السبت 1 شباط (فبراير) 2014

التونسية :» تحقيقات يهود جربة (لن نرحل مهما كانت الإغراءات...)

السبت 1 شباط (فبراير) 2014

تعتبر بلادنا من بين أكثر دول المنطقة استقرارا وتعد نموذجا للتسامح والتعايش بين مختلف معتنقي الديانات السماوية والثقافات المكونة للنسيج الاجتماعي التونسي وتتجسد هذه الصورة في جزيرة جربة التي تحوي اكثر من 1200 يهودي تونسي يعيشون في احياء مشتركة مع المسلمين, ولا يكاد المرء يميّزهم عن المسلمين من فرط تشابه الطرفين في حياتهما اليومية.

و عندما تتجول في الحي الكبير بحومة السوق فانك لا تفرق بين المسلمين واليهود الا بـ«الكبّوس» الصغير الذي يضعه ابناء الطائفة اليهودية على رؤوسهم وايضا ببعض الرسوم الموجودة على واجهات منازلهم, اضافة الى الزينة والنقوش على الابواب التي لا تختلف عن أبواب كل بيوت «الجرابة» والتي يعتقدون أنها تزيل العين والحسد .

و ما يلاحظه الزائر خلال تجوّله بالحي اليهودي الذي تقطنه أقلية مسلمة هو التشابه الكبير في حياة اليهود والمسلمين, ممّا يعكس سمة التسامح والتعايش السلمي بين الطرفين, كما يوجد «جامع» بالحي اليهودي يؤمه المسلمون لاداء فريضة الصلاة في جو من الطمأنينة والتسامح, ويحتوي ايضا على مدرسة لتعليم صغار اليهود شبيهة بالمدارس القرآنية لدى المسلمين, وما يلاحظ ايضا هو ان اغلب محلات اليهود تترك مفتوحة ولا يتم اغلاقها عند مغادرة اصحابها لقضاء حاجاتهم...
و من عادات وتقاليد يهود جربة إحياء «الشاباط» (يوم السبت) وهو يوم لا يطبخون فيه ولا يشعلون النار ولا الكهرباء ولا يتعاملون مع الآلات الالكترونية أو الكهربائية ويكون ذلك انطلاقا من مساء الجمعة إلى غاية فجر الأحد ويخصّصون كامل يوم السبت للصلاة.

- حواجز أمنية لحماية معبد «الغريبة»

و تحتوي جربة على «معبد الغريبة» وهو كنيس يهودي يقع في منطقة حومة السوق وتحديدا بحي «الرياض»,اين يتمركز عدد من اعوان الشرطة مشكلين حاجزا أمنيا لحماية المعبد من أي تجاوز أو إخلال.
و يطلب أعوان الأمن من جميع الزائرين الاستظهار بهوياتهم للتثبت منها وتسجيل أرقامها في مجلد خاص بالقادمين لزيارة المعبد, وبعد ذلك يقع فحص الحقائب وتفتيش الأشخاص آليا, وعند انتهاء الإجراءات الأمنية الروتينية, يسمح للزائر بدخول المعبد الذي وضعت على بوابته معلقة تذكارية لضحايا ما اسموه الاعتداء الارهابي سنة 2002 .
و يتوافد عدد كبير من السياح على المعبد اليهودي الذي يحتوي على مخطوطات قديمة ونقوش باللغة العبرية تعود الى مئات السنين ويضم واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم حسب كلام بعض السوّاح, لاقامة شعائرهم الدينية والتبرك والتقرب من الله .
وقبل دخول المعبد يطلب من الزائر ارتداء لباس محتشم ونزع حذائه للحفاظ على المكان المقدّس, ويقوم احد حراس المعبد وهو مسلم بتقديم اغطية للرأس للزائرات والشاشية للرجال.
«الأمن يخدم على روحو وموش مقصّر»
وفي هذا الإطار أكّد «خذير حنيا» المسؤول عن معبد الغريبة أنّ يهود جربة لا يعانون من أيّ ميز مثلما ذهب الى ذلك البعض ولاحظ أنهم «يعيشون في امن وسلام وسط إخوتهم المسلمين», مقللا من شأن ما يروجه البعض عن التهديدات الارهابية التي يمكنها ان تطال الحي اليهودي, وأشاد بالدور الكبير الذي تلعبه الاجهزة الامنية في جزيرة جربة والتي تعمل ليلا ونهارا على ضبط الامن بجزيرة الاحلام وحماية المنشآت والمقرات اليهودية, قائلا: «الامن يخدم على روحو وموش مقصّر... لقد تحسنت الاجراءات الامنية اكثر من ذي قبل وقد لمسنا ارتياحا في صفوف السياح القادمين لزيارة المعبد ونحن نشكر الاجهزة الامنية على هذا المجهود الكبير...».
وعن اهم مطالب الجالية اليهودية قال حنيا: «نطالب السلط المعنية بضرورة دعم السياحة حتى يستعيد الاقتصاد عافيته ونتجاوز الأزمة التي ترزح تحتها بلادنا... يجب تشجيع السياح على زيارة تونس وتلميع صورة بلادنا التي التصقت بها عديد الشوائب ...».
وأوضح حنيا أن الموارد المالية للمعبد تتأتى من التبرعات التي يقدمها الزائرون مضيفا ان الدولة لا تتبرع إلا بالقليل, معلقا: «هناك شيوخ يأتون كل يوم لترتيل التوراة صباحا ومساء ...».
وتمنّى حنيا عاما سعيدا للشعب التونسي ورجا أن تتجاوز تونس أزمتها وتستعيد مكانتها المرموقة.

- لن نهاجر إلى« اسرئيل»

و بخصوص دعوة وزيرة الهجرة الإسرائيلية الجالية اليهودية لمغادرة تونس بعد الثورة، وحثهم على العودة إلى إسرائيل مقابل حصولهم على تعويضات مالية ضخمة, أوضح حنيا ان هذه الدعوة لم تجد آذانا صاغية في صفوف يهود جربة المتشبّثين ببلادهم تونس ويعتزون بالانتماء لها,مضيفا ان الجالية اليهودية بجربة لن تغادر تونس ولن تهاجر الى اسرائيل مهما قدمت لها من اغراءات, قائلا: «هذه أرضنا ولن نغادر تونس...أنا مثلا أرفض بشكل قطعي مغادرة جربة وعندما تأتينا دعوة لزيارة احد الاماكن فانني ارسل زوجتي واطفالي مكاني حتى يتسنى لي البقاء والاعتناء بالمعبد... أنه جزء من حياتي...صحيح ان هناك عددا من الشباب اليهودي غادروا جربة باتجاه الدول الاوروبية لا لشيء وإنما للبحث عن مورد رزق او فرصة عمل باعتبارهم يعانون من البطالة...».
وقد انتقد احد يهود جربة الذي التقيناه في الحي الكبير الدعوة الاسرائيلية مؤكدا أن أبناء الطائفة اليهودية ولدوا بجربة وسيموتون فيها, معلقا: «جربة هي مسقط راسي وهي جزء مني...لا أفكر في مغادرة بلدي...».

- الحادث الإرهابي: شاحنة غاز انفجرت وانتهت الحكاية

و بخصوص الحادث الذي جد سنة 2002 على مقربة من المعبد اليهودي والذي أوقع عددا من الضحايا, أكد حنيا الذي لم يشأ الخوض في تفاصيل الحادثة التي وصفها الكثيرون بالاعتداء الارهابي, انه مجرد حادث مر وانتهى الامر, قائلا: «مجرّد شاحنة غاز انفجرت وانتهت الحكاية...مشات على روحها...».
وأبرز «خذير حنيا» ان اخلاق المسلمين بالجزيرة راقية جدا وانه لا يفرق بينهم وبين اليهود, مضيفا ان علاقات صداقة وحب واحترام متبادل تجمع بين الطرفين وأنّ المعبد يفتح ابوابه امام جميع الزوّار من معتنقي الديانات الأخرى.

*منتصر الاسودي



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2181925

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2181925 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40