الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013

الفشل في سوريا .. يُعوَّض بعمليات إرهابية هنا وهناك

الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par خميس بن حبيب التوبي

يوم واحد يفصلنا عن بداية العام 2014م الذي سيبدأ بلا شك في توزيع شهادات الخسائر والفشل في كل اتجاه، ويبدأ عدَّ الأيام ولياليها والساعات ودقائقها وثوانيها، استعدادًا لإعلان دخول الأزمة السورية عامها الرابع، وليؤرخ معركة بطولية جديدة ستخوضها سوريا فيه التي لا تزال ـ بكل بسالة وصمود ـ تقاوم الإرهاب، وتدفع الظلم وتفكك خيوط المؤامرة التي حيكت ضدها بليل، وتكبد أعداءها الخسائر المتتالية والفشل المتوالي وتلجم أبواق الدجل والكذب والفبركة بألجمة الحكمة في التعامل السياسي والدبلوماسي، وترمي صانعي مأساة شعبها وحائكي المؤامرة عليها في مزابل التاريخ.
مثلما كان الفشل ـ وسيظل ـ شعارًا، بل شبحًا يطارد المتآمرين، فإن حكمة التعامل السورية في تقطيع خيوط المتآمرين وتقشيع غبار أكاذيبهم وإسقاط أقنعتهم ستظل لعنة تطاردهم لتضع تاريخهم الأسود الملطخ بالدماء والإرهاب في قائمته التاريخية الثابتة.
اليوم نقف أمام مشاهد لأنهار من الدماء في أكثر من قطر عربي جراء حفلات دموية جنونية تزهق فيها أرواح الأبرياء لتعبر عن حجم الفشل في تدمير سوريا وتهجير شعبها ـ كما جرى في العراق ـ ومحاولة تعويض هذا الفشل في اتجاهات الأرض الأربع، والانتقام من كل من يعتقد أنهم مساهمون في إيصال المتآمرين إلى هاوية الفشل وإحالتهم الواحد تلو الآخر إلى تقاعد مبكر بعد وضعهم في القائمة السوداء للتاريخ.
وقبل البدء بسرد مشاهد لحفلات الجنون الدموية والمتآمرين الراقصين على جثث الأبرياء، لا بد من الإشارة أولًا إلى أنه حتى أولئك الذين بدأوا يراجعون سياساتهم في معسكر المؤامرة ويتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وارتداد شعاراتهم “الأخلاقية” عليهم بالملايين من المشاكل والعثرات، لم يسملوا من العقاب. ومن بين هذه الحفلات الجنونية الدموية للمتآمرين على سوريا لتعويض فشلهم:
أولًا: تفجير لبنان بإحداث الفتنة الطائفية بهدف إعادة الحرب الأهلية عبر متواليات من العمليات الانتحارية والمفخخات تقوم بها العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية التي وجدت حاضنة داعمة في لبنان من قبل فئات كشفت عن كراهيتها وحقدها ليس على سوريا فحسب، وإنما على لبنان ذاته، وكان من بين نتائج هذه الكراهية والحقد هي العمالة والقبول بوظيفة الخادم في بلاط كيان الاحتلال الصهيوني الذي يعد المستفيد الأول من تفجير لبنان وتدمير سوريا وتفتيت دول المنطقة، ولكنهم نسوا أو تناسوا أن نار الفتنة والحرب الأهلية إذا اشتعلت لا تفرق بين مُشعِل لها ومستهدف بها.. “اصبر على كيد الحسود .. فإن صبرك قاتله .. النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله”.
وما التفجيرات التي شهدتها بيروت وغيرها من المناطق اللبنانية وما قبلها من تفجيرات والتي كان آخرها استهداف الوزير السابق محمد شطح، ما هي سوى مقدمة الفتيل الذي يعمل المتآمرون الحاقدون والعملاء على مده في عموم لبنان.
ثانيًا: مقتل ضابط الفرقة السابعة وعدد من الضباط والجنود العراقيين في صحراء الأنبار، بالإضافة إلى التفجيرات الانتحارية اليومية التي يسقط جراءها عشرات الأبرياء العراقيين، وهذا النوع من الأسلوب يعبر في أبسط صوره عن حالة البؤس واليأس ومدى الكراهية التي تبدت بالمتآمرين والرغبة في معاقبة العراق على محاربته الإرهاب الذي يمثل سلاح المتآمرين في تفتيت دول المنطقة. فتصدي العراق للإرهاب ولحاضناته أضعف مقدار الدماء المراد إسالتها في سوريا، وبالتالي لا بد من معاقبة العراق على ذلك وعلى رفضه الانخراط في معسكر التآمر على سوريا.
ثالثًا: دخول روسيا في دائرة الاستهداف المباشر بالعمليات الإرهابية الانتحارية، فإضافة إلى العمليات الانتحارية السابقة أعلنت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في روسيا أن امرأة انتحارية، على الأرجح، نفذت التفجير الإرهابي بعد ظهر أمس في محطة سكة الحديد بمدينة فولجوجراد الواقعة جنوب روسيا، والذي أسفر عن سقوط حوالي ثمانية وخمسين شخصًا بين قتيل وجريح. فموسكو تعد أكبر داعم وحليف لدمشق في مواجهة مؤامرة تدمير سوريا، كما أن هذه العمليات الانتحارية الإرهابية ليست بمعزل عن ما تلقته روسيا وقيادتها من تلويح باستهدافها بالإرهاب.
رابعًا: الحراكات التي تشهدها تركيا لتطويق حكومتها على خلفية قضايا الفساد، هي الأخرى لا يمكن عزلها عن تطورات الأزمة السورية، حيث أبدت حكومة حزب العدالة والتنمية تقاربًا مع طهران بموازاة مراجعة سياساتها في دعم العصابات الإرهابية في سوريا، وبدأت تتحسس مخاطر رحلة العودة لهذه العصابات التي من المحتمل أن تتخذ من الأراضي التركية قاعدة أو تجد حاضنة لها، ما يهدد بتحول تركيا إلى باكستان جديدة. إذن فبالإضافة إلى التقارب بين طهران وأنقرة حيث التبادل التجاري بينهما يبلغ مليارات الدولارات ومراجعة أنقرة سياساتها تجاه الأزمة السورية وتبنيها الحل السياسي، يأتي هذا الحراك مدفوعًا بقوى خارجية بإثارة العداء بين التيار الإخواني الذي ينتمي إليه حزب العدالة والتنمية والتيار السلفي، والعمل على تصدير التيار السلفي في مواجهة التيار الإخواني بحكم انتماءات التيارات السلفية وتشددها وتبعيتها لتلك القوى التي ترى أن لها مصلحة في تدمير سوريا. إلا أن هذا لا يعفي الحكومة التركية من مسؤولية الاندفاع غير المحسوب في ما يتعلق بالأزمة السورية، وبشيء من الموضوعية والعقلانية فإن الحكومة التركية تدفع الآن فاتورة هذا الاندفاع.
وإزاء هذا المشهد الملطخ بالدماء والدمار، أيضًا لا يمكن استبعاد مصر منه، فبقاء أُمِّ الدنيا في دوامة العنف سيكون مطلبًا ملحًّا من قبل خصوم سوريا والجمهورية الإسلامية الإيرانية بهدف إشغال مصر داخليًّا بالعمليات الإرهابية حتى لا تتقارب مع إيران، حيث هناك أنباء عن قيام الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بوساطات من أجل إنجاح هذا التقارب والذي بدأ مهمته هذه بلقاء قيادات حزب الله اللبناني.
الموقف الراهن في خريطة انتشار الجماعات الإرهابية على مستوى العالم، يؤكد أنه ما كان له أن يكون بهذه الانتشار لولا الدعم والحاضنات التي تقوم بها قوى أعماها حقدها وكرهها للاستقرار والسلام والتنمية والتعايش وحب السيطرة وكذلك النرجسية والمراهقة السياسية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165775

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165775 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010