح بين الفقر ونقص المياه والفساد ونمو الإرهاب وهبوط مستوى التعليم إلى أدنى مستوى يمكن أن يتصوّره إنسان.

لا مجال لتعداد المشاكل التي يعاني منها اليمن، ولا فائدة من ذلك. لكنّ الشجاعة تقضي بالاعتراف بأن صيغة الدولة الاتحادية يمكن أن تساعد في التوصل إلى حلول نظرا إلى أن تجربة الدولة التي قامت في الجنوب بين 1967 و1990 لا تشجّع على العودة إليها. الأكيد أن مثل هذا الكلام لا يعجب كثيرين. ولكن من يضمن أن يكون الجنوبيون تعلّموا شيئاً من مآسي الماضي. الأهمّ من ذلك، من يستطيع تجاهل أن الرابط بين ابن تعز وابن عدن أقوى من ذلك الذي يربط بين العدني والحضرمي؟

لا يمكن القول أن مؤتمر الحوار الوطني كان فشلاً كاملاً على الرغم من المهاترات التي سيطرت على قسم لا بأس به من جلساته. فالحوار يظلّ في النهاية ضمانة لتلافي الأسوأ بدل إطلاق الأحكام الجائرة التي لا تساعد حتما في حلّ أي مشكلة، بما في ذلك تغلغل “القاعدة”.

يتبيّن كلّ يوم أن “القاعدة” اخترقت المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، ومنتشرة في كلّ المحافظات بغطاء من الإخوان المسلمين أحياناً، ومن قوى خارجية خرى في أحيان أخرى.. في ذلك الخوف كلّ الخوف على اليمن في السنة 2014.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165950

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165950 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010