لعبة الاستفتاءات المفبركة على خطة كيري خدعة كبيرة مفضوحة .. الحلال بيَن والحرام بيَن ، ومثلما اغتصب الغزاة وطننا بقوة السلاح وشردوا معظم شعبنا بإرهاب المجازر الجماعية ، الطريق لتحقيق التحرير والعودة واضح ، والالتفاف عليه بعد مرارة صفقة أوسلو البائسة التي كان شرطها الأول الغدر بالثورة والانتفاضة تآمر سافر . الفلسطيني الجدير بفلسطين حرة هو الذي يقاوم الغزاة الصهاينة والمتواطئين معهم بكل الوسائل المتاحة .
لقد ظل المطبعون مع العدو الصهيوني ممن تسللوا إلى صفوف الثورة الفلسطينية يمارسون انحرافهم سراً وعلانية منذ أربعين سنة بذرائع متدرجة وشعارات خادعة وأقنعة مختلفة .. لكن دورهم صار الآن أشد خطورة بعدما سقطت الأقنعة وأنشبت المخالب في قلب القضية الوطنية وصارت السكين على عنق وطننا وشعبنا .. باتت المسألة تهدد مصير الوطن والشعب لعقود قادمة ، وبالتالي لا جدوى من الإدانة اللفظية وإطلاق الشتائم واستمطار اللعنات على التطبيع والمطبعين .. المطلوب وبسرعة بعث روح ثورتي 1936و1965وانتفاضتي الحجارة والأقصى بلا تردد أو تلكؤ.
مصير وطننا لا يقرره كيري ولا كل من اغتصبوا لأنفسهم صفة (مجتمع دولي) وأدواتهم وأذنابهم . فلسطين محروسة بإرادة الذي بارك أقصاها وما حوله ، وبشرف التزام شعبها المرابط في القدس وأكناف القدس . لهذا لا يهتز يقيننا بتحرير وطننا وعودة شعبنا إليه من المنافي مهما تطلبت الحرية والعودة من نضال وتضحيات ، لتعود لنا فلسطين إلى الأبد رغم أنوف من على مائدة صفقة بيع حقوقنا ومصيرنا ومن وراءهم . إن الشعب الذي جدد ثورة 1936 في العام1965، وطور الثانية بانتفاضة الحجارة قادر على اجتراح السبل الكفيلة بوقف الانهيار وتنظيف صفوفه من المفرطين بوطنه وحقوقه والفاسدين والمرتدين ، بموازاة استئنافه القتال ضد الغزاة الصهاينة في الوطن ومن المنافي.
مجرم كل من شارك في حصار مخيم للاجئين الفلسطينيين في الأردن أو لبنان أو سوريا أو فلسطين .. ومجرم كل من تسبب في إعادة تهجير اللاجئين الفلسطينيين .. ومجرم كل من أسهم في إزالة مخيم للاجئين الفلسطينيين أو تدميره ، حاكماً كان أو مقاتلاً في جيش أو تنظيم أو حزب .. وخائن كل من أسهم في تشريد اللاجئين الفلسطينيين مجدداً في منافي أوربا وأمريكا وأستراليا خدمة للغزاة الصهاينة .
لقد أرادوها ( تفليسة ) لا للثورة الفلسطينية المعاصرة فقط ، التي غدروا بها وانحرفوا بمسارها وتنكروا لأهدافها وأخلاقها وشهدائها ومناضليها ومبادئها ، وإنما أرادوها (تفليسة) نهائية للوطنية الفلسطينية ولحقوق شعبنا ومصيره ومصير أمته أيضاً . تذرعوا بالواقعية السياسية وبضرورات التكتيك ومرونة التعامل مع المعادلة الدولية والانسجام مع واقع نادي الحكام العربي، وسوى هذا وذاك من ذرائع ، وبرمجوا تفريغ بنية الثور..
فلسطين عربية جذوراً وبشراً وحضارة ومآلاً ، وموقعها من القلب في الوطن العربي ، رابطاً برياً وحيداً ما بين عرب آسيا وعرب أفريقيا ، جعلها على امتداد التاريخ هدفاً للقوى الطامعة بهذا الوطن ، سواء بالغزو أو بالتهميش والإلحاق والإلغاء أو بالحصار . لكن دراسة متمعنة لتاريخ فلسطين وجغرافيتها الطبيعية والبشرية والسياسية ، وكذلك دورها الاستراتيجي الذي يتجاوز الإقليم إلى ما وراءه بعيداً حيث أقصى الموائل البشرية ، إضافة إلى مركزيتها في البعد الروحي للمؤمنين ، تؤكد أن فلسطين هي مركز النهوض... والخلاص والتحرر العربي القادم ، بعدما تبين مدى زيف الاستقلالات الشكلية والمزورة للكيانات التي افتعلها اتفاق مارك سايكس وجورج بيكو المتكامل عضوياً مع جريمة بريطانيا المعنونة بتصريح بلفور . ومثلما كان استهداف فلسطين بالغزو العنصري الاقتلاعي المعاصر متكاملاً مع الهيمنة الاستعمارية على الكيانات التي افتعلها سايكس وبيكو واضعين سقفاً لها وحدوداً أكدت بريطانيا وفرنسا ثم الولايات المتحدة عملياً أنها لا تتردد في خوض حروب وغزو بلدان عربية واحتلالها لمنع تجاوزها سواء بإعادة توحيد المزق الكيانية العربية ـ كلها أو بعضها ـ أو بتحررها الحقيقي ونهضتها ، فإن تحرير فلسطين وإزالة ما ترتب على جريمة الغزو الصهيوني لها هو المدخل الوحيد لتحقيق استقلال عربي حقيقي ولإعادة توحيد العرب وطناً وبشراً ، واستئناف دورهم الحضاري .