الجمعة 27 كانون الأول (ديسمبر) 2013

استهداف الديمقراطية في مصر

الجمعة 27 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par ناجي صادق شراب

مسلسل العنف وقتل المدنيين، واستهداف مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية في مصر هدفه السريع هو ضرب وإجهاض محاولات البناء الديمقراطي الذي يبدأ بالاستفتاء على الدستور، والذي يعتبر نجاحه الخطوة الأولى في بناء النظام الديمقراطي الذي من أجله قامت الثورة في مصر . والنجاح الديمقراطي هو الرد الطبيعي على كل محاولات العنف والقتل والإرهاب أياً كان مصدره، فالهدف هنا مزدوج من ناحية خلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى الأمنية التي قد تدفع الدولة إلى مزيد من الإجراءات المقيدة، أو حتى الدفع بالعودة إلى حالة الطوارئ، واستصدار قوانين تقيد الحريات، هذا هو الهدف الأول، والهدف الثاني هو خلق حالة من التخويف والترويع للمواطن المصري، ودفعه إلى عدم المشاركة في الاستفتاء بهدف إفشاله أو على أقل تقدير، الحيلولة دون المشاركة الجماهيرية الواسعة فيه، وهو الرد الطبيعي على موقف الإخوان من التمسك بالشرعية، والإيهام بأن ما حدث كان ضد الشرعية، والشرعية لا تغلبها إلا شرعية أخرى أقوى منها .
من هنا الخوف من الإجراءات الديمقراطية واستكمال كتابة الدستور وعرضه على الاستفتاء الجماهيري ونجاح الاستفتاء بتصويت جماهيري كبير يعني سحب أول أوراق الشرعية السابقة، ومن ثم إضعاف معارضتهم، ومن هنا فإن العمل الإرهابي الذي استهدف مبنى مديرية أمن الدقهلية والذي راح ضحيته عدد كبير من الضباط والمجندين والمدنيين والذين ذنبهم أنهم يعملون في هذا الجهاز، والهدف هو الدفع بالقوات الأمنية إلى مزيد من ردود الفعل الغاضبة، وإلى المزيد من السياسات الأمنية المتشددة، وهو ما يعني تقييداً للحريات والاعتقال، وهذا ما تسعى إليه هذه الجماعات ومن يساندها خارجياً .
الهدف هو النيل من مصر كدولة ونظام حكم، ولعل الرد الوحيد على هذا العنف والإرهاب هو المضي قدماً في عملية البناء والتحول الديمقراطي، والإصرار على الاستمرار في استكمال خطوات الاستفتاء على الدستور، فنجاحه يعني إلغاء ما سبقه من دساتير واعتبارها كأنها لم تكن، لأن الدولة لا يكون لها إلا دستور واحد، وهذه الخطوة ضرورية لضرب العنف والرد عليه بمزيد من الخطوات الديمقراطية والدستورية وبناء الشرعية السياسية الجديدة، والابتعاد عن أي قوانين مناهضة لحقوق الإنسان، والمضي قدماً في الخطوة الثانية وهي الانتخابات الرئاسية التي تعتبر من أهم خطوات البناء الديمقراطي، مصر الآن بحاجة إلى رئيس منتخب وبقبول جماهيري كبير، وهذه هي الورقة الثانية التي ستسقط أي رهان على عودة النظام السابق، وهنا أهمية أن تتم الانتخابات الرئاسية وفي موعدها وبمشاركة جماهيرية كبيرة، فالمقارنة هنا مهمة وضرورية بين الانتخابات الرئاسية السابقة والانتخابات الرئاسية الحالية، والاقبال له مدلول سياسي كبير وهو أن مزيداً من المشاركة يعني مزيداً من الشرعية السياسية لإلغاء الشرعية السابقة، وأما الخطوة الثالثة وهي استكمال البناء التشريعي الجديد، من خلال انتخابات مجلس الشعب، وهذه الانتخابات لا تقل أهمية عن الانتخابات الرئاسية، بل أقول قد تفوقها من حيث المبدأ الديمقراطي إذ النائب يمثل الشعب ويريد ما يريده الناس، وتكوينه يمثل الإرادة الشعبية الشرعية، وستكون انتخابات هذا المجلس هي الرد على من له حق تمثيل الشعب المصري في أعلى سلطة برلمانية .
إن استكمال هذه الأوراق الثلاث من الأهمية بمكان في عملية استكمال البناء الديمقراطي، ونجاحها يعني سقوط كل الأوراق من يد الإخوان، ومن ثم تجريدهم من أي مقومات الشرعية التي يتمسكون بها، وسيخرجون خاسرين من هذه العملية .
كان الأجدر بهم أن يعلنوا موقفاً واضحاً من العنف والتبرؤ منه ومن الحركات التي يدعمونها، والقبول بالمشاركة في عملية إعادة بناء الشرعية السياسية الجديدة في مصر . حسناً فعل حزب النور الإسلامي عندما شارك في لجنة الخمسين، وقبوله بالمشاركة في الانتخابات المقبلة التي ستضفي عليه مزيداً من الشرعية على عكس من حركة الإخوان التي لم تخسر الحكم، بل ستخسر نفسها بتحولها إلى حركة يرفضها الشعب المصري .
في هذا السياق يمكن أن نفهم الأهداف التي تقف وراء التفجيرات والسيارات المفخخة التي تستهدف الديمقراطية في مصر .
وفي النهاية لابد من أن تنتصر إرادة الشعب في التأسيس لمصر الجديدة التي تقوم على الديمقراطية . هذه هي الرسالة القوية القادرة على إجهاض إجراءات الديمقراطية السياسية والمضي قدماً في عملية البناء السياسي والاقتصادي وهذه هي أقصر الطرق للرد على الإرهاب . قد يكون الثمن كبيراً . لكن في النهاية سينتصر الشعب المصري ومعه كل الشعوب والدول التي تدرك دور مصر وأهمية أمنها واستقرارها على جميع الدول .
فدعم مصر والوقوف إلى جانبها أولوية عليا لكل دول المنطقة، ونجاح مصر نجاح لكل الدول للتغلب على هذا الإرهاب الذي لا يستهدف مصر بل يستهدف الجميع.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 62 / 2165988

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165988 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010