الاثنين 20 كانون الثاني (يناير) 2014

يعلون يكشف الموقف الإسرائيلي من السلام

الاثنين 20 كانون الثاني (يناير) 2014 par حلمي موسى

أزاحت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون حول جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إلى اتفاق سلام أو على الأقل إلى اتفاقية إطار بين إسرائيل والفلسطينيين الستار عن حقيقة الموقف الإسرائيلي مما يجري. فيعلون، ليس مجرد وزير في حكومة نتنياهو كما أنه ليس عضوا في أحد الأحزاب الهامشية المتممة للائتلاف الحكومي، إنه وزير الدفاع وأحد كبار ممثلي حزب الليكود في هذه الحكومة. وهو فضلا عن كل ذلك لم ينطلق في كلامه من وقوع في دائرة الصدفة وإنما قال كلاما ردده مرارا وتكرارا حتى إذا لم ينسب له شخصيا قبل أن تنشره “يديعوت أحرنوت” باسمه ورسمه.
ومن المؤكد أن ليعلون أغراضا شخصية في تصريحاته تنبع أساسا من دوافعه لدخول الحياة السياسية بعد مهانته جراء عدم التمديد له كرئيس للأركان في عهد شارون. حينها عبر عن الإهانة بقوله في حفل وداعه: “أتعرفون لماذا احتذي حذاء عاليا في ساحة هيئة الاركان؟ لانه يوجد هناك عقارب وأفاع خطيرة”. وكان الرد عليه ساحقا من جانب رجال شارون الذين اعتبروه مغرورا وفارغا: “إنه من نوع الناس الذين ليسوا فقط اغبياءبل ويبدون أغبياء”. ولهذا السبب يسعى بكل قوته لامتلاك قلوب أهل اليمين الإسرائيلي.
والواقع أن كلام يعلون أقرب إلى بناء من طبقتين: الأولى كلام سياسي يعبر عن صميم الموقف الإسرائيلي من العملية السياسية، والثانية كلام شخصي يعبر عن موقف الكثيرين من القادة الإسرائيليين إزاء من يخالفونهم الرأي حتى لو كانوا من قادة أميركا. ومن الجائز القول ان يعلون لم يختط طريقا جديدا في مهاجمة القادة الأميركيين، إذ سبقه، على الأقل في الأعوام الأخيرة، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نفسه في حملته على الرئيس باراك أوباما. وليس مستبعدا، على هذا الصعيد، أن الصمت الأميركي إزاء مواقف نتنياهو الشخصية شجع يعلون على الانطلاق في حملته ضد جون كيري.
ولكن كيري ليس مجرد وزير للخارجية الأميركية. فهو سياسي أميركي محنك يحظى باحترام داخلي واسع وكثيرا ما ترأس أهم لجان الكونغرس الأميركي فضلا عن ترشحه للرئاسة. لكنه إضافة إلى ذلك يعتبر من أبطال الحرب الأميركيين الذين يتسمون باحترام الذات ويثيرونه. وهو على وشك إنهاء حياته السياسية وليس مبتدئا مما يجعله أقل عرضة للابتزاز والتهديد. ولذلك انبرى الكثيرون في أميركا للدفاع عنه محاولين في الوقت نفسه إيقاف قادة إسرائل عند حدودهم عبر ترسيخ صورتهم كـ“ناكرين للجميل”.
وبديهي أن هذه الصورة تنطبق أكثر من أي شيء آخر على يعلون، وزير الدفاع، الأعرف بما تقدمه أميركا من خدمات جوهرية واستراتيجية لبقاء إسرائيل وازدهارها. ولذلك، ربما، كانت الصدمة الشخصية مضاعفة في الإدارة الأميركية، التي لاحظت أن هكذا سلوك من جانب قادة إسرائيليين إنما يعبر عن جنون يجب إيقافه. ومن هنا كانت ردة الفعل الشديدة نسبيا والتي أربكت حكومة نتنياهو على الأقل في كل ما يتعلق بالجانب الشخصي في التصريحات.
ولكن على صعيد طبقة البناء الأولى والأساسية في تصريحات يعلون، ليس هناك أي تراجع أو اعتذار. فيعلون أكد رؤية اليمين الجارف في إسرائيل بأن لا فرصة لتحقيق تسوية مع السلطة الفلسطينية التي لا يعتبر رئيسها، محمود عباس، شريكا والتي لا تمتلك، من دون القوة الإسرائيلية سندا. وبالتالي لا أساس لتقديم أي تنازل لها خصوصا أن هكذا تنازل “يعرض أمن إسرائيل للخطر” حينا أو يحرمها من “أرض الآباء” وتراثهم حينا آخر.
وفي هذا لا يختلف يعلون مع أغلب أعضاء حزبه وحكومته، بمن فيهم نتنياهو، وربما أيضا مع أغلبية الجمهور الإسرائيلي. وليس صدفة أنه رغم اعتذاره الشخصي لكيري أصر على ترداد الموقف السياسي ذاته في خطاب عام. فقد أعاد تأكيد رفضه للخطة الأمنية الأميركية التي عرضها كيري والجنرال ألان مشددا على أن الأجهزة الالكترونية “ليست بديلا عن التواجد الجسدي لجنود الجيش الاسرائيلي. غور الاردن حيوي لامن اسرائيل ولا يمكننا أن نوافق على أن يكون طرف ثالث هناك بدلا منا. الامن في غور الاردن يجب أن يبقى في ايدينا طوال الوقت”. وعارض أساس الموقف الأميركي معتبرا أن القضية الفلسطينية ليست لب الصراع في الشرق الأوسط وإنما تحلل الأطر الوطنية التي فرضت بعد الحرب العالمية الأولى.
وفي كل حال فإن قسما كبيرا من وزراء حكومة نتنياهو وأعضاء الكنيست من الليكود يشاركون كيري رأيه الشخصي في كيري والقيادة الأميركية. ولكن الأهم أن هؤلاء وأولهم رئيس الحكومة لا يقلون استعدادا لوضع العراقيل أمام التسوية مع الفلسطينيين عن يعلون بل وينافسونه في ذلك. ومؤخرا أضاف نتنياهو إلى الكتل الاستيطانية الثلاث المعروفة التي تطالب إسرائيل بضمها إليها في أي حل سياسي مع السلطة الفلسطينية كتلة استيطانية رابعة. وإذا لم يكن لذلك معنى فإنه إعادة فتح للأوراق من جديد تضاف إلى المحاولة المدوية التي أقدم عليها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان عندما هدد بعدم الموافقة على أي حل لا يتضمن نقل السكان في المثلث ووادي عارة إلى السلطة الفلسطينية.
ولا يقل أهمية عن ذلك أن في إسرائيل مدرسة باتت تناهض السياسة الأميركية في المنطقة وترى فيها عنوانا للتخاذل والتراجع مما يترك أثرا مدمرا. تكفي فقط قراءة مقال زلمان شوفال، وهو مستشار لنتنياهو وسفير سابق في أميركا، في “إسرائيل اليوم” يعتبر فيها إدارة أوباما راعية للمصالح الإيرانية في المنطقة حتى إذا لم تكن تقصد ذلك.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2178461

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2178461 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40