الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013

كيف يقهر الاحتلال؟

الاثنين 30 كانون الأول (ديسمبر) 2013

الأسير الفلسطيني المحرر سامر العيساوي، ابن مدينة القدس المحتلة، وصاحب أطول إضراب عن الطعام في تاريخ البشرية، أثبت لكثيرين ممن مازالوا متشككين بجدوى النضال ضد المحتل “الإسرائيلي”، أن أبسط طرق النضال وأكثرها سلمية قادرة على تمريغ أنوف هؤلاء الساديين في وحل جرائمهم، وقطع بيقين الواقع شكوك الواهمين في أن وسيلة وحيدة وحصرية واحدة فقط قادرة على استعادة جزء من الحقوق .
9 أشهر أو أكثر قليلاً من الصمود الأسطوري في وجه ثلاثة مهددات حقيقية للحياة البشرية في فلسطين المحتلة، الأسر والسجان وسياساته وجرائمه، والجوع المتصاعد يوماً إثر يوم، وأخيراً وليس آخراً إمكانية الشهادة المرتبطة أولاً بقدرة الاحتلال على الوصول إلى الأسير، وثانياً بأن تسوء حالته الصحية إلى درجة توصله إلى مصاف الشهداء .
لكن ذلك لم يكن، وكأن الأمر أريد له أن يكون إثباتاً حياً وشهادة لا تدحض أو يطعن فيها، فسامر خرج مرفوع الرأس، بعدما كسب معركته غير المتكافئة، وترك الاحتلال يغرق أكثر وأكثر في جرائمه وعزلته، ورغم أن والدة هذا البطل المقدسي عانت برد الشتاء القارس ومرارة انتظار الساعات الطويلة منذ الصباح حتى الليل أمام المعتقل، لتكون أول من يحتضن سامر ويقبل جبينه المكلل بعزة الفلسطيني وإيمانه بحقوقه التي لا تسقط، إلا أن النهاية كانت سعيدة وحافلة بمشاعر لا يقدرها إلا كل من ذاق مرارة جرائم الاحتلال .
درس جديد يسطّره أحد الأبطال وهم كثيرون في معتقلات الاحتلال “الإسرائيلي” وخارجها، وتجربة نضالية لا شك أن كل فلسطيني حريص على إبقاء شعلة قضيته متقدة سيدرسها للجيل الجديد، حتى تبقى البوصلة مشيرة إلى الاتجاه الصحيح .
أمام هذا الواقع يبدو البعض مصراً على أن الاحتلال قابل لتقديم التنازلات من دون الضغط عليه وتضييق خياراته بكل الوسائل المتاحة، ويواصل الرهان الخاسر مقدماً على خيار كان في الماضي “تكتيكياً” وبات “استراتيجية” غير قابلة للتعديل أو التطوير .
يدرك الطفل الفلسطيني منذ اللحظة الأولى التي يرى فيها انكسار الدبابة أمام براءة الحجارة، أن الكيان المحتل أضعف من أن يستجدى، وأهش من أن يغرق من يحتلهم في أوهام استقراره وقوته التي يزعم أنها لا تقهر، ولعل الفطرة السليمة هي من تقوده إلى استشعار خوف الجندي المتحصن في عربته المصفحة، ولعل تلك الفطرة تحولت إلى عقيدة لدى سامر وغيره من أبطال حرب الأمعاء الخاوية الذين كرروا مشهد انكسار الاحتلال على مدى العامين أو الثلاثة الماضية .
أسرى الحرب الفلسطينيون يواجهون عزلاً آلة التنكيل والتعذيب والإهمال الطبي، وينضم إليهم يومياً أسرى جدد، ما يدحض أي مزاعم عن الحرص على التسوية أو السلام، ولعل الإحصائية التي صدرت مؤخراً مشيرة إلى اعتقال 3874 فلسطينياً خلال العام ،2013 أكثر من ثلاثة أرباعهم من الشباب والأطفال، تثبت أن الاحتلال الغاشم يدرك أهمية هذه الفئة العمرية ويعمل على كسر معنوياتها وسلب إرادتها، لكن هذا لن يتخطى خانة الوهم، فسامر وإخوته الذين سبقوه أثبتوا العكس .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2182068

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2182068 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40