الأربعاء 8 كانون الثاني (يناير) 2014

معضلات “جنيف 2”

الأربعاء 8 كانون الثاني (يناير) 2014 par د. خليل حسين

في وقت تتسارع الجهود لعقد مؤتمر “جنيف 2” السوري، تتفاقم المشكلات والمعضلات التي ستؤثر بشكل مباشر في ترتيب أولويات المؤتمر ووسائل القفز فوقها، باعتبار أن الموضوعات المطروحة للتداول تشكل مساً أساسياً بطروحات الأطراف المشاركة سواء كانوا من المعارضة أو الحكومة، أم كانوا أطرافاً إقليميين أو دوليين في الخطوط الخلفية للمفاوضات .
أولى المعضلات الناشئة مطالبة المعارضة بحكومة انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية لا يكون للنظام دور أساسي فيها إن لم يكن مهمشاً ومن أبرز مهامها تنفيذ بيان “جنيف 1” المعلن بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2012 ، فيما الحكومة السورية ذاهبة إلى المفاوضات بخلفية قيادتها للمرحلة الانتقالية وحق الرئيس بشار الأسد الترشح لولاية ثالثة في 17 يوليو/تموز المقبل .
في هذا الإطار ثمة استبعاد للمضي بهذه الخيارات على اعتبار أن النقاط المزمع التفاوض بشأنها مرتبطة بملف ذي اهتمام ومتابعة إقليمي ودولي متعلق بتدمير الأسلحة الكيماوية السورية . فالاتفاق الأمريكي - الروسي بخصوص السلاح الكيماوي، وضع جدولاً زمنياً ينتهي بإزالة الترسانة من سوريا قبل يونيو/حزيران ،2014 وهو الموعد المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية التي يجب أن تنجز خلال 60 يوماً إلى 90 يوماً قبل انتهاء الولاية الحالية بموجب الدستور الجديد . ما يعني أن هذا الجدول الزمني، ألغى إصرار المعارضة بتنحي الأسد قبل انعقاد مؤتمر “جنيف 2” . كما ألغى مطلب تغيير النظام، ما جعل منه شريكاً للمجتمع الدولي والأمم المتحدة لتطبيق برنامج إزالة الترسانة الكيماوية . كما ألغى عملياً مطلب تنحي الأسد خلال المرحلة الانتقالية التي كانت طالبت فيها دول غربية ومعارضون . وكمخرج لذلك يجري التداول بالتمديد لسنة أو سنتين على خلفية الوضع الأمني لتعذر انتخاب الرئيس من جهة، ومن جهة أخرى التزامن بين المرحلة الانتقالية والتخلص من الترسانة الكيماوية . فيما الحكومة تصّر على الانتخابات في موعدها وفقاً للدستور الجديد أي قبل انتهاء الولاية الحالية بثلاثة أشهر .
النقطة الأخرى في إمكانية تعثر المفاوضات هي حجم الصلاحيات في الحكومة الانتقالية، فالمعارضة تصر مثلاً على أن تشمل صلاحية الحكومة الأمن والجيش والاقتصاد والخدمات وغيرها، بينما تصّر الحكومة على رفض ذلك . في وقت يجري التداول بتقسيم الصلاحيات . إذ ثمة حديث عن أن المعارضة تريد أن تكون لحكومة الوحدة الوطنية الصلاحيات التنفيذية من اقتصادية وخدمية مع تنازلات في المجال القضائي وإعادة دمج بعض المنشقين من الجيش الحر . وثمة مَن يتحدث عن تسوية ممكنة، بحيث تكون أجهزة الأمن تابعة للحكومة الانتقالية مقابل بقاء مؤسسة الجيش في عهدة الرئاسة، مع الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية .
أولى المعضلات التي ستواجه مسار التفاوض، أن كل شيء سيتم على قاعدة عدم الرفض المتبادل . غير أن هذا مبدأ سيفتح في المجال أمام تدخل راعيي المفاوضات الأمريكي والروسي اللذين سيكونان في الخطوط الخلفية للمفاوضات، خصوصاً أن الطرفين اتفقا على المحاصصة؛ الأمريكي مسؤول عن وفد المعارضة والروسي مسؤول عن وفد الحكومة .
يشار إلى أن مبدأ عدم الرفض كان حلاً وسطاً لدى صياغة إعلان جنيف الأول، بين مطالب أمريكية بإدخال نص يبعد “من تطلخت أيديهم بالدماء” من المشاركة في الحكومة الانتقالية، ورفض موسكو لهذا الأمر والإصرار على إطلاق “عملية سياسية بقيادة سورية” من دون أي تدخل خارجي .
سيتعاظم دور هذه المعضلات، باعتبار أن أولويات الطرفين السوريين وحلفائهما مختلفة تماماً . إذ إن مسؤولي الحكومة، أعلنوا أن المؤتمر يجب أن يركز على أولوية مكافحة الإرهاب . وذهب مسؤولون آخرون إلى المطالبة بوقف تمويل الإرهابيين وتدريبهم وإيوائهم قبل البدء بالحل السياسي، وافق مسؤولون روس على هذه المقاربة لدى القول بضرورة توحد الحكومة والمعارضة في مكافحة الإرهاب، وإعطاء الأولوية لمحاربة المتطرفين والإرهابيين . في مقابل ذلك أعلن معارضون أن الأولوية هي للحل السياسي، ووجوب تشكيل حكومة انتقالية لها صلاحيات على أجهزة الأمن والجيش .
لذا إن “جنيف 2” من الصعب أن يكون أكثر من مناسبة إعلامية، لكنه مناسبة لا بد منها لإطلاق مسار سياسي يعقبه “جنيف 3” و“جنيف 4” . مسار ليس بالضرورة أن يحقق نتائج سريعة، بل سيكون عملية تدفع الأطراف المعنية المحلية والإقليمية والدولية إلى التفكير في شكل سياسي . إنها عودة الأطراف المحلية والدولية والإقليمية إلى السياسة محكومة بصوت الرصاص التي ستكون مرتبطة أيضاً بمسارات أخرى خلال الستة أشهر المقبلة من بينها جنيف الإيراني والمفاوضات “الإسرائيلية” الفلسطينية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2165350

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165350 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010