الجمعة 3 كانون الثاني (يناير) 2014

كيري في فلسطين: تقليص التشاؤم والدفاع عن اتفاق إطار

الجمعة 3 كانون الثاني (يناير) 2014 par حلمي موسى

استبق رئيس الحكومة« الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو هبوط وزير الخارجية الأميركية جون كيري أمس، في مطار اللد بإصدار أوامره بتأجيل الإعلان عن عطاءات توسيع الاستيطان إلى ما بعد انتهاء هذه الزيارة. ولكن ذلك لم يحُل دون استقباله بطريقة صهيونية أقل استفزازاً منها إعلان نائب وزير الخارجية زئيف ألكين أن حدود العام 1967 هي حدود معسكر الإبادة النازية في أوشفيتس. وتنتظر خطة كيري للتوصل إلى «اتفاق إطار»، ألعوبة استبدال مبدأ تبادل الأراضي بتبادل السكان.
وقد بدأ كيري زيارته أمس بهدف قضاء ثلاثة أيام تنتهي يوم الأحد في جولات مكوكية بين رام الله والقدس على أمل بلورة «اتفاق إطار» ينوي إعلانه خلال أسابيع. وخلال هذه الأيام سيدير كيري نقاشات معمّقة مع كل من بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس بهدف التوصل إلى صيغة تجعل بالإمكان مواصلة المفاوضات بعد فترة الشهور التسعة التي تنتهي مطلع أيار المقبل.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو في القدس المحتلة، قال كيري إنه سيكون على «القادة أن يتخذوا قرارات صعبة خلال الأسابيع القليلة المقبلة»، مؤكداً أنه ينوي «العمل مع الطرفين لتضييق الخلافات في اتفاق إطار سيضع إرشادات للمفاوضات»، واتفاق الإطار هذا يشمل القضايا الرئيسية كافة، من بينها الحدود، والأمن، والقدس، واللاجئين، والاعتراف المتبادل، ونهاية النزاع، والادعاءات القانونية.
وأشار كيري إلى أن اتفاق الإطار سيكتب بالاعتماد على الأفكار والمواقف التي طرحها الطرفان خلال 20 جلسة من المحادثات في الأشهر الخمسة الماضية. ولأن اتفاق الإطار سيضع إرشادات المرحلة النهائية من المفاوضات، فإن «ذلك سيتطلب تنازلات من الطرفين»، بحسب قوله، ليضيف أن «اتفاق الإطار يعتبر اختراقاً مهماً، فهو سيضع المعايير الثابتة ليصبح بمقدور الطرفين معرفة إلى أين يتجهان وما قد تكون النتيجة النهائية. كما أن اتفاق إطار سيوضح ويمدّ جسوراً بين اختلافات الطرفين، حتى يصبح بإمكانهما التقدّم نحو اتفاق سلام نهائي».
وأشاد كيري بنتنياهو لالتزامه بالإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو بالرغم من الانتقادات التي يواجهها في إسرائيل، كما أشاد بالرئيس الفلسطيني محمود عباس لالتزامه باستمرار المفاوضات، برغم المعارضة في قطاع غزة وبين القيادة الفلسطينية.
وأبلغ نتنياهو كيري في اجتماعهما أمس شكوك إسرائيل الجمة من نيات الفلسطينيين في المحادثات، وأعرب عن قلقه من سلوك الرئيس عباس «الذي احتضن قبل يومين إرهابيين معتبراً إياهم أبطالاً». وشدد على أن هذه «فضيحة»، متسائلاً عما يفكر فيه الشاب الفلسطيني «عندما يرى زعيم الشعب الفلسطيني يحتضن أناساً قطعوا أبرياء، وفجّروا أجسادهم أو أصلوهم بالرصاص».
كما اعتبر نتنياهو أن «السلام يعني الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي»، مضيفاً «على عباس نبذ الإرهاب وتبني السلام».
وسيلتقي نتنياهو وكيري مجدداً اليوم قبل أن يتوجه الأخير إلى رام الله للقاء عباس مساء، ومرة أخرى غداً صباحاً. وسيعود السبت مساء إلى القدس للقاء نتنياهو للمرة الثالثة. ومن الممكن أن يعقد اجتماعات أخرى مع الاثنين بعد غد الأحد، قبل التوجه إلى الأردن، بحسب ما نقلت صحيفة «هآرتس».
ويأتي ذلك كله، في وقت أعلنت فيه السلطة الفلسطينية أن الصيغة الأميركية للترتيبات الأمنية تبدد السيادة الفلسطينية.
وبحسب المتوفر من المعطيات فإن صيغة كيري الجديدة تتضمن الأمور المهمة للطرفين: دولة فلسطينية وأمن إسرائيل، والهدف الجلي منها هو منع انهيار المفاوضات وهو ما تريده إسرائيل. وهي عبارة عن ورقة موقف لا تحمل طابعاً قانونياً، ولا تتطلب توقيعاً من الطرفين، ويمكن لكل منهما أن يعرب عن تحفظاته إزاءها. والصيغة تتضمّن مبدأين مركزيين: إسرائيل بشروط معينة مستعدة للاعتراف بدولة فلسطينية على أساس حدود الـ67 مع تبادل أراضٍ، والفلسطينيون يعترفون عند التوصل إلى اتفاق نهائي بإسرائيل كدولة يهودية ويعلنون نهاية النزاع.
وبرغم الجهد الأميركي المكثف البادي فإن أحداً لا يتوقع أن تسفر الزيارة الحالية لكيري عن إعلان «اتفاق إطار». ولهذا يتوقع البعض من الآن أن يعود كيري إلى المنطقة لإتمام المهمة في الأسبوع المقبل أيضاً. وفي الغالب سيدفع الطرفين إلى تقليص تشاؤمهما من ناحية وتقديم بعض مبادرات حسن النية لتنفيس الاحتقان القائم.
ويبدو أن كيري يجد هذه المرة أملاً في وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي أعرب أمس عن اعتقاده بوجوب منح المشروع الأميركي فرصة. ومن المقرر أن يجتمع كيري مع ليبرمان اليوم بعدما صار الأخير أقرب ظاهرياً في المجلس الوزاري المصغر إلى موقف وزير العدل ومسؤولة ملف المفاوضات تسيبي ليفني منه إلى مواقف وزير الدفاع موشي يعلون وزعيم «البيت اليهودي» وزير الاقتصاد نفتالي بينت.
وقد طلب نتنياهو مؤخراً من وزير الإسكان أوري أرييل (من البيت اليهودي) تأجيل الإعلان عن عطاءات بناء 1400 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية إلى ما بعد انتهاء زيارة كيري. وجاء هذا الطلب بعدما تبين لنتنياهو أن إعلان هذه العطاءات كفيل بتعقيد زيارة كيري وتوتير العلاقة مع الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي. وكان نتنياهو قد تعهّد سلفاً بعد تهديدات أميركية وأوروبية بألا يقرن الإفراج عن الدفعة الثالثة من معتقلي ما قبل أوسلو بإعلان عطاءات استيطانية جديدة. غير أنه تحت ضغوط اليمين المتشدّد أكد أنه سيعلن العطاءات برغم التهديدات. وها هو يقرر تأجيل الأمر إلى ما بعد انتهاء زيارة كيري.
لكن إسرائيل تتعرّض هذا الشهر لأوسع حملة زيارات أوروبية تبدأ برئيس الحكومة البريطانية دافيد كاميرون، ولا تنتهي بزيارة رسمية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروماني. فمن المتوقع أن يحلّ عدد من وزراء الخارجية الأوروبية ضيوفاً هذا الشهر على الدولة العبرية في إطار خطة يبدو أن جون كيري نفسه رتّبها لممارسة الضغط عبر الاحتضان على حكومة نتنياهو.
ولكن اليمين الحاكم في إسرائيل يتفلت من الضغوط بأشكال مختلفة بينها الهروب إلى الأمام من ناحية والتشدد إلى أقصى درجة من الناحية الأخرى. ولذلك نرى وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يستعيد مكانته في رسم السياسة الخارجية الإسرائيلية من خلال عرض مشروعه القديم لتبادل السكان. وقد أشارت صحيفة «معاريف» أمس الأول، إلى أن إسرائيل عرضت على الأميركيين في دوائر مختلفة مشروعاً لنقل منطقة المثلث إلى السلطة الفلسطينية مقابل الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية.
ومعلوم أن المثلث مأهول بغالبية عربية تقدّر بحوالي 300 ألف نسمة يأمل اليمين الإسرائيلي التخلص منها في إطار محاولته تعزيز الغالبية اليهودية في الدولة العبرية. وأوضحت «معاريف» أن جهات إسرائيلية شرعت بمناقشة الجوانب القانونية لمثل هذا المشروع، خصوصاً أن الفلسطينيين سكان هذه الرقعة يحملون الجنسية الإسرائيلية. وبديهي أن سكان هذه المناطق يرفضون هذا المشروع، الذي يبعدهم عن أهلهم وامتدادهم الطبيعي في باقي المناطق العربية داخل مناطق الـ48 المحتلة. كما أن السلطة الفلسطينية ترفض هذا المشروع أصلاً لأنه يقايض أرضاً فلسطينية صادرها الاحتلال في مناطق الـ67 بأرض فلسطينية يعيش فيها أهلها قبل نشأة المشروع الصهيوني. وترفض المشروع أوساط يهودية يمينية ويسارية لاعتبارات مختلفة بينها أن ذلك تكريس لتقسيم «أرض إسرائيل» أو أن هذا يتنافى مع حقوق المواطنة.
ومن جهة أخرى فإن اليمين الحاكم يحاول، عبر مشروع قانون لضم غور الأردن، ليس فقط تهشيم حدود 67 بعدما ضمّ القدس الشرقية وأقام الجدار الفاصل، وإنما القضاء على مبدأ التسوية الإقليمية. وأفصح نائب وزير الخارجية زئيف ألكين عن ذلك أثناء جولته أمس مع عدد من وزراء وأعضاء الكنيست من «اللوبي من أجل أرض إسرائيل» في غور الأردن، حيث أعلن أن «حدود 67 هي حدود أوشفيتس» ولذلك على الليكود رفض كل اقتراح للانسحاب من الضفة الغربية. وشدّد على أن «غور الأردن إسرائيلي، سيبقى إسرائيلياً وإلى الأبد. فنحن هنا بفعل حقنا في الأرض، بعد ذلك هناك الاحتياجات الأمنية التي لا يمكن توفيرها من دون غطاء استيطاني».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2165601

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2165601 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010