الجمعة 7 شباط (فبراير) 2014

روحاني والفرصة الضائعة

بقلم:بولنت أراس
الجمعة 7 شباط (فبراير) 2014

يبدو أن الهجوم الساحر الذي شنه الرئيس الإيراني حسن روحاني قد فقد مفعوله . كان ذلك الهجوم الساحر ناجحاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، عندما كان لديه شيء ملموس يقدمه التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج بلاده النووي لتعظيم الآمال في انحسار موقف إيران المتشدد في التعامل مع السياسة الخارجية أخيراً . ولكن قرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بسحب الدعوة التي وجهها إلى إيران لحضور مؤتمر جنيف الثاني بشأن سوريا يشير إلى أن روحاني سوف يحتاج إلى ما هو أكثر من السحر أو حتى قيام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بزيارة إلى طهران لإنهاء عزلة بلاده .
كان روحاني ناجحاً إلى حد كبير في تحويل زعامة سلفه محمود أحمدي نجاد الصماء غير المميزة إلى ذكرى من الماضي . وقد دعمت المؤسسة الإيرانية محاولاته لفتح البلاد أمام جيرانها الإقليميين، ومغازلة الاستثمارات الأجنبية، والدعوة إلى الاعتدال في الأمور المتعلقة بالدين والثقافة، بل وحتى متابعة الاتفاق النووي مع الغرب .
الواقع أن الاتفاق النووي الذي يبدو على وشك الانتهاء من المرجح أن يكون الإنجاز الدبلوماسي الأكثر أهمية لإيران منذ الثورة الإسلامية في عام ،1979 والذي من شأنه أن يخفف عنها الكثير من الضغوط على الصعيدين الداخلي والدولي . والواقع أن دعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي شخصياً لهذه الجهود يجعلها أكثر تبشيراً .
ورغم هذا، فإن تقارب النظام المحتمل مع الولايات المتحدة يظل يشكل مصدراً للقلق في الشرق الأوسط، لأنه يعني تمكن إيران في وقت تفك الولايات المتحدة ارتباطها بالمنطقة تدريجياً . والسؤال الآن هو ما إذا كان اعتدال روحاني في التعامل مع الغرب سوف يكون مصحوباً بتغيير في سياسة إيران تجاه الشرق الأوسط، مع تركيز كل الأطراف على سياستها تجاه سوريا بشكل خاص .
الواقع أن بان كي مون ألغى الدعوة التي وجهها إلى إيران لحضور مؤتمر جنيف الثاني تحت ضغط من الولايات المتحدة والمعارضة السورية . فمنذ بدأت الحرب الأهلية في عام ،2011 قدمت إيران الدعم المالي والعسكري الضروري لنظام الرئيس السوري بشار الأسد .
وأياً كانت مخاوف المعارضة إزاء الولاءات الإيرانية، فلا شك أن البلاد تشكل جزءاً من المعادلة السورية، والواقع أن مشاركتها أمر بالغ الأهمية للتوصل إلى أي اتفاق . ولكن فشل روحاني في الإدلاء ببيان حاسم بشأن سوريا حتى بعد سلسلة من الصور المسربة عن التعذيب المنهجي والمجزرة التي أثارت حفيظة المجتمع الدولي لم يساعد في دعم حجة الحرص على مشاركة إيران .
وقد سنحت الفرصة لروحاني مؤخراً لمناقشة موقف إيران، ولكنه أهدر هذه الفرصة في خطابه أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، فأصرّ على التعبير بشكل غير سوي عن حاجة الحكومات في المنطقة إلى الإنصات إلى مواطنيها و“تزويد الشباب بالوظائف والأمل” . وفي ما يتصل بموضوع الحكام المستبدين، لم يقدم روحاني سوى ملاحظة حميدة مفادها أنهم يفتقرون إلى القدرة على التواصل مع شعوبهم وفهم مطالبها واحتياجاتها .
وبرغم إيجابية خطاب روحاني في الآونة الأخيرة فإنه أقل كثيراً من التوقعات التي حركتها دبلوماسيته منذ خطابه في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي . وفي دافوس، توقع العالم بياناً قوياً حاسماً بشأن سوريا وغير ذلك من المشاكل الإقليمية وليس الخطاب القومي عن الكف عن “التحيز” ضد إيران .
ولابد أن روحاني أدرك أن فشله في معالجة الكارثة الإنسانية في سوريا من شأنه أن يدمر استراتيجيته الدبلوماسية، وهو ما يشير إلى أن السبب الذي دفعه إلى هذا كان قوياً . وهناك احتمالان بارزان: فإما أنه لا يوجد إجماع داخل دوائر النخبة الإيرانية على تغيير السياسات، أو أن النخبة لا تزال موحدة في إصرارها على الاستمرار في دعم الأسد . وكل من الاحتمالين مثير للقلق بشكل خاص، وهو ما من شأنه أن يفسر لماذا فَضل روحاني التعتيم على موقف بلاده .
من المؤكد أن زيارة أردوغان إلى طهران هذا الأسبوع من الممكن أن تساعد على نزع فتيل التوتر بشأن سوريا، وهو الأمر الذي تتعارض وجهات النظر الإيرانية والتركية بشأنه بشكل كبير . ولكنها من غير المرجح أن تنجح في تخفيف الانقسامات بين النخبة في إيران، ناهيك عن إقناع المتشددين بالتوقف عن دعم الأسد، الأمر الذي يجعل مدى أهمية الزيارة غير مؤكد في أفضل تقدير .
وبرفضه اتخاذ أي موقف قوي بشأن سوريا، فإن روحاني مثله في ذلك كمثل العديد من زعماء العالم يضع بهذا مصالحه الخاصة فوق مصالح 3 .2 مليون لاجئ سوري مسجل، وملايين آخرين من النازحين داخلياً، وما يقدر بنحو 130 ألف قتيل، وبقية سكان سوريا الذين طال أمد عذابهم ومعاناتهم . والأمر الأسوأ من هذا هو أنه رفض الاعتراف بالدور الذي تلعبه إيران في المأساة . ولعله عندما قال في دافوس “لا يمكننا أن ننظر بعدم اكتراث لآلام ومعاناة إخواننا في المنطقة”، كان يشير أيضاً إلى نظام الأسد وشركائه في الجريمة .
إن ما تحتاج إليه سوريا الآن ليس الخطابة أو الكاريزما، بل تحتاج إلى العمل . ويبدو أن إيران غير قادرة على تلبية هذا الاحتياج . ولهذا السبب، فإن هجوم روحاني الساحر لن يكون كافياً لإقناع خصوم إيران بأن الجمهورية الإسلامية جاهزة للخروج من عزلتها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2177815

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177815 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40