الجمعة 31 كانون الثاني (يناير) 2014

المفاوضات وآخر “حمامات السلام”

الجمعة 31 كانون الثاني (يناير) 2014 par عوني صادق

إحدى الأكاذيب الكبرى التي يتمسك بها قادة الكيان الصهيوني، كتمسكهم بأكاذيب “أرض إسرائيل” و“الشعب اليهودي”، أكذوبة “سعيهم الدائم” للسلام . ولترويجها كثرت لديهم “حمامات السلام”، حتى أصبح من الصعب على الباحث معرفة من الذي أشعل الحروب التي شهدتها المنطقة منذ قيام هذا الكيان . وقبل أيام توفيت واحدة من تلك “الحمامات”، مؤسسة وزعيمة حزب (ميرتس)، الوزيرة السابقة شولاميت ألوني . وقد نعاها في صحيفة (هآرتس- 26/1/2014) “داعية سلام” آخر، هو جدعون ليفي الذي وضع لمقاله عنواناً رأى أنها تستحقه: “بطلة من هذا الزمان”، فأطنب في مدحها، وقال إنها كانت “تحلم بمجتمع مساواة، وعلمانية وديمقراطية” . لكن لم يفته أن يصفها بعبارة كانت الأصدق في مقاله فقال: “يمكن أن يقال فيها إنها كانت”إسرائيلية“وصهيونية خالصة، لم يوجد من هو أقوى شعوراً وطنياً منها”!
تلك هي أهم صفات دعاة السلام وحمائمه في الكيان الصهيوني . فمهما كان الواحد منهم عاشقاً للسلام يظل “صهيونياً خالصاً”! ولكن هل يستطيع المرء أن يفهم كيف يمكن أن تجتمع، أو أن تتجاور، الصهيونية والسلام، بعد أن أصبح معنى الصهيونية والصهاينة معروفاً حتى لكثير من اليهود؟ إن ما يسمى “اليسار الصهيوني”، أو ما بقي منه، خير برهان على ذلك . فمنذ قيام الكيان وحكم “المعراخ” وبن غوريون، إلى “حزب العمل” وشمعون بيريز وإسحق رابين، وصولاً إلى إيهود باراك وهيرتسوغ، مروراً بحزب (ميرتس) وشولاميت ألوني ويوسي ساريد وتحالفاته، ظل هذا “اليسار” إما قائداً لمشروع الاغتصاب ثم الاحتلال والاستيطان، وإما تابعاً وفي خدمة اليمين واليمين المتطرف الصهيوني منذ مناحيم بيغن، وصولاً إلى بنيامين نتنياهو، مروراً بأرييل شارون وإيهود أولمرت .
وعندما ترك مجرم الحرب، أرييل شارون حزب (الليكود) وشكل حزب (كاديما)، أصبح هو “حمامة السلام” الجديدة، ثم خلفه أولمرت الذي كان الكثيرون يعتبرونه من “حمامات” الليكود قبل أن يشكل شارون حزبه الجديد . وانتهى “اللقب” إلى عميلة الموساد، المكلفة بملف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، تسيبي ليفني، على هذا الأساس! وتحت قيادتها للوفد “الإسرائيلي” المفاوض، توسع الاستيطان وتسارعت عمليات التهويد، وأضيفت مطالب لم تكن موجودة أصلاً على أجندة المفاوضات! وفي كلمته في اجتماع “لجنة القدس” الأخير في مراكش، حذر الرئيس محمود عباس مما وصلت إليه الممارسات والمواقف “الإسرائيلية” بقوله: “في الوقت الذي نؤكد تمسكنا بمتطلبات الحل العادل، تواصل سلطات الاحتلال ارتكاب الممارسات واتخاذ المواقف التي تهدف لإفشال الجهود السلمية وتعزيز احتلال الأرض الفلسطينية، الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة على فرص السلام وعلى الاستقرار في المنطقة”!
أما ليفني، “أمل السلام” الأخير، فلم يكفها ما يصدر عن نتنياهو وليبرمان وبينيت ويعلون، وباقي القائمة ممن لهم في الكيان “المسالم” فرصة الإدلاء بتصريح، وكلها ضد “السلام”، فكان لا بد أن تدلي بدلوها، فظهرت في مقابلة مع التلفزيون “الإسرائيلي” لتقول: “لا يجوز للفلسطينيين إيهام أنفسهم، وعليهم أن يعلموا علم اليقين أن”إسرائيل“لن تتخلى عن مصالحها الحيوية والوجودية بسبب تهديدات بالمقاطعة أو إشعال انتفاضة ثالثة”! وبالرغم من “الإشادات” التي كان حصل عليها الرئيس عباس من مسؤولين “إسرائيليين”، وأمريكيين ومن العالم، حول جدية سعيه لاتفاق مع الحكومة “الإسرائيلية”، إلا أن ليفني توعدت الرئيس وحذرته من دفع “ثمن باهظ” إن ظل متمسكاً بمواقفه التي قالت فيها: “إنه يعرض مواقف لا يمكن قبولها لا من قبلنا ولا من قبل العالم”! وأضافت: “إن أبو مازن يرفض الاعتراف بيهودية”إسرائيل“، وفي حال تمسكه بموقفه هذا سوف يدفع ثمناً باهظاً”!!
كثيرون اعتقدوا في حينه، أن ضعف حزب (العمل) ثم تفتته، لم يترك في الساحة “الإسرائيلية” إلا اليمين واليمين المتطرف . وعندما وقع شارون في غيبوبته، وجاء أولمرت، وكانت ليفني تشغل منصب وزير الخارجية، استبشر البعض خيراً، وزاد تفاؤلهم عندما تولت زعامة (كاديما) . وانتكست آمالهم عندما فشل حزبها (الحركة) في الانتخابات الأخيرة، لكنها أعادت لهم التفاؤل عندما ثبتها نتنياهو في حكومته مسؤولة عن ملف المفاوضات، باعتبارها “حمامة السلام” الأخيرة في طاقم الحكام الصهاينة! لكن مواقف الوفد الذي تترأسه في المفاوضات، مضافاً إليها تصريحاتها الأخيرة، لا بد أنها أصابتهم بنكسة جديدة .
ينسى البعض أن الكيان الصهيوني قام على الاغتصاب والعدوان، والسلام الحقيقي لا يقوم عليهما . وإذا توقفت العمليات العسكرية لأن عدواناً نجح، فلا يعني أن سلاماً قد تحقق، بل استسلاماً فرض . وهذا الكيان العدواني يعتقد أكثر من أي وقت مضى أنه منتصر، وأن الوضع الفلسطيني، وكذلك الوضع العربي، يسمحان له بالاستمرار في عدوانه بطرق مختلفة، ويبرر له عدم التنازل عن شيء حققته له عدواناته السابقة . لذلك ليس من أمل في أن تنجح معه أية مفاوضات يقبل الدخول فيها، أو تفرض عليه، ويتوجب عليه فيها التنازل عن شي تحت يديه وسيطرته . فكيف إذا كان “الوسيط” في هذه المفاوضات يتبنى مزاعمه وادعاءاته؟!
في افتتاحيتها يوم 13-1-،2014 وبعد تصريحات جديدة لنتنياهو حول القدس والمستوطنات وموضوع “يهودية”إسرائيل“”، قالت هيئة تحرير (هآرتس): “إن سلوك وإعلانات رئيس الوزراء (نتنياهو) تعزز الانطباع بأن اتفاق السلام ليس هو الذي أمام ناظريه، بل الجهد المطلوب للتملص منه بشكل- محترم- لا يلقي على”إسرائيل“الذنب في إحباطه”! ولا شك في أن ليفني تجهد وتساعده على تحقيق ذلك!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165814

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165814 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010